جماعة جذور الفلسفية
_سيرة الجماعة المختصَرة: تأسست جماعة جذور الفلسفية بالتعاون بين عدد من الشباب المهتمين بالفلسفة والدارسين لها في مصر، في 23 يوليو 2006، وبدأت اجتماعاتها منذ ذلك الحين في مقر الجمعية الفلسفية المصرية، وهي ليست جماعة أكاديمية، وليست تخاطِب الأكاديميين والمتخصصين وحدهم، بل كان هم أعضائها منذ بدأتْ إنزال الفلسفة من السماء إلى الأرض، والعبور بها من فوق أسوار الجامعة إلى الواقع والشارع، بعد أن انغلق المختصون أغلبهم على أنفسهم، وعلى أبحاثهم النظرية الخالصة، وعلى همومهم الأكاديمية والتعليمية، وخرج الواقع المعيش من الحسابات العلمية الدقيقة، لذلك كان هدف الجماعة الأساسي الاستفادة بالمنجز البحثي والعلمي الأكاديمي وتفعيله في دراسة مشكلات الواقع، أو فهمها بأسلوب جديد، خارج العزلة الأكاديمية والطبقية العلمية.
وكانت أهم مشكلات الواقع المستهدفة أزمة الحوار المذهبي والطائفي وأسسها المنهجية والمذهبية، ولذلك تبلورت مبادئها لخدمة هذا الهدف الأول والأشمل كما يلي:
- • لا يُقيّم الفكر من حيث المحتوى، وإنما من حيث الشكل، ضمانًا لحرية المفكر، شريطة أن يتميز شكل الطرح بالعلمية، والموضوعية، والنقد الذاتي.
- • الرأي النقدي أجدى وأدعى للاهتمام من الرأي الدعوي.
- • الفكر والواقع وحدة واحدة لا ينفصلان إلا في حالة انعدام الإرادة الكليّ أو إعلان الوفاة.
- • الرفض المُجْمَع عليه لفلسفة الأمر الواقع.
وتُعدّ جماعة جذور جماعة كل المؤمنين بالقضية الأساسية أعلاه، ولم تكن لـ(المهتمين)بالفلسفة عمومًا هوايةً أو احترافًا للبحث العلمي المحايد، وذلك دون ارتداء ثوب من المذهبية الضيقة لا يناسب اللحظة الراهنة سياسيًا وثقافيًا، تلك اللحظة التي كثرت فيها النزاعات والعصبيات من كل نوع وعرق ومذهب ولون.
-المؤسسون:
- 1. رشا ماهر
- 2. كريم الصياد
- 3. مصطفى رزق
- 4. عبير سعد
- 5. هيام عبد العزيز
- 6. مصطفى محمد السيد
- 7. أحمد رأفت
- 8. بلال مؤمن الشريف
-فكر الجماعة وتوجهها: -لم تتبنَّ جماعة جذور مذهبًا من المذاهب الفلسفية بعينه وإنما اتخذتْ موقفًا من منطق الحوار نفسه بين هذه المذاهب وبعضها البعض، وذلك خاصّةً بالنسبة لمنطق الحوار بين مذاهب الفكر الشائعة في مصر، من تيارات ليبرالية ويسارية وإسلامية وعلمانية بالإضافة إلى التصنيفات الداخلية في نطاق كل تيار على حدة، وكان موقف الجماعة أن منطق الحوار نفسه هو الأزمة التي يجب أن تحظى بدرجة الأولوية قبل الخوض في غيرها، وأن دور المفكر أو الفيلسوف أو المثقف نقد منطق الحوار حتى يسود مناخ فكري منفتح أولًا، ولذلك تعتير الجماعة أن جميع هذه المذاهب وفروعها مراحل مؤجلة من الفكر المصري والعربي لم يتم اختبارها بعد على أرضها، ولا يمكن الحكم عليها قبل بلوغ مرحلة النقد الحقيقي، وتعرّف الجماعة النقد بأنه: الاختبار Test في حالة من عدم التسليم المسبق برأي من الآراء باستثناء قوانين المنطق الصوري وحقائق العلم التجريبي الطبيعي، وتنزع الجماعة إلى البداية السلبية أو البدء بتحليل الموضوع أو الظاهرة الفكرية أو الثقافية أو الاجتماعية دون إيجاب مسبق أي: دون تسليم مسبق، ودون النقد من وجهة نظر مذهب معين، بل تقديم النقد بشكل حر يعتمد على البديهيات العقلية المشتركة، أو نقد المذهب المراد نقده من مختلف وجهات النظر المتناقضة أصلًا لإثبات قابلية كل مذهب للنقد وتحطيم الدوجما، وهي مرحلة النقد اللا مركزي أو المرحلة النقدية الراديكالية-ومن هنا جاءت تسمية الجماعة: جذور من ترجمة radical مع بعض التحريف الأدبي ليناسب اسم الجماعة-المرحلة التي لو واظب المفكرون والمثقفون عليها لوصل الفكر إلى حالة من الانفتاح العقلي يؤهله للاختيار بين المذاهب أو الحوار بينها على أساس نقدي وليس على أساس دوجماطيقي أو تقليدي أو عرقي بشكل مشروع، إذًا فالجماعة تحاول مواجهة أزمة الفكر في حدودها الجغرافية والتاريخية (هنا والآن)، ومن هنا جاء وصف الجماعة بأنها فكرية، برغم أنها ما تزال مسألة جدلية: هل يُطلق عليها جماعة فكرية أم فلسفية؟
-اثنتا عشرة عينًا على مشهد التسلط: - أول إصدارات الجماعة، وهو مجموعة مقالات بحثية معظمها مقدمة من الأعضاء، عدا مقال"سلطوية الصورة المرئية"للأستاذ بدر الدين مصطفى المدرس المساعد بقسم الفلسفة بآداب القاهرة، والكتاب يتناول عددًا من الأشكال التي تظهر أو تتخفى فيها السلطة، والسلطة المتناوَلة بالتحليل والنقد في الكتاب هي ذلك القمع أو فعل السيطرة والتحكُّم الكائن في علاقات الإنسان-الإنسان الاجتماعية والنفسية، بمعنى أن الكتاب لا يتعامل مثلًا مع سلطة اللغة على العقل، أو سلطة النص الديني على الشعور، أو سلطة المنهج العلمي على الوعي المنهجي بشكل مجرّد معزول عن الشخوص والجماعات والاتجاهات والطبقات الاجتماعية، ولا خارج الأبعاد الدرامية بما هي زمان ومكان وظروف موضوعية مشتركة ومحددة.
