جورج إدوارد مور
جورج إدوارد مور (بالإنجليزية: George Edward Moore) فيلسوف بريطاني أثر في كثير من الفلاسفة البريطانيين المعاصرين. دافع عن نظريات الفِطرة السليمة وشجع على دراسة اللغة العادية أداة للفلسفة.
فلسفته
فلسفة الأخلاق
شكّل عمله المؤثر «أصول الأخلاق» أحد عناصر الإلهام الرئيسة للحركة المعادية للطبيعانية الأخلاقية، وهو مسؤول جزئيًا عن اهتمام القرن العشرين بالأخلاقيات الفوقية.
مغالطة المذهب الطبيعي
أكد مور في مغالطة المذهب الطبيعي إمكانية الخلط بين استخدام المصطلح في حجة معينة ما وبين تعريف هذا المصطلح (في جميع الحجج). على سبيل المثال: قد تزعم حجة أخلاقية ما أن امتلاك الشيء لخصائص معينة يجعل منه «جيدًا»، فقد يقول أحد أتباع مذهب اللذة أن الأشياء «الممتعة» هي أشياء «خيّرة»، بينما يقول منظرون آخرون بأن الأشياء «المعقدة» هي أشياء «خيّرة». يرى مور أن صحة هذه الحجج لا يمكنها تعريف مصطلح الشيء «الخيّر»؛ إذ لا يمكن لصفة «الخيّر» أن تُعرَّف، وإنما أن تثبت وتدرك، وأي محاولة لتعريف الصفة أو المصطلح بالطريقة التالية: «X خيّرة إذا كانت تحتوي على الخاصية Y» ستؤدي ببساطة إلى تغيير المشكلة للسؤال التالي: «لماذا تكون تلك الخاصية خيّرة في المقام الأول؟».
حجة السؤال المفتوح
غالبًا ما تسمى حجة مور حول عدم إمكانية تعريف مصطلح «الخيّر» بهذه الطريقة (وبالتالي مدى مغالطة «المغالطة الطبيعية») بحجة السؤال المفتوح، وهو ما ذكره في الفصل الثالث عشر من كتابه أصول الأخلاق. تعتمد الحجة على طبيعة عبارات مثل «أي شيء ممتع هو أمر خيّر أيضًا» وعلى إمكانية طرح أسئلة مثل: «هل من الخيّر أن يكون x ممتعًا؟». يرى مور أن هذه الأسئلة «مفتوحة» وأن هذه العبارات «مهمة»، وستبقى كذلك إذا استبدلنا خاصية «المتعة». خلُصَ مور من هذا أن أي تحليل للقيمة لا بد أن يفشل. وبمعنى آخر، إذا كان من الممكن تحليل القيمة، فإن مثل هذه الأسئلة والبيانات ستكون طبيعية وواضحة، وبما أنها ليست طبيعية وواضحة، يجب أن تكون القيمة غير مُعرَّفة.
يزعم منتقدو حجج مور أنه يناشد الألغاز العامة المتعلقة بالتحليل (معضلة التحليل)، بدلًا من الكشف عن أي شيء مميز حول القيمة. تعتمد الحجة بوضوح على افتراض أنه إذا كان «الخيّر» قابلًا للتعريف، فإنه سيكون حقيقة تحليلية أو منطقية، وهو افتراض يرفضه العديد من الواقعيين الأخلاقيين المعاصرين مثل ريتشارد بويد وبيتر رايلتون. تناشد ردود أخرى التمييز الذي خرج بين جوتلوب فريجه بين المعنى والمرجعية الذي يسمح بأن تكون مفاهيم القيمة خاصة وفريدة من نوعها، لكن يؤكد على أن خصائص القيمة ليست سوى خواص طبيعية (تشبه هذه الاستراتيجية تلك التي اتخذها الماديون غير الاختزاليين من أتباع المذهب الفيزيائي في فلسفة العقل).
