جاكومو ليوباردي
جاكومو ليوباردي (Giacomo Leopardi) شاعر وكاتب إيطالي، ولد في 29 يونيو 1798 في راكنتي وتوفي في 14 جوان 1837 في نابولي.
و تغلب على مؤلفاته القتامة والألم. جاكومو ليوباردي: ولد في التاسع والعشرين من حزيران/يونيو سنة 1798. وقد درس اللاتينية واللاهوت والفلسفة، وكتب أول أعماله وهو في الخامسة عشرة من عمره. أصيب مبكراً بمرض خطير ظلَّ يعاني تداعياته طيلة حياته. كان مناهضاً كبيراً للحركة الرومانسية وكتب ضدَّها «ما تحدَّثَ به إيطاليٌّ حول القصيدة الرومانتيكية». عاش حياة هي أقرب إلى العزلة؛ ومن روائعه القصائد الخمس: «الفكر المسيطر»، «حب وموت»، «إلى ذاتِه»، «كونسالفو»، و«أسباسيا»، التي كُتبت بين عامَي 1831 و1835. آخر مؤلفاته: «غروب القمر ونبتة الوزَّال». توفي في نابولي سنة 1837.
السيرة الذاتية
ولد ليوباردي لعائلة نبيلة محلية، في ريكاناتي بماركي، في العصر الذي ساد فيه الحكم البابوي. كان والده الكونت مونالدو ليوباردي مولعًا بالأدب لكن الضعيف منه والرجعي، وظل مقيدًا بالتحيزات والأفكار القديمة. وكانت والدته مارشونيس أديلاد أنتشي ماتي، امرأة متسلطة وباردة، ومهووسة بإعادة بناء ثروات العائلة المالية، التي بددها زوجها نتيجة إدمانه لعب القمار. سيطر على المنزل انضباط شديد فيما يخص الدين والاقتصاد. تركت مع ذلك طفولة جاكومو السعيدة، والتي قضاها مع أخيه الأصغر كارلو أورازيو وأخته باولينا، بصمتها على الشاعر، والذي سجل تجاربه في قصيدة الذكريات.
بدأ ليوباردي دراساته وفقًا للتقليد العائلي المتبع، تحت إشراف اثنين من القساوسة، ولكن ظمأه للمعرفة قد ارتوى أولاً في مكتبة والده الثرية. وشرع ليوباردي في القراءة الموسعة والمعمقة نتيجة توجيه مبدئي من الأب سيبستيانو سانشيني. اشتملت تلك الدراسات المجنونة والأكثر يأسًا على معرفة غير عادية بالثقافة الفلسفية والكلاسيكية -كان بإمكانه الكتابة والقراءة بطلاقة في اللغة اللاتينية واليونانية القديمة والعبرية- لكنه افتقر إلى التعليم الرسمي المنفتح والمحفز. ودرس بشكل متواصل بين سن الثانية عشر والتاسعة عشر، مدفوعًا أيضًا بالحاجة إلى الهروب الروحي من البيئة القاسية في منزل والده الفخم. وأضعفت دراسته المتواصلة بنيته الجسدية الهشة بالفعل، وحرمه مرضه من أبسط متع الشباب، ربما كان مرض الدرن أو التهاب الفقرات التيبسي.
وصل الكاتب الكلاسيكي بيترو جورداني إلى مقاطعة ليوباردي في عام 1817. وأصبح صديقًا لجاكومي طوال الحياة، وهو الأمر الذي استمد منه إحساسًا بالأمل في المستقبل. وازدادت حياته سوءًا خلال تلك الفترة في ريكاناتي إلى الحد الذي حاول فيه الهروب في عام 1818 لكن أمسكه والده وأعاده للمنزل. واستمرت العلاقة بين الأب والابن بعد ذلك في التدهور، وكان جاكومي مراقبًا باستمرار من بقية أسرته. وأصيب بخيبة أمل عميقة في عام 1822 عندما تمكن من الإقامة مع عمه لفترة قصيرة في روما، نتيجة جو الفساد والانحلال ونتيجة رياء الكنيسة. تأثر بضريح توركواتو تاسو لشعوره بأنه مقيد بحالة عامة من التعاسة. وبينما عاش فوسكولو حياة صاخبة بين المغامرات والعلاقات العاطفية والكتب، فإن ليوباردي كان قادرًا بالكاد على الهروب من الاضطهاد المنزلي. بدت روما بالنسبة لليوباردي جديرة بالازدراء ومتواضعة عند مقارنتها بالصورة النموذجية التي شكلها لها. وعانى بالفعل من خيبة الأمل في الحب في موطنه مع ابنة عمه جيلترود كاسي. واستمرت أمراضه الجسدية خلال ذلك الوقت في التدهور.