- وكتاب "اثنتا عشرة عينًا على مشهد التسلط "هو التجسيد الأول والافتتاحي والإجمالي لتوجّه الجماعة وأسلوب عملها، هو رؤيتها العامة وكلمتها الأولى التي قد تتجلى في الكتابات التالية على نحو أكثر تفصيلًا.
- وقد تناول الكتاب أنواع السلطة أغلبها، فقد تناول السلطة المعرفية، والسياسية، والدينية، والذكورية، والسلطة في التاريخ، وفي فلسفة التاريخ، وغيرها، في تمثّلاتها المجتمعيّة، فيبدأ بالظاهرة موضوع المناقشة في تجلياتها الاجتماعية والتاريخية، ويصعد إلى منطق حدوث هذه الظاهرة بعد وصفها، ثم ينتهي إلى منطق الحل المقترَح، وذلك بالنسبة لكل فصلٍ منه.
- والملاحَظ أن المناهج المستخدَمَة في البحوث قد تنوّعتْ، من التحليلي إلى النقدي إلى البنيويّ، وغيره، غير أنها جميعًا قد استُخدمتْ بحيث تكشف الحُجُب التي تتخفى خلفها الدوافع السلطوية، وآليات التسلّط.
- الكتاب موجّهٌ بالأساس إلى عموم المثقفين، وليس للمتخصصين فحسب، لذلك ظهرت فيه نبرة أدبية واضحة في أغلب المقالات بما لا يخلّ بالعلمية، ذلك من جهة، ومن جهة أخرى استطردتْ بعض المقالات في شكل العرض لشرح اصطلاحي أو تاريخي يعرّف القارئ غير المتخصص بأساسيات الموضوع، وييسر له الانتقال إلى صلبه.
- هذا الكتاب لم يكتبه واحدٌ من أعضاء الجماعة، ولم يجمَّع من أعمال هؤلاء الأعضاء بالشكل التقليدي المتبع في الكتب عديدة المشاركات، بل تمت كتابته عن طريق تنظيم جلسات مطولة في ورش عمل فكرية وأدبية، اتبع الأعضاء فيها أسلوب المناقشة الحرة، بحيث يعد جميع الأعضاء مسئولين بشكلٍ أو بآخر عما جاء بالكتاب من مناقب ومثالب، وسواءً شاركوا في كتابته حرفيًا أم لم يشاركوا، ولكن بحيث يُعد صاحب المقال هو الوحيد المسئول عن أفكاره الواردة فيه من حيث المحتَوَى.
- حررَ الكتاب كريم الصياد، رئيس الجماعة والشاعر والمعيد بقسم الفلسفة بآداب القاهرة، وقدم له الدكتور حسن حنفي.
- وكُتبتْ مقالات الكتاب في الفترة الممتدّة من مارس 2007م، إلى ديسمبر من العام نفسه. - صدر الكتاب في أغسطس 2008 عن دار الهاني للطباعة والنشر، القاهرة، جمهورية مصر العربية.
-يقول عنها الدكتور حسن حنفي في تقديمه للكتاب المذكور:"وجماعة جذور من جيل الأحفاد. تشعر باستقلالها الخاص، وبرؤيتها المتميزة، وببدايتها المتفردة عن جيل الأباء والأجداد. وهو شعور طيب ينم عن إحساس بالجدة والابتكار ورغبة في الأصالة والإبداع.ومعظمهم من الطلاب في مرحلة الليسانس أو في مرحلة الدراسات العليا. وهذا ليس إقلالاً من شأنهم فقد عرف الرومانسيون الألمان فلاسفة وشعراء بأفكارهم وهم طلاب. وما زالت مؤلفات ماركس الشاب تذكر أكثر من مؤلفات ماركس الشيخ.ومعظمهم من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، والأقل من كلية الطب. وهذا يدل على شيئين في نشأة المدارس الفكرية الأول: أهمية كلية الآداب والعلوم الإنسانية والأدبية في مصر. والثاني: التفاعل بين الكليات النظرية كالآداب والكليات العملية مثل الطب كما كان الحال في علوم الحكمة القديمة. فقد كان الحكيم القديم فيلسوفًا وطبيبًا. وفي الثقافة الشعبية حتى الآن الحكيم هو الطبيب.وهو نموذج للتفكير الجماعي الشامل لاثنى عشر شابًا "تسعة" وشابة" ثلاث" مثل "إخوان الصفا وخلان الوفا" في تراثنا الفلسفي القديم"_حسن حنفي: مقدمة كتاب: اثنتا عشرة عينًا على مشهد التسلّط، جماعة جذور الفلسفية، دار الهاني للطباعة والنشر، القاهرة، مصر، 2008.
المراجع
- اثنتا عشرة عينًا على مشهد التسلط: جماعة جذور الفكرية، منشورات الجمعية الفلسفية المصرية، دار الهاني، القاهرة، 2008.، ،، ،