الخيّر مصطلح غير قابل للتعريف
يرى مور عدم إمكانية تحليل الخيّر وفقًا لخواص أو صفات أخرى، إذ كتب في أصول الأخلاق:
«قد تكون كل الأشياء الخيّرة أيضًا شيئًا آخر، تمامًا كما هو صحيح أن كل الأشياء الصفراء تنتج نوعًا معينًا من التموجات في الضوء. إنها حقيقة، أن الأخلاقيات تهدف إلى اكتشاف ما هي تلك الخصائص الأخرى التي تنتمي إلى كل الأشياء الخيّرة. اعتقد الكثير من الفلاسفة أن تسميتهم لجميع تلك الأشياء تمكّنهم من تعريف مصطلح الخيّر، وأن هذه الخصائص -في الواقع- لم تكن ببساطة «أخرى» بل هي ما يُعرّف الخيّر تمامًا». (الفقرة 3 الفصل 10).
لذلك، لا يمكننا تعريف صفة «الخيّر» من خلال شرحها بمعنى آخر. يمكننا أن نشير فقط إلى عمل ما أو شيء ما بقولنا «هذا خيّر». وبالمثل، لا يمكننا أن نصف لشخص مولود أعمى تمامًا ما هو الأصفر. يمكننا فقط أن نظهر للشخص المبصر قطعة من الورق الأصفر أو قطعة قماش صفراء ونقول «هذا أصفر».
مصطلح الخيّر خاصية غير طبيعية
أكد مور أيضًا على أن مصطلح الخيّر خاصية غير طبيعية؛ أي لا يمكن اختباره تجريبيًا أو علميًا -فهو ليس ضمن حدود «العلوم الطبيعية».
المعرفة الأخلاقية
يقول مور إنه بمجرد التخلص من الحجج القائمة على المغالطة الطبيعية، لا يمكن حل مسائل الخير الجوهري إلا من خلال اللجوء إلى ما أسماه (بعد سيدجويك) «الحدس الأخلاقي»، وهو مقترحات بديهية تزكي نفسها بالتفكير الأخلاقي دون الإثبات المباشر أو التفنيد.
(الفصل 45 من أصول الأخلاق).
وبسبب وجهة نظره هذه، نسبه كتاب لاحقون إلى أنصار الحدسية الأخلاقية. ومع ذلك، أراد مور أن يميز وجهة نظره عن الآراء التي توصف عادة بأنها «حدسية» عندما كتب في أصول الأخلاق:
«في سبيل التعبير عن حقيقة أن المقترحات الأخلاقية التي تنتمي إلى صفي الأول [اقتراحات حول ما هو خيّر في حد ذاته] غير قابلة للإثبات أو التفنيد، تبعت سيدجويك في تسميتها بالبديهيات أو الحدسيات. لكنني أرجو عدم اعتباري «حدسيًا» بالمعنى العادي للكلمة. يبدو أن سيدجويك نفسه لم يكن يدرك تمامًا الأهمية الهائلة للفرق الذي يميز حدسيته -التي سميت عمومًا بهذا الاسم- عن الاعتقاد العام. يتّضح دور الحدس عبر إظهاره عدم إمكانية إثبات أو تفنيد مقترحات صفي الثاني [الافتراضات التي تؤكد صحة عمل ما أو وجوبه] عبر أي تحقيق في نتائج ذاك الفعل. أنا، على العكس من ذلك، حريص على عدم اعتبار المقترحات التي تنتمي لهذا النوع حدسيات، بقدر ما أنا حريص على اعتبار مقترحات الصف الأول حدسيات». (جورج إدوارد مور- أصول الأخلاق- المقدمة).
ميّز مور وجهة نظره عن وجهة نظر علماء حدس الأخلاق الواجبة الذين اعتقدوا بإمكانية تحديد الحدسيات لأسئلة حول الأفعال الصحيحة أو الواجبة. ومناصرًا للعواقبية، جادل مور بأن الواجبات والقواعد الأخلاقية يمكن تحديدها من خلال التحقيق في آثار أفعال أو أنواع معينة من الإجراءات (أصول الأخلاق- 89)، وبذلك كانت مسائل للتحقيق التجريبي لا حاجات مباشرة للحدس. (أصول الأخلاق- 90). لا يكشف الحدس -من وجهة نظر مور- عن صحة تصرفات معينة أو خطئها، بل فقط ما إذا كانت الأشياء جيدة في حد ذاتها باعتبارها غايات يجب متابعتها.
