جاك كورليس
جاك كورليس (بالإنجليزية: Jack Corliss) هو عالم محيطات وجيولوجي أمريكي، ولد في 1936.
اكتشاف جون كورليس لأعماق المحيطات
بعد مرور عقود قليلة من اكتشاف تلك السلاسل الجبلية شديدة الاتساع الموجودة تحت مياه المحيطات والتي تسبب في وجودها امتداد قاع المحيط (أوينج وهس ١٩٥٣)، تم التوصل إلى اكتشاف آخر مذهل. ففي عام ١٩٧٧، قام فريق من الباحثين الأمريكيين بقيادة المتخصص في علم المحيطات جون كورليس برحلة استكشافية لاكتشاف واحد من الأخاديد التي تقع بالقرب من جزر الجالاباجوس، التي تقع بمحاذاة ساحل أمريكا الجنوبية. استخدم هؤلاء الباحثون غواصة غير مأهولة تعرف باسم Alvin وقد تم تجهيزها بالمعدات اللازمة من إضاءة وكاميرات وأجهزة لأخذ العينات.
ظن الباحثون أنه بمحاذاة الأخدود، حيث توجد بعض الصخور المنصهرة التي تخرج من باطن الأرض لتشكل بذلك قاعا جديدا للمحيط، ربما تتدفق أيضا المياه الساخنة لتشكل بذلك ينايع تحت المحيط تعمل الصخور المنصهرة الموجودة أسفلها على تسخينها. وقد تصل درجة حرارة المياه إلى مئات الدرجات، ويمنعها عن الغليان الضغط الهائل الموجود بالعمق. لكن المياه قد تكون معتمة، حيث تقع على عمق بعيد جدا (أكثر من ٢٠٠٠ متر تحت سطح المحيط)، مما يمنع ضوء الشمس من الوصول إلى هذه الأعماق السحيقة والقيام بعملية البناء الضوئى التى تعد أساس الحياة في أي مكان آخر على الكوكب. لذا، فإن مصدر الغذاء الوحيد في هذه الهاوية قد يكون وابلاً رقيق من البقايا العضوية للكائنات التي تعيش وتموت بالأعلى. ومن ثم، فقد توقع الباحثون أن تكون هذه الصخور جرداء وأن تكون المياه في الأغلب خالية من الحياة.
لم يكن الباحثون مخطئين في ظنهم. فقد وجدوا بالفعل منافذ مائية ساخنة أطلقوا عليها اسم المخارج الحرارية المائية لأنها كانت تقوم بإخراج الجزيئات المعدنية التي كانت تعكر المياه. وكانت بعض هذه المخارج الحرارية المائية لونها أبيض والبعض الآخر أسود. وقد تراكمت رواسب تلك الجزيئات الغنية في مركباتها، ومنها كبريتيد الحديد، على شكل مداخن وصل ارتفاعها في بعض الأحيان إلى عدة أمتار وعلى غير المتوقع، فقد وجد أن الصخور كانت تعج بالحياة، سواء حولها أو بداخلها، حيث وجدت الديدان الأنبوبية التي يصل طولها إلى أكثر من متر وسمك البطلينوس والسرطان الأعمى والعديد من أنواع الأسماك التي يربط بينها نظام بيئي معقد. وكان يقدر حجم الكائنات الحية في كل متر مربع بالارتفاع نفسه الموجود في أي مكان آخر بالكوكب، مما يعني وجود واحة في تلك الظلمة الموحشة.
يعد هذا العالم الغريب، الذي يوجد منه صور مماثلة في المحيطات الكبيرة الأخرى، اكتشافا مذهلا؛ حيث إنه قد استلزم إعادة التفكير فيما تتطلبه الحياة من مقومات لكي تبقى كما هي. فمن أجل الحياة يجب أن تكون هناك كمية وفيرة من الطاقة وضوء الشمس كمصدر لها، إلا أنه توجد بعض الاحتمالات الأخرى. فهناك في هذا الظلام الدامس، ثبت أنه يمكن أن يكون مصدر الطاقة متمثلا في المركبات الكيميائية الموجودة بالمياه الساخنة، خاصة جزيئات الكبريتيد. وتعد البكتريا التي تتكيف بصورة مذهلة مع الظروف البيئية، والقادرة على البقاء في مياه ذات درجات حرارة عالية للغاية واستخلاص الطاقة اللازمة للبقاء والنمو من هذه المركبات الكيميائية، هي بداية السلسلة الغذائية. وتوجد أنواع كثيرة منها داخل التجويفات الموجودة بجسم الديدان الأنبوبية، ونتيجة لذلك يتم إمدادها بالطعام.
بهذا نعلم أن الحياة - وحتى النظام البيئي المتكامل - لا تعتمد بالضرورة على وجود الضوء. لذا، ربما لا تحتاج الحياة إلى الضوء لكي تبدأ. وربما أيضا تكون المحيطات العميقة المظلمة ببيئتها الهادئة والمورد الثابت من الطاقة المنبعثة من الأسفل، أول مكان على وجه الأرض بدأت عليه الحياة إنها حقا فكرة مثيرة.