جبال البطم



جبال البطم

تزرع جذورها في أعماق الجبال العالية، وتمد أيديها لمعانقة السحاب الذي يمر فوق جبينها.. تفتح صدرها للريح، وتنظر محدّقة نحو زرقة البحر البعيد.. تغسل الأفق بمائها الزلال، وتقطف مواسمها عن شفاه القمر! فوق تلك الجبال العالية تبني النسور أوكارها، فيهنأ المجد بنسمات العظَمة السارحة في كل النواحي. فوق تلك الجبال، تتقن النجوم زراعة الضوء في حقول السماء، فيستحم الفضاء طهارةً ونقاءً. وتتعلم الطيور الرقص على تماوج النسمات المارة بين شجرة وشجرة. حكايات مجد.. مساءات أُنس.. تمر وتبقى عالقة في ذاكرة الجبال!

جبال البطم... هذه القرية الوادعة المستريحة على سلسلة من المرتفعات الجنوبية، ما ان يصلها زائروها، حتى يداعب وجوههم نسيمها الطري، وما ان تشخص أنظارهم إلى ربوعها، يرون واحة في منتهى الجمالية، طرحها الخالق المبدع على الأرض.

جبال البطم، البلدة الجنوبية المزدانة بجمالها الطبيعي، صورة وموقعا ومناخا، يرثها أناس من ذاك النسيج العاملي المتجذر اصالة، في علاقاتهم الاجتماعية، طيبة ومودة وكرما، تدخل بيوتهم فتجدهم مشرعين أبواب القلوب، قبل أبواب المنازل. ولشموخهم على ارضهم حكاية تضحية وفداء، تجسدت ببذل الدماء الزكية لتينع نصرا مظفرا في وطن عزة وكرامة، لأمة طالما هبّ منها أبناءٌ خلص، في وجه أعتى قوة ظلم واستبداد في الوجود..

تاريخ وجغرافيا
يقول أحد «العارفين» في البلدة، أن سر اسمها يعود إلى نوع من الأشجار التي تدعى «البطيم» الذي يحتل مساحة واسعة من الهضاب المحيطة بالبلدة يتلفها كأسوار قلاع. تقع جبال البطم في قضاء صور، إلى الشرق من مركز القضاء (مدينة صور)، وتبعد عنها حوالى 20 كيلومتراً، وعن العاصمة بيروت 100كيلومتر، ويحيط بها من البلدات: صدقين (شمالا وشرقا)، ياطر(جنوبا) وزبقين (غربا). اما سكانها فيتجاوز عددهم الـ2000 نسمة، وهم موزعون على العائلات التالية: مهنا، عيديبي، طعمة، خيامي، خليل، بركات، ياسين وتقي.

اقتصاد وإنماء
تشهد جبال البطم حركة اقتصادية ناشطة، من خلال تلك الأرض الغنية بالخيرات الزراعية الوافرة المميزة المميزة بزراعة الزيتون والتبغ مع زراعات مثمرة متنوعة. كما يعتمد ابناؤها على التجارة، فهم يمتلكون العديد من المؤسسات التجارية والمهنية داخل القرية وخارجها، أما الاغتراب، فله في جبال البطم حصة كبيرة، حيث هاجر عدد من أبنائها إلى دول أفريقيا أوروبا الآمريكيتين والخليج العربي، فضلاً عن وجود وجود شريحة هامة من شبابها المتعلم، الحائز على شهادات اختصاص في الطب والصيدلة والهندسة والمحاماة، إضافة إلى مختلف المهن الحرة، ما اسهم من خلال هذه الطاقات المجتمعة، بجعل جبال البطم اسما متميزا في محيطها، نمواً وتطوراً وازهاراً.

حكاية مجد وإباء
تاريخ هذه القلعة الجنوبية حافل بحكايات البطولة والتصدي وممارسة الصمود في وجه العدوانية الصهيونية، التي تعرض لها الجنوب، فكان لأهالي وشباب جبال البطم شرف المواجهة وبذل الأنفس والدماء، ومن خيرة شهدائها إبراهيم خيامي، مالك عيديبي، إبراهيم تقي، وخديجة عيديبي وولدها حسين الذين إرتفعوا قرابين جنوبية شامخة ذوداً عن كرامة وطنهم وعزة شعبهم.

أضرار العدوان
خلال الاعتداءات الصهيونية المتكررة على الجنوب، لم تكن قرية جبال البطم خارجة عن دائرة الاستهداف الصهيوني، فقد أصابتها الضربات المباشرة فلم يسلم من همجيتها البشر والحجر والشجر، لكن الاضرار لم تأتها من الصهاينة فقط، بل ثمة أضرار جسيمة في الممتلكات والقطاع الزراعي جراء العوامل المناخية، التي خلفت خسائر مادية فادحة. والغريب، لا بل العجيب، أن تلك العطاءآت والمواقف النضالية التي قدّمتها جبال البطم لم تلاقها الدولة إلاً بالاهمال، فما زالت التعويضات على الأهالي منقوصة، على الرغم من الوعود المتكررة من قبل الجهات الرسمية المعنية في الدولة، للوفاء بالتزاماتها تجاه من يستحقها من المتضررين.

البلدية
أُنشئ أول مجلس بلدي في قرية جبال البطم في العام 2004، وقد ترأسه الدكتور أسامة مهنا، وفي الانتخابات البلدية عام 2010، تولى الدكتور محمد خيامي رئاسة المجلس البلدي، وهو لا يزال يمارس دوره لغاية الآن.


المراجع

ملف:Cedaricon flag.png هل أنت مهتم ببلد الأرز لبنان ؟ ستجد الكثير من المعلومات عنه في بوابة لبنان.
ملف:Cedaricon flag.png هل أنت مهتم ببلد الأرز لبنان ؟ ستجد الكثير من المعلومات عنه في بوابة لبنان.
ملف:Flag-map of Lebanon.svg هذه بذرة مقالة عن إحدى مناطق لبنان تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.