مور (جورج أدورد)
فيلسوف انجليزي معاصر، من مؤسي ما يعرف ب «الواقعية الجديدة» في انجلترة (الواقعية بالمعنى الافلاطوني) ولد في ٤ نوفمبر سنة ١٨٧٣ في إحدى ضواحي لندن وتدعى Upper Norwood من أسرة ميسورة الحال، وكان الابن الثالث للدكتور (الطبيب) د مور Moore •. ولما بلغ الثانية عشرة دخل مدرسة دلوتش Dulwich College لأمضى فيها عشر سنوات، إبانها اتقن الكلاسيكيات. وفي سن الثانية عشرة مر بتجربة دينية عميقة إذ صار من الغلاة في التدين وفي الدعوة إلى المسيحية، وشعر بأن من واجبه الوعظ بكلام يسوع وتوزيع المنشورات الدينية. لكن هذه التجربة أتت بعكس المراد منها، إذ ملأت نفسه بالاشمئزاز وبعدم الرغبة في الاستمرار في هذه التجربة . وربما كان في هذه التجربة التي استمرت قرابة عامين ونصف العام أثرها في فتور ايمانه الديني فيما بعد. وقبل أن يترك مدرسة دلوتش، وتحت تأثير مناقشاته مع أخيه الشاعر توماس استيرج مور، اتخذ موقف اللاأدرية agnosticism، وكانت نزعة اللاأدرية - أي عدم الاكتراث بالدين خصوصا - قد انتشرت في انجلترة في الربع الأخيرمن القرن التاسع عشر، وتقوم على أساس أنه لا يوجد دليل قاطع على وجود اله،كما لا يوجد دليل حاسم على عدم وجوده
وفي سنة ١٨٩٢ دخل مور كلية الثالوث في جامعة كمبردج طالبا يدرس الكلاسيكيات (الآداب اليونانية واللاتينية) لكنه في بداية السنة الثالثة غير دراسته إلى الفلسفة، وأتم دراسة الأخلاق في سنة ١٨٩٦ ، وعلى أساس البحث الذي كتبه في موضوع الاخلاق عند كنت انتخب في سنة ١٨٩٨ زميلا لمدة ست سنوات . (١٨٩٨-١٩٠٤ ) ، وفي أثناء هذه الفترة كان يجري منافشات عديدة مع برترند رسل،
Principia «وألف أول كتبه الرئيسية وهو ,مبادىء الأخلاق
Ethica ، وقدم عدة أبحاث إلى «الجمعية الأرسطية، (وكان قد اختير عضواً فيها) ونشر عدة مقالات
ولما انتهت زمالته في سنة ١٩٠٤ ترك جامعة كمبردج. وبفضل ما ورثه من ثروة استطاع الاستمرار في التفرغ للنشاط الفلسفي المحض. فكتب مقالات، وقدم أبحاناً، وقام بنقد الكتب، كها ألف كتاباً صغيراً بعنوان «علم الاخلاق» Elhics وألقى محاضرات في رتشموند.
وفي سنة ١٩١١ دعي إلى العوده إلى جاعة كمبردج مدرساً. فقام بالتدريس المنتظم في جامعة كمبردج من سنة ١٩١١ حتى سنة ١٩٢٥، وكانت محاضراته في علم النفس الفلسفي، وبعد ذلك في الميتافيزيقا.
وفي سنة ١٩٢٥ خلف جيمس وورد James Ward استاذاً للفلسفة العقلية والمنطق في جامعة كمبردج. وكان لمحاضراته ومؤلفاته تأثير كبير واسع في طلاب الفلسفة في كمبردج وسائر أنحاء بريطانيا.
ولما بلغ سن التقاعد في سنة ١٩٣٩ ترك التدريس في جامعة كمبردج لكنه استمر في نشاطه في كتابة المقالات وإعادة نشر مؤلفاته السابقة ■ وتوفي في كمبردج في ٢٤ أكتوبر سنة
١٩٥٨ بعد أن بلغ سن الخامسة والثمانين.