تلقى جاكومي دعوة إلى ميلان في عام 1824، من صاحب مكتبة ستيللا، إذ طلب منه كتابة عدد من الأعمال بما في ذلك المقتطفات الإيطالية في الشعر والنثر. وسافر خلال تلك الفترة متنقلًا بين ميلان وبولونيا وفلورنسا وبيزا. والتقى ليوبادري في فلورنسا في عام 1827 مع أليساندور مانزوني. وقام بزيارة جورداني والتقى بالمؤرخ بيترو كوليتا. ورفض ليوباردي في عام 1828 عرضًا قدمه سفير بروسيا في روما، ليشغل منصب الأستاذية في بون أو برلين، إذ كان ضعيف بدنيًا ومتعبًا بسبب العمل. وترك في نفس العام عمله مع مكتبة ستيللا وعاد إلى ريكاناتي. وعرض عليه كوليتا في عام 1830 فرصة للعودة إلى فلورنسا بفضل مساهمة مالية من (أصدقاء توسكانا). وسمحت له طباعة عمله اللاحق «سانتي» أن يعيش بعيدًا عن ريكاناتي حتى عام.1832 عثر ليبوباردي على جماعة مشابهة بين الليبراليين والجمهوريين الذين يسعون لتحرير إيطاليا من عبودية الإقطاع وحتى النمسا. على الرغم من أن أفكاره الفريدة والمتشائمة جعلته حزبًا لوحده، فإنه أدان الدستوريين والجمهوريين والديموقراطيين، وكان داعمًا للحركات التي تدعو الإيطاليين إلى النضال من أجل استقلالهم.
ليوبردي
شاعر ومفكر إيطالي.
ولد في مدينة ريكاناتي Recanati (في شمال شرقي إيطاليا) في ٢٩ يونيو ١٧٩٨ وتوفي في نابلي في ١٤يونيو ١٨٣٧.
وقد عاش في بيت والده حتى سنة ١٨٢٢ . وبعد ذلك التاريخ صار ينتقل بين روما، وميلانو، وبولونيا، وفيرنتسه وييزا.
وقضى معظم حياته هدفاً للأمراض. واستفحل الداء في سنة ١٨٣٢ فلم يعد قادراً على القراءة والكتابة، بل ولا التفكير وظل عاماً كاملاً لا يقوى على النطق. وفي سنة ه ١٨٣ سافر إلى نابلي ونزل ضيفاً على صديقه أنطونيو رامييري Rameri، وفي بيته توفي.
مؤلفاته الفلسفية
وندع جانباً ليوبردي الشاعر، وقد كرسنا له كتاباً كبيراً مع ترجمة كاملة لأشعاره 1 Canti. ولنقتصر هاهنا على ليوبردي المفكر.
وأفكاره قد سجلها على شكل خواطر متوالية في كتابين:
ليويردي
١ - كتاب بعنوان Zibaldone، كتبه بين سنة ١٨١٧ وسنة ١٨٣٢ وهو كتاب ضخم يقع في حوالي ١٥٠٠ صفحة. وكلمة Zibaldone معنا ها : أمشاج أدبية .
٢ - «مؤلفات أخلاقية» operette morale، وقد ألفها في سنة ١٨٢٤ باستثناء رسالة بعنوان: «كوبرنيكوس «، و«حوار بين أقفوطين وفورفوريوس»، فقدكتبهما في سنة ١٨٢٧
آراؤه الفلسفية
والطابع الغالب على آرائه هو التشاؤم.
وقد حاول البعض أن يردوا تشاؤمه المفرط إلى سوء أحواله الصحية. وقد ثار ليوبردي على هذا التفسير، في رسالة كتبها , بالفرنسية - إلى De Sinner (في ٤ ٢ مايو ١٨٣٢م) قال فيها:
«إنه جبن الناس، الذين يحتاجون إلى الاقتناع بقيمة الوجود - هو الذي جعل البعض يعد آرائي الفلسفية أنها ناتجة عن آلامي الخاصة بي، وأصروا على أن ينسبوا إلى ظروف ثانوية ما أدين به لعقلي وحده.
