تكنولوجيا القرن 16

لقد تم تقديم معظم الإنجازات التكنولوجية التي تمت في القرن السادس عشر على يد رجال الحرف والمهندسين، ولم يظهر أثر العلم على هذه الإنجازات إلا بعد مرور عدة قرون. ولقد كانت الساعات من أهم الآلات التي تم اختراعها في هذا الوقت، حيث تم تزيين أبراج الكنائس والمباني الحكومية بهذه الساعات، كما قام صانع ساعات ألماني عام 1515 باختراع أول ساعة جيب.

علاوة على ذلك، تطورت الأسلحة البسيطة التي كانت تستخدم في المعارك عام 1515من خلال اختراع "زند البندقية"، الذي يقوم بحك الصوان على معدن لتشغيل البارود . وبالنسبة للأجيال التالية، ينقسم السلاح الناري إلى ثلاثة أجزاء: آلية إطلاق النار والمسند الخشبي الذي يوضع على الكتف والماسورة المعدنية، وهكذا أصبح السلاح الناري يتكون من زند البندقية ومقبض البندقية وماسورة البندقية. هذا، وقد زادت دقة الأسلحة النارية البسيطة بعد عام 1520، وذلك من خلال تزويد ماسورة البندقية بأخاديد معدنية حلزونية ساعدت بدورها على التحكم في إطلاق الرصاص.

كما أنه إذا كانت هناك صراعات كثيرة حول الأراضي الواقعة على الحدود، فإن تلك الحدود يمكن وضعها وتنظيمها بدقة شديدة من خلال استخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة الخاصة بالمسح الجغرافي مثل آلات المسح أو القياس باستخدام علم حساب المثلثات وأجهزة قياس الزوايا. كما أظهر علم الفلك أيضا، من خلال اتحاده مع علم الرياضيات ، مدى فائدة التكنولوجيا الحديثة في وضع تقویم جدید قدمه البابا جريجوريوس الثالث عشر عام 1582. ولقد عمل هذا التقويم على تنظيم حدوث السنوات الكبيسة ؛ الأمر الذي أدى بدوره إلى تنظيم طول السنة بشكل أكثر دقة. ولقد استخدمت الدول الكاثوليكية هذا التقويم على الفور، في الوقت الذي توانت فيه الدول البروتستانتية عن تناوله - ربما لقرون طويلة.

كان على العلماء، والفنانين على حد سواء، الاهتمام بالقضايا السياسية والعسكرية، وذلك من أجل تقديم خدمات للأمراء والنبلاء الذين كانوا يقومون برعايتهم والذين كانوا دائما في حالة حرب. كما كان عليهم أن يضاعفوا جهودهم شأنهم في ذلك شأن المهندسين الذين كانوا يضاعفون جهودهم لبناء الحصون والقلاع، وعلماء الرياضيات الذين كانوا يقومون بدراسة مسار الطلقات والقذائف لزيادة الدقة في استخدام الأسلحة النارية. كما كانت هناك حاجة ماسة إلى استخدام المعادن بشكل موسع في صناعة السيوف والرماح ومواسير البنادق، بالإضافة إلى استخدامها في صناعة الأدوات السلمية مثل المحراث. وبالتالي، لاقت الكتب التي تتناول استخراج المعادن وصهرها، مثل كتاب De Re Metallica للعالم أجريقولا 1546 شعبية كبيرة.

كان اسكتشاف أراضي جديدة لغزوها لا يزال محط اهتمام الكثير من الدول، وقد اكتملت بالفعل أولى محاولات الإبحار حول العالم، التي قامت بها مجموعة من السفن تحت قيادة البحار الأسباني فرديناند ماجلان عام 1521، كما اكتملت أيضا محاولة الإبحار حول العالم التي قام بها البحار الإنجليزي فرنسيس درايك عام 1580. وبالتالي، كان وضع الخرائط وصناعة البوصلات من العوامل التكنولوجية الأساسية التي شهدت تطورا عظيما في هذه الفترة، فتطورت الطرق التي يتم بها وضع الخرائط بواسطة الأفراد الذين يقومون برسم الخرائط في الأراضي المنخفضة. كما تمت دراسة صناعة البوصلات بشكل مفصل عام 1581؛ وقد أدى كل ذلك بدوره إلى لفت الانتباه إلى دراسة المغناطيسية عام 1600.

علاوة على ذلك، شهد هذا القرن بدء عصر الصناعة والآلات من خلال الاختراع الذي قدمه العالم الإنجليزي وليم دي، وهو عبارة عن ماكينة خياطة لصناعة الجوارب. ولم يتمكن هذا المخترع من الحصول على براءة الاختراع في إنجلترا، لذلك بدأ اختراعه في فرنسا. ولقد كان اختراع دورات المياه لأول مرة بواسطة السير الإنجليزي جون هارينجتن، وهو أحد رجال الحاشية الملكية الإنجليزية، خطوة في اتجاه وضع أساليب الحياة المتقدمة والمرفهة.