وقد تولى مور رئاسة تحرير المجلة الفلسفية المثهورة Mind من سنة ١٩٢١ إلى سنة ١٩٤٧. وأقام في أمريكا عامين أثناء الحرب العالمية الثانية لإلقاء محاضرات.
فلسفحه
جرت العادة بتقسيم تطور فلسفة مور إلى مرحلتين يفصلهها عام ١٩٠٣:
١ ٠ ففي أول بحث نشره، وعنوانه: «بأي معفى، إن كان هناك معنى، يوجد الماضي والمستقبل؟» (سنة ١٨٩٧)-يتفق مور مع برادلي، فيقرر أن الزمان غير موجود، وحاول إثبات ذلك مستخدماً منهج برادلي ومقدماتم، خصوصاً الاعتقاد في العلاقات الباطنة والكليات العينية والمبدأ القائل بالهوية بين الواقع والخلو من التناقض. ولماقيل له إن دعواه أن الزمان غير موجود هي دعوى تخالف الإدراك العام، أجاب مور بأن الإدراك العام common sense على خطأ
٢ - وفي بحثه بعنوان االحرية٠ (سنة ١٨٩٨) يظهرتأثره الشديد بكنت، خصوصاً بالعرض المتعالي والحقاتق التركيبية الضرورية. لكنه أخذ على كنت تصوره للحرية على أساس الإرادة - والإرادة تصور نفسافي - وقال إن الحرية ينبغي أن تفهم على أساس فكرة الحرية المتعالية، التي لا تدخل فيها العلاقات الزمانية وكان مور يعتقد بإمكان إدراك واتع يتجاوز الزمان والحواس.
٣ - وفي سنة ١٨٩٩ في مقال له بعنوان: طبيعة الحكم» اتخذ موقفاً ثالثاً ذلك أنم صاريهاجم التزعة النفسانية في الفلسفة، فقرر أن أفعال العقل لها وجود مستقل تماماً عن موضوعاتها. وقرر كذلك أن العالم كله يتألف من كليات كيفية، أو كا سماها: «تصورات ذات صفات adjectival concepts . وهذه الكليات تؤلف القضايا، والموضوعات المادية، والعقول وسائر الموضوعات المركبة. وبعض الكليات (مثل : أحمر توجد خلال الزمان، كذلك توجد بعض القضايا خلال الزمان بل هي موضوعات للإدراك الحسي (مثلا هذه القضية: هذا الكتاب أحمر. وأمثال هذه الكليات والقضايا ينعتها بأنها «كليات وقضايا تجريبية» - في مقابل تلك التي لا توجد خلال الزمان مثل: «اثنان»، «صفة»، وينعتها بأنها قبلية a priori. وكان هذا هو الأساس في «واقعية» مور،
والواقعية مأخوذة هنا بالمعنى المقابل للاسمية، أي أن الواقعية هي القول بأن للكليات وجوداً واقعياً حقيقياً (ى هي الحال في تصور أفلاطون للمثل أو الصور) ٠ هذه «الواقعية الجديدة» تقرر أن الكليات (المعاني الكلية) ليس فقط توجد في الواقع، بل هي أيضاً تشمل كل شيء موجود
ب) أما المرحلة الثانية، وفيها تكون فكره المستقل، فتتمثل أولاً في كتاب: «المبادىء الأخلاقية» principia Ethica ، وبحث بعنوان: «تفنيد المثالية»، وقد ظهر سنة ١٩٠٣ . وتتمثل فيما تلا ذلك من عاضرات وكتب ومقالات، نذكر منها محاضراته سنة ١٩١٠-سنة ١٩١١ التى جمعت بعد ذلك باربعين سنة تقريباً تحت عنوان: «بعض المشاكل الرئيسية في الفلسفة».
