جمعية علمية
الجمعية العلمية (بالإنجليزية: learned society)، ويطلق عليها أيضًا الأكاديمية العلمية (بالإنجليزية: learned academy) أو الرابطة الأكاديمية (بالإنجليزية: academic association) هي منظمة ـ غير ربحية في الأغلب ـ تنشأ لدفع تقدم مجال أو مهنة أكاديمية أو أكثر. وقد تكون عضوية تلك الجمعيات مفتوحة للجميع أو قد تشترط مؤهلات معينة، وقد تكون عضويتها تشريفًا يُمنح للعضو بالانتخاب.
تشمل أنشطة الجمعية العلمية في الأغلب عقد مؤتمرات دورية لعرض ومناقشة نتائج الأبحاث الجديدة، ونشر أو رعاية دوريات أكاديمية في مجالها. وقد تقوم بعض الجمعيات العلمية بدور الكيانات المهنية، فتنظم أنشطة أعضائها في سبيل الصالح العام أو الصالح الجماعي للأعضاء.
ازدهار مجتمعات المثقفين
مع تطور العلم الحديث، شعر الممارسون الذين لم يطلق عليهم علماء بعد المدة 200 سنة أخرى بالحاجة الماسة لأن يتحدوا من أجل تبادل الأفكار ومعرفة اكتشافات بعضهم البعض. . إن أقدم المؤسسات التي ظلت لوقتنا الحالي هي الجمعية الملكية في لندن في عصر الملك تشارلز الثاني في عام 1662.
لم تكن هذه الجمعية في الأولى من نوعها؛ وإنما ينسب شرف هذا الأمر إلى أكاديمية لينسيان التي تم إنشاؤها في إيطاليا في عام 1657. وقد كان جاليليو عضوا في هذه الأكاديمية. ولقد قام تلميذه - فيفيانی - بإنشاء الأكاديمية دي سيمنتو في مدينة فلورنسا في عام 1657. وفي إنجلترا، ظل العلماء يجتمعون لبعض السنوات - في الغالب سرا - في أثناء الحرب الأهلية الإنجليزية. ولعل فكرة تأسيس مجتمع للمثقفين تعود للعديد من العقود إلى فكار فرنسيس بيكون في عام 1626 التي تتعلق بكيفية تنظيم البحث العلمي من أجل صلاح المجتمع.
إن تأسيس الجمعية الملكية جعل العلم في مكانة متميزة، كما جعل العلم والعلماء يواكبان الاتجاه السائد للحياة الاجتماعية والسياسية في ذلك الوقت. وعلى مدى القرن القادم، قامت مجموعات متشابهة من العلماء بالاجتماع في عواصم أخرى عظيمة، مثل: باريس في عام 1666 ونابولي في عام 1695 وبرلين في عام 1700 ومدينة سان بيترسبورج في عام 1724 وفيلادلفيا في عام 1769. كما أن الأكاديميات الموجودة في فرنسا وألمانيا وروسيا كانت صغيرة. وفي هذه الأكاديميات، كان الملك يتولى الإنفاق على فئة مختارة من العلماء ؛ إلى جانب اعتمادهم أيضا على رعاية العائلة الملكية لهم.
"إن هدف الجمعية الملكية هو تحسين المعرفة المتعلقة بأمور الطبيعة وكل الفنون المفيدة والصناعات والأساليب الميكانيكية والمحركات والاختراعات التي تم التوصل إليها عن طريق التجربة (دون تدخل الخالق وعلوم ما وراء الطبيعة وعلوم الأخلاق والسياسة والقواعد والبلاغة والمنطق). وتهدف هذه الجمعية أيضا إلى زيادة تعظيم الخالق ورفع شأن الملك وفائدة مملكته والطبيعة الخيرة للإنسان." روبرت هوك
على الجانب الآخر، نجد أن أي شخص لديه المؤهلات السليمة يمكنه أن يرشح نفسه ليصبح عضوا في الجمعية الملكية. ولقد تم ترشيح المئات من الأشخاص حينما كانوا في العشرين من عمرهم، بما في ذلك الباحثين من البلاد الأخرى البعيدة. أما أبناء الطبقة المتوسطة، فقد كانت لهم طريقتهم الخاصة في الترشیح
في اللقاءات والاجتماعات الخاصة بالجمعية، كان يتم الاطلاع على أحدث الاكتشافات والأفكار التي تم التوصل إليها، ثم يتم بعد ذلك إصدارها في الجريدة التابعة للجمعية والتي كان يطلق عليها اسم Philosophical Transactions. وبطبيعة الحال، كان أول هذه الإصدارات وثيق الصلة بالعلم. وقد أدت هذه الجريدة إلى زيادة سرعة انتشار المعرفة الجديدة، والتي كانت تعتمد سابقا على شكل الكتب؛ وذلك في الغالب بعد سنوات من ظهور الاكتشافات أو عن طريق إرسال خطابات وتبادلها بطريقة غير رسمية.
منذ البداية، أبرزت الجمعية الملكية دور كل العلماء العظماء وحتى بعض من العلماء الأقل في المكانة في تلك الفترة. بالفعل كان روبرت هوك وكريستوفر رن وروبرت بویل وجون فلامستيد وجون راي ونهیمياه جرو وأدموند هالي من العلماء البارزين في ذلك الوقت. كما أبرزت دور صامويل بيبس الذي لم يكن من العلماء وإنما كان مجرد كاتب يوميات. كان إسحاق نیوتن رئيس الجمعية الملكية منذ عام 1703 وحتى مماته في عام 1727.