وقبل أن أموت أريد أن أحتج على هذا الرأي الذي هو وليد الضعف والتفكير العامى، وأرجو من قرائى أن يعملوا على تفنيد ملاحظاتي وبراهيني بدلا من أن يتهموا أمراضي».
وفلسفة ليويردي تدور جوهرياً حول مشكلة الشر في الوجود. وقد رأى في مرحلة أولى أن الشر ناتج عن تجاوز الإنسان لما تقتضيه الطبيعة لكنه في مرحلة ثانية . قال إن هذا التجاوز قد فرضته الطبيعة نفسها على الإنسان؛ ولهذا فإن الشر أمر ضروري مقرر في التصميم الأصلي المطلق لهذا العالم
وفي تفسيره للعقيدة الكاثوليكية الخاصة بالخطينة الأصلية، لميقلكما قال اللاهوتيون الكاثوليك إنها ترجع إلى انحراف في الشهوات والميول، بل قال إنها ترجع إلى تجاوز العقل الإنساني لحدوده فهي ليست إذن اظلاماً وانهياراً للعقل، بلهي على العكس من ذلك - إشراق للعقل وإضاءة (راجع Zibaldone نشرة.F Flora في جزئين - ميلانو ١٩٣٧ -١٩٣٨ - بنود ٣٩٣ .
ويؤكد ليوبردي (Zibaldone بنود ٦٠٢ - ٦٠٦ ، ٤٢٥٢ -٤٢٥٣) أن النفس الإنسانية فانية وليست خالدة، ولهذا ينعي على المسيحية إنها تحيل الناس إلى حياء وهمية بعد الموت. وهذا من شأنه أن يدمر الحياة الدنيوية، لأنه يحيل الحياة على الأرض إلى موت.
ولهذا فإن تشاؤم ليوبردي لا يقوم على أساس استحالة الاستمتاع بالوجود الكامل، بل يقوم على أساس استحالة استمتاع الكائنات الفانية بالوجود الحاضر إنه لا يقوم على استحالة العثور على الله في الدني، بل يقوم على استحالة الاستمتاع بالحياة الدنيا وبالعالم مثل استمتاع الله، وذلك لأن الاستمتاع في الدني عابر دائماً وفي صيرورة وتغير مستمر، وهو دائماً في المستقبل وليسفي الحاضر
إن وجودنا - هكذا يقول ليوبردي - لا معنى له، و«( الطبيعة قد جعلتنا أشقياء» («مؤلفات أخلاقية«، نشرة Bonati في باريس ١٩٢٨ ص٢٠٣). إن وجودنا يقوم على اللامعقول، ويسري فيه الملال
وينكر ليوبردي التقدم ٠ فإن احتج أحد بالتقدم في العلوم الطبيعية والتكنولوجية، قال في ملاحظة في كتابه Zibaldone (بتاريخ ٧ أغسطس سنة ١٨٢١) «إن العلم يدمر اللذات الرئيسية لروحنا، لأنه يحدد الأشياء ويبين حدودها، وإن كان في كشير جداً من الأشياء قد وسع أفكارنا من الناحية المادية وأقول: «من الناحية المادية»، لا من الناحية الروحية: فمثلاً المسافة بين الشمس والأرض كانت كبيرة في العقل الإنساني حينما كانت تظن أنها آلاف قليلة لا يذرى كم هي، لكنها كانت أكبر في الذهن لما تحددت بآلاف الآلاف من الأميال المحددة» (ص١٤٦٤ - ١٤٦٥ ؛ وراجع أيضاً صفحات ٣٨٢، ٤١٩٩,٤١٩٨),
كذلك كان ليوبردي يائساً من إمكان حدوث أي إصلاح في المجالين السياسي والاجتماعي، ومن وجود العدالةبين الناس.
وفي سنوات نضوجه أخذ ليوبردي في التحطيم المنظم لبعض «الأساطير» السائدة في الغرب المسيحي. ليس فقط «أسطورة» التقدم العلمي التكنولوجي، بل وأيضاً كل شكل من أشكال النزعة لإنسانية الفلسفية سواء أكانت تجعل الله في مركز المنظور، أم تجعل الإنسان في مركز المنظور.