وقد حدد مور الموضوعات الرئيسية في الفلسفة بثلاثة : الأول هو أن الغرض الأولوالأساسي من الفلسفة هو تحصيل كشف جرد ميتافيزيقي للكون، يبين معظم الأمور المهمة التي نعرف أنها موجودة في الكون، ويكشف على وجه الاحتمال ما عسى أن يكون فيه من أمور لا نعرف على وجه الإطلاق أنها موجودة فيه. والغرض الثاني ايستمولوجي (يتعلق بنظرية المعرفة): وذلك بتصنيف الطرق التي بواسطتها يمكننا أن نعرف الأشياء والموضوع الثالث للفلسفة هو الأخلاق.
وفي رده على نقاده، الذي نشر في سنة ١٩٤٢ قسم مور الأجزاء التي تناولها في فلسفته إلى ثلاثةم الأخلاق، نظرية الإدراك الحسي، والمنهج وهنا سنتناول الأقسام التالية في فلسفة مور: المنهج، الميتافيزيقا، نظرية المعرفة بوجه عام، نظرية الإدراك الحسي، الأخلاق
١ ٠ المنهج:
المنهج الذي اعتمده مور في تفلسفه يقوم على مبدئين:
(الأول) هو أن قضايا مثل: «أظن أن كذا ..»، و«أنا أدرك س» - تدل على أفعال شعور من ناحية، وعلى موضوعات تتعلق بهذه الأفعال ولكنها مستقلة عنها.
(والثاني) هو أن كل موضوع للثعور هو إما بسيط -وفي هذه الحالة لا يمكن تحليله -، أومركب، وفي هذه الحالة يكون ذا ماهية قابلة للتعريف يكون بها كذا وليس شيئاً آخر
والمبدأ الأول يجعل من الممكن اكتشاف عدد هائل من الكيانات والخواص بوصفها موضوعات للشعور، أكثر ما
يتصوره الناس عادة، وهذه الكيانات والخواص ينبغى أن تشمل - على الأقل جزئياً-ماهو موجود في الكون موضوعياً ٠ وإذا طبق المبدأ الثاني على هذه الكيانات، سيبدوكا لوكان كل موضوع مركب قابلا للرد إلى بسائط.
وقد حاول مور أن يصنف هذه الكيانات entities في ميدان عمله وهو الأخلاق ونظرية الإدراك الحسي إلى بسائط ومركبات، وأن يحلل المركبات منها. ومن أجل ذلك حاول أن يقدم تعريفات دقيقة لهذه الكيانات تلافياً لألوان الغموض والاشتراك لتي أوقعت الفلسفة في إشكالات والفلاسفة في خلافات . واستغرق هذا العمل نشاط مور الفلسفي في الفترة مابينعام١٩٠٣ وعام ١٩١.
وبعد عام ١٩١١ ازداد اهتمامم بمسائل الاصطلاحات الفلسفية، لأنه رأى ان ثم خلطاً وتشويشاً في المصطلحات الفلسفية الجارية عل السنة وأقلام الفلاسفة عل نحو أدى إلى اضطراب شديد فيها. ورأى أن بعض التشويش في المصطلح راجع إلى النحو المنطقي للغة العادية. ومنهنا رأى ضرورة الاهتمام بتحليل اللغة العادية. لكن مور لم يذهب مع ذلك إلى ما ذهب إليه أنصار الفلسفة التحليلية المعاصرون الذين زعموا أن مصدر العلة في الفلسفة هو التشويث في الاصطلاحات، وأن العلاج هو في ايضاح المعاني والمصطلحات. غيرأنه صار يرى أن غرض الفلسفة الأول لم يعد، كما كان يعتقد في أول مرحلة، هو ملاحظة وتحديد الكيانات التي يتألف منها الكون موضوعياً، بل تحليل التصورات. . لكنه في نفس الوقت أدرك أن هذه التصورات تنطوي على موضوعات للملاحظة.
وهذا أدى به إلى ما اشتهر به من دفاع عن الإدراك العام Common Sense . وقد استعمل هذا التعبير للدلالة على أمرين غختلفين وإن كانا مترابطين ٠ فهو يدل أحيانا عنده على المعتقدات التي يؤمن بها كل أو معظم الناس في عصر ما. ويدل في أحيان أخرى على المعتقدات التي نميل نحن إليها بالطبع . لكن معنى هذا التعريف للإدراك العام في مدلوليم أن المعتقدات تتغير من عصر إلى عصر. وللرد على هذا الاعتراض يقول مور ان ما يعتقده الناس عامة أو غالباً يتأيد بالوان من اليقين أو ببيان أن مزاعم الشكاك متناقضة مع ذاتها . لكنه لم يقرر أنه لأن اعتقادا ما هو اعتقاد الإدراك العام فإنه بهذا نفسه حقيقي لا شك فيه.
