جيمس فريزر
جيمس جورج فريزر (بالإنجليزية: James George Frazer) أخد لقب سير (Sir)، (ولد في جلاسجو، اسكتلندا، 1 يناير سنة 1854- توفى في جلاسجو، اسكتلندا 7 مايو سنة 1941 م). عالم اسكتلندي كبير متخصّص في علم الإنسان (أنثروبولوجيا).
ألف كتابه المشهور والضخم «الغصن الذهبي» (The Golden Bough) (1890)، وهو عبارة عن دراسه في السحر والدين، وتتبّع فيه تطور أديان العالم. وضح فيه إن كثير من الاساطير الدينية والشعائر الدينية أصلها منذ أيام ظهور الزراعة في عصر ما قبل التاريخ. وإن التطور العقلي البشري مر بثلاث مراحل: السحر البدائي، والدين، والعلم. ترك كتابه «الغصن الذهبي» أثرًا بارزًا على تطور الآداب الأوروبية الحديثة. كما أن أثر الكتاب انتقل إلى لغات أخرى بعد ترجمته، ومنها اللغة العربية، حيث ترجم الكاتب الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا أحد أجزائه في الخمسينيات من القرن العشرين.كما ترجم هذا الكتاب إلى اللغة العربية، انظر جيمس فريزر، الغصن الذهبى، دارسة فى السحر والدين، الجزء الأول، ترجمة محمد أحمد غالى ونور شريف وأحمد أبو زيد، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1971. ويعد أحمد أبو زيد لإصدار بقية الكتاب فى جزء ثان. (المحرر)
من كتبه المهمة الأخرى: «الطوطمية والزواج بغير ذوي القربى» Totemism and Exogamy و «الطوطمية» Totemism عن نظام الطوطم في المجتمعات البدائية. كتب بطريقه أدبيه شيقه. مؤلفاته كان لها اثر كبير في تطور علم الانثروبولوجيا وعلى العالم النفسي الكبير فرويد الذي ألف كتاب «طوطم وطابو». وكتب أيضًا «الفن الشعبي في السفر القديم»؛ «انحرافات في نمو المؤسسات»؛ «مجموعة مختارات أدبية خاصة بعلم الإنسان».
حياته
ولد فريزر في جلاسجو، وتعلم في جامعة جلاسجو باسكتلندا، ثم جاء إلى جامعة كمبردج لإجراء بحث فى عام 1879، وظل فيها بقية حياته العملية الطويلة.، وكان مدرّسًا لعلم الإنسان الاجتماعي في جامعة ليفربول في إنجلترا. تلقى فريزر تعليمه الجامعى الأساسى فى ميدان الدراسات الكلاسيكية، و لكنه اتجه إلى ميدان الأنثروبولوجيا المقارنة تحت تأثير أعمال روبرتسون سميث، وإدوارد بيرنيت تايلور Taylor، بالرغم من أن بحوثهم تلك كانت قائمة على أعمال الرحالة وليس على بحوث ميدانية، كما كان تركيزها الأساسى ينصب على الدين وأنساق المعتقدات.
عمله
أضاف فريزر دراسة الأسطورة والدين إلى مجالات خبرته. لم يسافر فريزر على نطاق واسع، باستثناء زيارته إلى إيطاليا واليونان. اعتمد فريزر على السجلات التاريخية القديمة والاستبيانات المُرسلة إلى المبشّرين والمسؤولين الإمبراطوريين في جميع أنحاء العالم، باعتبارها مصادره الأساسية لجمع البيانات. بدأ اهتمام فريزر بالأنثروبولوجيا الاجتماعية بعد قراءته لكتاب إدوارد بيرنت تايلور الثقافة البدائية (1871) وتشجيع صديقه الباحث في الكتاب المقدّس ويليام روبرتسون سميث له؛ الذي كان يعمل على مقارنة عناصر العهد القديم مع الفلكلور العبري المبكر.
ولقد ذاعت شهرة فريزر فى أثناء حياته، بسبب كتابه الغصن الذهبى، الذى صدر عام 1890 فى مجلدات متعددة وأقبل عليه القراء إقبالا هائلا. وهو الكتاب الذى درس فيه معنى القربان المقدس، مقدماً أمثلة مختلفة من الإثنوجرافيا والميثولوجيا، والفولكلور، والكتاب المقدس. ولقد استند إلى الاتجاه التطورى فى تأسيس دعواه أنه اكتشف التاريخ الفكرى للمجتمعات البشرية، التى تتطور من السحر، مروراً بالدين حتى العلم. ولقد نظر إلى العلم على أنه عودة إلى الأساليب السحرية والمنطق ولكن باستخدام الفروض الصحيحة (التى تختبر إمبيريقيا) والمناهج الصحيحة. و لقد قيل أن الشعبية الواسعة التى حظى بها عمله ترجع إلى ما تضمنه هذا العمل من أن المسيحية هى مجرد صورة من السحر، وهى فكرة ارتبطت بالفلسفة العقلانية الصاعدة (فى هذا الوقت). وقلما يرجع أحد الآن إلى كتبه، بالرغم من الاعتراف بأن أعماله قد أثرت - فيما بعد — على النشاط الإثنوجرافى ونشطته على مستوى العالم أجمع.
