تحليل مقارن نوعي

التحليل المقارن النوعي أو التحليل الكيفي المقارن (بالإنجليزية: Qualitative Comparative Analysis أو اختصاراً QCA) هي تقنية تم تطويرها من قِبل تشارلز راجين عام 1987، لحل المشكلات التي تحدث بسبب عمل استنتاجات سببية على أساس عدد صغير من الحالات فقط. وتُستخدم الطريقة في العلوم الاجتماعية وتقوم على المنطق الثنائي الجبر البولياني (المنطق)، وتحاول تعظيم عدد المقارنات التي يمكن أن تتم عبر الحالات قيد الفحص.

أطلق هذا الاسم تشارلز راجين (فى كتابه المنهج المقارن، الصادر عام 1987) على الأسلوب الذى اقترحه لحل المشكلات التى تواجه الباحثين الذين يجرون دراسات مقارنة للوحدات الاجتماعية الكبرى (الدراسات الماكرو سوسيولوجية)، حيث يتعين عليهم فى أغلب الأحيان أن يقوموا بحمليات استدلال عليه استنادا إلى عدد محدود فقط من الحالات. ويعتمد هذا الأسلوب على المنطق الثنائى فى الجبر كما نعرفه عند جورج بول (George Boole)، ويحاول زيادة عدد المقارنات التى يمكن إجراؤها بين الحالات المدروسة إلى أقصى حد ممكن، على أساس وجود أو غياب بعض السمات (المتغيرات) ذات الأهمية التحليلية. فإذا كان هناك، على سبيل المثال، ثمانية عشر حالة (لنقل مثلاً إنها 81 دولة)، تتسم بثمانية متغيرات مستقلة (هى هنا: وجود الركود الاقتصادى من عدمه، وجود تهديد خارجى لأمن تلك الدولة ....الخ) يتعين دراستها لتحديد العوامل العلية المسئولة عن حدوث ثورات، فإنها تقدم فى هذا المثال ما لايقل عن 128 من احتمالات الارتباط بين الظروف العلية. ويرى راجين أن هذا الأسلوب يجمع بين نقاط القوة فى دراسات الحالة (أى البحوث الكيفية) وبحوث قياس المتغيرات (أى البحوث الكمية) فى علم الاجتماع المقارن. أما نقاد هذا الأسلوب فيرون أنه يحقق التمثيل المنطقى دون الاحصائى، و لايدخل فى حسابه المتغيرات الناقصة أو عامل الخطأ فى البيانات، و أنه ليست كل المتغيرات المهمة ذات قيمتين اثنتين فقط، ولهذا يصبح هذا الأسلوب فائق الحساسية للطريقة المتى سيتم بها ترميز كل حالة بطريقة ثنائية. من هذا مثلا أن الاختيار بيسن "وجود الركود الاقتصادى فى مقابل غياب الركود الاقتصادى" لا يأخذ فى الحسبان الظروف الوسيطة، ولا طول مدة الركود الاقتصادى أو حدة هذا الركود. والملاحظ أن مشكلات الترميز هذه تتفاقم (وهو الأمر الغالب) عندما يكون الباحث بصدد التعامل مع متغيرات مستمرة، كالدخل ودرجة عدم العدالة فى توزيعه، بحيث يمكن أن يؤدى إلى الانهيار تماما.

الهدف

وتهدف هذه التقنية إلى التخفيف من مشكلة N الصغيرة من خلال إتاحة عمل استنتاجات من العدد الأقصى للمقارنات التي يمكن عملها عبر الحالات قيد التحليل. وتنشأ مسألة N الصغرى عندما يكون عدد وحدات التحليل (على سبيل المثال البلدان) المتاح محدودًا بطبيعته. على سبيل المثال: تكون الدراسة التي تكون فيها البلدان هي وحدة التحليل محدودة من حيث إنه يوجد فقط عدد محدود من البلدان في العالم (أقل من 200 دولة) وهو عدد أقل بكثير مما هو ضروري للأساليب الإحصائية (الاحتمالية). ومن خلال تعظيم عدد المقارنات التي يمكن عملها عبر الحالات قيد التحليل، تكون الاستنتاجات السببية ممكنة وفقًا لراجين. ومن شأن هذه التقنية أيضًا أن تتيح تحليل العلاقة السببية المتعددة وآثار التفاعل.

النقد

نظرًا لأن هذه التقنية هي تقنية منطقية (قطعية) وليست إحصائية (احتمالية)، مع التحليل المقارن النوعي الخاص بفئة "Crisp-Set" (csQCA)، وهو التطبيق الأصلي من التحليل المقارن النوعي، يمكن للمتغيرات أن يكون لها قيمتين فقط وهو ما يُعتبر إشكالية نظرًا لأن الباحث مضطر لتحديد قيم كل متغير. على سبيل المثال: يتعين تقسيم الناتج المحلي الإجمالي للفرد من قِبل الباحث في فئتين (على سبيل المثال، منخفض = 0 ومرتفع = 1). ولكن بما أن هذا المتغير هو أساسًا متغير مستمر، فسيكون التقسيم دائمًا تعسفيًا. ومشكلة أخرى ذات صلة هي أن هذه التقنية لا تتيح تقييم أثر نقاط القوة النسبية للمتغيرات المستقلة (نظرًا لأنها يمكن أن تكون لديها قيمتان فقط). وحاول راجين، وعلماء آخرون مثل لاس كرونكفيست، التعامل مع هذه المشكلات من خلال تطوير أدوات جديدة توسع نطاق التحليل المقارن النوعي، مثل التحليل المقارن النوعي متعدد القيمة (mvQCA) والتحليل المقارن النوعي ذي المجموعات الغامضة (fsQCA).