أما التحليل الذي قصد إليه مور فيعنى في المرحلة الأولى استخراج وتمية المكونات الأساسية للموضوعات المركبة، ويعنى في المرحلة الثانية استخراج وتسمية المكونات الأساسية للتصورات المركبة , وفي رده على نقاده صرح بانه لم يشتغل مطلقاً بتحليل التعبيرات اللفظية. وهذا ما يميزه كل التمييز عن الوضعية المنطقية والمدرسة التحليلية في أكسفورد اليوم، إذ هؤلاء إنما يعنون بتحليل التعبيرات اللفظية، أما مور فلم يهتم إلا بتحليل التصورات concepts وحدها دون الألفاظ والعبارات صحيح أن مور يتناول أحيانا تحليل اللغة، لكنه لم يجعل من تحليل اللغة غاية في ذاتها، كما يفعل أصحاب الفلسفة التحليلية والوضعية المنطقية، بل فعل ذلك فقط كوسيلة لتحليل التصورات أو الأشياء
ب) الميتافيزيقا:
يرى مور أن موضوع الميتافيزيقا هو البحث في التركيب الكلي للكون. وكان يرى أن الأشياء الموجودة في الكون هي بوجه عام على نوعين: أشياء موجودة، واشياء هناك لكنها ليت موجودة things that simply are but do not exist : والأولى هي التي يتألف منها الكون موضوعياً، والثانية هي مجرد «خيالات» chimeras او «موضوعات متخيلة» -imagin ary objects ويقترح مور ثلاث وسائل لتميز الأشياء الموجودة من الأشياء غير الموجودة:
١ - الأشياء الموجودة لها خاصية الوجود، بينما الثانية ليت لها خاصية الوجود.
٢ - بينما الأشياء الموجودة يمكن أن تحمل أسياء، فإن الأشياء المتخيلة يمكن فقط أن توصف بواسطة رموزناقصة. فمثلا: «قنطور، centaur ليى اسياً لشى ء لأنه لا يوجد شى ء يحمل هذا الاسم، بينبا «كرسي» اسم - وهو في هذا يأخذ عن رسل التمييز بين الأسياء المحددة والأوصاف المحددة، في نظريته في الأوصاف.
٣ , إذا كان وجود شيء ما هو كونه مدركاً percipi فإنه يكون موضوعاً متخيلاً ولي موجوداً بالفعل. إن لدينا أفكاراً عن القنطور، ولكن لا يوجد قنطور متقل عن أفكارنا عنه. ولهذا كان القنطور موضوعا متخيلا.
ويبحث مور بحثاً مفصلاً فيا يميم الوافع reality . وفي كتابه «المبادىء الأخلاقية» يجعل الواقع= الوجود
existence، وفي محاضرات عام ١٩١٠ - ١٩١١ يجعل الواقع = الكينونة being . وفيهذه المحاضرات جعل من مقولة «الواقع» خاصية أو صفة، لكنه في «الدراسات الفلسفية» (في المقال المعنون: «تصور الواقع سنة ١٩١٧) ينكر أن مقولة الواقع خاصية أو صفة. لكنه رفض دائما دعوى برادلي أن للواقع درجات، وان أعلى درجات الواقع هو الأبعد عن الأشياء المادية؛ وقرر مور أنه لا يوجد للواقع درجات.