اعتُبر فريزر أول العلماء الذين وصفوا العلاقات بين الأساطير والطقوس بالتفصيل. لم تؤكّد الدراسات الميدانية رؤيته فيما يتعلّق بالتضحية السنوية للملك المقدّس. وعلى الرغم من ذلك، أصدر فريزر دراسة الغصن الذهبي التي بحث فيها في مجال العقائد والطقوس والأساطير وأوجه الشبه بينهم في المسيحية المبكّرة؛ بحث جامعو الأساطير الحديثين في هذه الدراسة على مدى عدّة قرون بسبب احتواءها على معلومات تفصيلية.
نُشرت الطبعة الأولى من دراسته في عام 1890، إذ كانت مكوّنة من مجلّدين؛ بينما نُشرت الطبعة الثانية في عام 1900، واحتوت ثلاثة مجلّدات. انتهى العمل على الطبعة الثالثة في عام 1915، إذ تكوّنت من 12 مجلدًا قبل أن يُضاف المجلد الثالث عشر المكمّل في عام 1936. نُشرت طبعةً مختصرةً مؤلّفةً من مجلد واحد في عام 1922، إذ أعدّت هذه الطبعة زوجته ليدي فريزر مستبعدةً بعض المعلومات المثيرة للجدل حول المسيحية. تجاوز تأثير عمله الحدود التقليدية للأوساط الأكاديمية، إذ ألهم الأعمال الجديدة للعديد من علماء النفس والأطباء النفسيين. استشهد مؤسس مدرسة التحليل النفسي سيغموند فرويد بالطوطمية والزواج الخارجي مرارًا وتكرارًا في كتابه الطوطم والتابو: التشابه بين الواقع النفسي للبدائيين والعصابيين.
استطاع فريزر جذب أجيال من الفنانين والشعراء من خلال فكرته المتعلّقة بدورة الحياة الرمزية والموت والانبعاث؛ الفكرة التي تكهّن بها بعد دراسته لأساطير العديد من الشعوب. ولعل أبرز نتائج هذا الانجذاب هي قصيدة ت. س. إليوت الأرض اليباب (1922).
أنتقد باحثو أواخر القرن العشرين أعمال فريزر الرائدة. على سبيل المثال، كتب عالم الأنثروبولوجيا الاجتماعية إدموند ليتش سلسلةً من المقالات النقدية خلال ثمانينيات القرن المنصرم، إذ نُشرت أبرزها في مجلّة الأنثروبولوجيا اليوم ضمن المجلّد الأول (1958). انتقد ليتش الغصن الذهبي بسبب احتواءه على المقارنات واسعة النطاق مستمدّة من ثقافات متباعدة. استند ليتش في أغلب تعليقاته على طبعة فريزر المختصرة، التي لا تشير إلى التفاصيل الأثرية الداعمة لكلامه. كتب جاي. دي. هاوكنز مراجعةً إيجابيةً لكتاب ركّز بشكل خاص على العبادة في مدينة حريك الحيثية، إذ علّق قائلًا في عام 1973: «إنّ العمل برمّته منهجي للغاية، ومتقيّد بالأدلة الوثائقية المذكورة تقيّدًا وثيقًا؛ الأمر الذي لم يكن مألوفًا لدى السير الراحل جيمس فريزر». وفي الآونة الأخيرة، تعرّض الغصن الذهبي لانتقادات تزعم احتواءه على ما يُقال بأنها عناصر إمبريالية ومعادية للكاثوليكية وطبقية وعنصرية، بما في ذلك افتراضات فريزر القائلة بتمثيل كل من الفلاحين الأوروبيين والأستراليين الأصليين والأفريقيين للمراحل المتحجّرة والمبكّرة من التطور الثقافي.
يُعتبر تعقيب فريزر على وصف المسافر اليوناني باوسانياس لليونان في منتصف القرن الثاني الميلادي أحد أعمال فريزر الهامة، إذ تضمّن تعقيبه هذا ستّة مجلدات. أضافت الحفريات الأثرية الكثير إلى معرفتنا حول اليونان القديمة منذ زمن فريزر؛ إلا أن العلماء مازالوا يعتقدون بأهمية مناقشاته التاريخية والطبوغرافية المفصّلة لمواقع مختلفة، بالإضافة إلى إفادات شهود عيان القرن التاسع عشر في اليونان التي تكلّم عنها.