تاريخ الأقصر


تاريخ الأقصر يرجع تأسيس مدينة طيبة إلى عصر الأسرة الرابعة حوالي عام 2575 ق.م، وحتى عصر الدولة الوسطى لم تكن طيبة أكثر من مجرد مجموعة من الأكواخ البسيطة المتجاورة، ورغم ذلك كانت تستخدم كمقبرة لدفن الأموات، فقد كان يدفن فيها حكام الأقاليمِ منذ عصر الدولة القديمة وما بعدها، ثم أصبحت مدينة طيبة في وقت لاحق عاصمة لمصر في عصر الأسرة المصرية الحادية عشر على يد الفرعون منتوحتب الأول، والذي نجح في توحيد البلاد مرة أخرى بعد حالة الفوضى التي احلت بمصر في عصر الاضمحلال الأول، وظلت مدينة طيبة عاصمة للدولة المصرية حتى سقوط حكم الفراعنة والأسرة الحادية والثلاثون على يد الفرس 332 ق.م.

العصر الفرعوني

نجد التجمعات السكنية الزراعية في العصر الحجريّ الحديث مبعثرة على طول نهر النيل، وخصوصا بين مدينة الصقر (هيراكونبوليس) في الجنوب وأبيدوس في الشمال. فمثلا، تقع على بعد كيلو مترات قليلة إلى الشمال من الأقصر قرية كبيرة من العصر الحجري الحديث هي قرية نقادة، وهو موقع يتميز بثقافة متطورة تسبق عصر الكتابة، وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ أمثلة من أوانيها الفخارية الجميلة وحرفها الحجرية في متحف الأقصر للفن القديم. غير أَنّ الدليلَ على العصر الحجري الحديث في الأقصرِ نفسها ضئيل، ولعل هذا يرجع إلى أن طَمي النيل يغطي الآن المواقع الأثرية القديمة. ونجدُ على نفس المستوى من الندرة آثار المجتمعات السكنية التي ترجع إلى عصر الأسرتين الأولى والثانية.

شهدت المملكة المصريةُ القديمةُ ظهور الأهرام في الجيزة ومقابر المصطبة في سقارة، ونظاما دائب التطور للكتابة والتدوين والأدب والفن الرفيع، والتعبير عن دقائق المعتقدات الدينية، وتطور العلوم والصروح السياسية والاقتصادية المعقدة، بالإضافة إلى زيادة السكان. وهذه العوامل مجتمعة جعلت الدولة القديمة من أعظم العصور في تاريخ البشرية. بيد أن هذه التطورات جرت في منطقة محدودة جغرافيا تمتد حوالي 50 كيلو مترا (30 ميلا) جنوب القاهرة اليوم. وإلى أقصى الجنوب نجد مواقع قليلة، مثل جزيرة فيلة وأبيدوس، أخذت بنصيبها من هذه الملامح المميزة للحضارة، ولم تكن الأقصر واحدة منها.

كان الإقليم المصريّ الرابع، إقليم الأقصر يزهو ويتباهى بثلاث قرى رئيسية وهي أرمنت، ويسميها اليونانيون هيرمونثس، وكانت تقع على الضفة الغربية من النيل بالقرب من الحدود الجنوبية للإقليم وظلت عاصمة الإقليم حتى حوالي الأسرة الرابعة. وعلى الضفة الشرقية ازدهرت قريتان أخرىان، وكانتا على جانب كبير من الأهمية، تود التي تقع في الجنوب ومدامود في الشمال. وحتى الدولة الوسطى لم تكن مدينة الأقصر أكثر من مجرد مجموعة من الأكواخ البسيطة التي لا شأن لها، ورغم ذلك كانت جبانة الأقصر قيد الاستخدام: فقد دُفِن حكامُ الأقاليمِ هنا منذ الدولة القديمة فما بعدها، ولعلّ هذا يرجع إلى جودة الحجر الجيري فيها، وسهولة الوصول إلى قاعدة الحجر الجيري فيها. ونعرف خمس مقابر لهؤلاء الحكام الإقليميين في المنطقة المعروفة بالخوخة بالضفة الغربية، وآخرين إلى أقصى الشمال في الطارف (ليس منها ما هو مفتوح للجمهور).

وقرب نهاية عصر الدولة القديمة بدأت السلطة المركزية القوية التي ميّزت عاصمة مصر، منف، في التقوّض والاضمحلال، ويرجع هذا في بعض أمره إلى الجمود والركود والخمود والهمود الذي بات رويدا رويدا يميز العهد الطويل للملك بيبي الثاني. وبضعف سلطة البلاط أخذ حكام الأقاليم يعملون حثيثا على أخذ هذه السلطة لأنفسهم، حتى إنه بحلول الأسرة الخامسة حلّت الأسرات الإقليمية محلّ البيروقراطية المركزية في مصر. وقد أولت تلك الأسرات المحلية اهتماما قليلا بالأحداث الجارية فيما وراء حدودها. ونظرا لعدم وجود قاعدة قوية عريضة للسلطة، بالإضافة إلى كارثة توالي فترات الجفاف، انهارت هذه الحكومات الإقليمية، ولم تكن الأسرتان السابعة والثامنة أكثر من سلسلة من الحكام المتنافسين قصيري الأجل، ولم تعد تُبنى مقابر النبلاء بالقرب من المجمع الهرمي للملك في إقليم منف، وبدلا من ذلك آثر حكام الأقاليم دفن أنفسهم في أوطانهم. وتُقدّم أساليب الأقاليم في الفن والعمارة دليلا دامغا على زوال الحكومة المركزية.

العصور الوسطى

العصر الإسلامي والحديث