وضمن مقولة الوجود being يميز مور بين ثلاثة موضوعات الجزئيات، الحقائق أوالوقائع، الكليات. ويبدو أنه يقسم الجزئيات إلى خسة انواع: الأشياء المادية، معطيات الحس (مثل: بقع صفراء)، أفعال الشعور، مقادير المكان، فترات الزمان. وفييا يتعلق بأفعال الشعور يبدو أنه يميل إلى القول بأن أفعال الشعور توجد في أجسام مادية وأغها خواص لأجسام مادية، وأن كلمة «عقل» mind تدل على ما يشبه البناء المنطقي المؤلف من أفعال للشعور أما الحقائق أو الوقائع فهي موضوعات المعتقدات الصحيحة وتشمل المعادات الرياضية - مثل ٢+٢= ٤ - وإشارات الجمل الإشارية مثل؟ «وقف توم إلى يسار هنري».
وقسم الكليات إلى ثلاثة أنواع: الإضافات relations الخواص الإضافية relational properties، ما لي إضافة ولا خاصة إضافية وقدم أمثلة على هذا النوع الثالث: الأعداد، والصفات أو الموضوعات غير الطبيعية مثل الخير.
ومن بين أنواع الوجود being الثلاثة - أعني: الجزئيات، والوقائع، والكليات - الجزئيات هي وحدها التي توجد؛ أما الوقائع facts والكليات فهي قائمة هناك are.
ج) نظرية المعرفة العامة:
كل فعل من أفعال المعرفة يقوم في فعل شعور act of conscioussness,-^) موضوع متميز من هذا الفعل الشعوري .
وكل فعل من أفعال الشعور لا يوجد إلا طالما وجد ما يناظره من موضوعات. فمثلا إذا توقفت عن رؤية معطى حسي، فإن رؤيتي لم تتوقف عن الوجود1 أما موضوع المعرفة فيمكن أن يوجد وألا يوجد بعد أن يتوقف فعل الشعور المرتبط به .
ومن الممكن أن نتصور أن فعل الشعور والموضوع المتعلق به يوجدان في مكانين ختلفين يقول مور في كتابه
«بعض المشاكل الرئيية في الفلفة» : «أرى من الممكن أن اتصور أن هذا اللون المبياض هو موجود معاً على سطح الظرف المادي. . . ورؤيتي له هي في مكان آخر - في مكان ما فيجسمي.،.
وفي تحليله للمعرفة وموضوعاتها، يميز مور بين أربعة معان للفعل: «أعرف، م
١ - المعنى الأول والأساسي هو المعرفة بواسطة الإدراك المباشر، مثل رؤيتي لبقعة صفراء على الورق الآن
٢ - والمعنى الثاني هو الإدراك غير المباشر، مثل معرفتي بأنه كانت توجد قبعة على هذه المنضدة .
٣- المعرفة بالمعنى المحدد knowledge proper مثليا يحدث في الأحرال التي فيها يوجد فعل شعور، وقضية مدركة إدراكاً مباشراً، وهذه القضية صحيحة إذ تعتقد انها صحيحة، وتعتقد اها صحيحة بسبب علاقة أخرى او شرط تعف بم.
٤ - والمعنى الأخير هو المفهوم حين نقول عن شخص ما إنه يعرف شيناً، مثلا ]نه يعرف جدول الضرب، وإن كان في الوقت الحاليغير شاعر بذلك. وفي مثل هذه الأصول نحن نقصد أن الثخص المذكور قد عرف، بأي معنى من المعاني الثلاثة السابقة جدول الضرب ذات يوم .
وواضح أن مور يرى أن المعرفة لا بد أن تقوم على ملاحظة الموضوعات الموجودة في التجربة. لكنه يختلف عن التجربيين التقليديين في ثلاثة أمور على الأقل:
١ - فهو يرفض أولاً أن يقتصر معنى التجربة على التجربة الحسية وحدها. إذ يرى أن ثم موضوعات اخرى غير تلك المدركة بالحواس هي موضوعات لافعال الشعور، مثلاًم الحقائق غير المتزمنة بزمان timeless facts الكليات الإضافية relational universals ، الصفات غير الطبيعية nonnatural
. qualities
٢ - كذلك قرر مع كنت وجود حقاثق تركيبية ضرورية وفي وسعنا إدراك هذه الحقائق.
٣ - وأخيراً لم يكن ميالأ إلى رفض ما كان يبدو له حقيقة معينة ٠ مثل كونه يمسك قلماً - بدعوى ان مبادىم فلسفية أو تحليلات اقل يقيناً لا تتفق معها I
وقد حار مور في تحديد ما هو المعطى الحسي : هل هو
جزئي، أو كلي؟ هل هو شيء مثل اللون (في حالة معطيات الحس البصرية) اوهو من نوع آخر ويلوح أن رأيه النهائي في هذا الموضوع هو أن المعطى الحسي هو بقعة من لون ما: فالبقعة جزئي، تنتسب إلى اللون: وهوكلي من النوع الثالث (أي الذي ليس إضافة وليس خاصة إضافية) على النحو الذي به شيء ما يرتبط بشيء يمتد فوقه،
لكن المسالة الرئيية التي شغلت مور هي مسالة العلاقة بين معطيات الحواس وبين الأشياء المادية التي تنتسب إليها بيد أنه م يصل إلى جواب حاسم في هذه المسألة، بل رأى أن ثم نظريات ثلاثا ختلفة هي (١)الظواهرية phenomen alism ٠ وقد دعاهانظرية مل - رسل - اعني القول بان الثيء المادي هو بناء منطقي مؤلف من معطيات الحس؛ (٢) نظرية الامتثال؛ (٣) النظرية القائلة بأن معطيات الحس البصرية تتطابق مع أجزاء من سطوح الأشياء المادية
د) الأخلاق:
يرى مور أن الأخلاق علم بعضه وصفي والبعض الآخر يقوم عل التعريفات، لكنه يستند أساسا عل الملاحظة والاستقراء والموضوع الأساسي للملاحظة في الأخلاق هو الخير، وهو صفة لا طبيعية nonnatural، ولهذا لا يوجد خلال أجزاء من الزمان ولا يتجلى من خلال التجربة الحسية.
إن الموضوع الاساسي للاخلاق هو الصفة البسيطة أو الكيان المسمى: الخير. ولما كان الخبر يسيطا فإنه لا يقبل التحليل ولا التعريف. وكل ما يستطيعه المرء هو أن يقول الخير = الخير.
والمسألة الثانية هي تحديد ما هي الخيرات الممتازة التي يستطيع الناس تحصيلها.لكنلماكان الخير لا يقبل التحليل، لهذا لا يمكن ان تحدد بواسطة التحليل - أي الأشياء خيرات وأيها ليست كذلك ولهذا يرى أن الوسيلة لإدراك الخيرات ليست التحليل، بل الوجدان intuition ولهذا سمي موتفم في الأخلاق وجدانيا intuitionism
وتزداد صعوبة تحديد ما هي الخيرات العظمى بسبب عاملين:
(الأول) هو أن الخيرات هي وحدات عضوية، وخير الكل العضوي ليس مساوياً لمجموع خيرات الأجزاء,
و(الثاني) هو أن من الصعب أن نفصل، في إدراكاتنا
ووجداناتنا، بين الوحدات الجامعة wholes العضوية وبين نتائجها .
وانتهى إلى أن «من الواضح أن العواطف الشخصية والاستمتاعات الحسية تشتمل في الغالب على أعظم الخيرات التي نعرفها. «
مؤلفاته
- Principia Ethica. Cambridge, 1903.
- Ethics. London and New York, 1912.
- Philosophical studies, London and New York, 1922.
ويحتوي على مقاات وأبحاث منها: «تفنيد المثالية» (١٩٠٣)؛ «وضع معطيات الحس» (سنة ١٩١٤)؛ «تصور الواقع» (سنة ١٩١٧)؛ «بعض أحكام على الإدراك الحسي» (سنة ١٩١٨)؛ «العلاقات الخارجية والداخلية» (سنة ١٩١٩).
- The Philosophy of G.E. Moore. P.A. Schilpp ed. Chicago and Evanston, Illinois 1942; 2nd ed. New York, 1952.
ويحتوي على «ترجمة ذاتية» وعلى «رد على نقادي«. وفي الطبعة الثانية «اضافة إلى ردي»
- Some Main problems of philosophy. London and New York, 1953.
- Philosophical Papers. London and New York, 1959.