بنتين من مصر (فيلم)
بنتين من مصر | |
---|---|
صورة معبرة عن الموضوع بنتين من مصر (فيلم) | |
المخرج | محمد أمين |
انتاج | الشركة العربية للانتاج والتوزيع السينمائى |
الكاتب | محمد أمين |
بطولة | زينة صبا مبارك أحمد وفيق طارق لطفي اياد نصار |
موسيقى | رعد خلف |
تاريخ الصدور | 2010 |
مدة العرض | 129 دقيقة |
اللغة الأصلية | العربية |
الجوائز | مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مهرجان المركز الكاثوليكي المصري للسينما |
معلومات على ... | |
imdb.com | صفحة الفيلم |
elcinema.com | صفحة الفيلم |
تعديل طالع توثيق القالب |
بنتين من مصر فيلم اجتماعي سياسي مصري تم إنتاجه عام 2010 من بطولة زينة وصبا مبارك [١].
يحكي قصة كفاح فتاتين تواجهان مشكلة تأخر الزواج عدة في إطار دراماتيكي مشوق حيث يناقش الفيلم قضايا نسائية في اطار المجتمع الذي يعاني من الكبت والقهر السياسي التي كانت تعاني منه مصر قبل ثورة 25 يناير وانتشار المشاكل الاجتماعية والمادية. يعتبر الفيلم هو ثالث محمد امين بعد فيلم ثقافي وليلة سقوط بغداد والتي تتسم بالكوميديا السوداء.
ملخص الفيلم
يتناول الفيلم احدي أهم مشاكل المجتمع المصري حول انتشار العنوسة تأخر سن الزواج عند الفتيات نتيجة أسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية ولا يتعلق بشكل مباشر بالاخلاق أو الجمال. فبطلتي الفيلم زينة التي تقوم بدور "حنان" وصبا مبارك التي تقوم بدور "داليا" كن متفوقات جدا في دراستهن وعملهن. احداهن حاصلة علي جائزة الموظف المثالي عدة مرات وجوائز اخري. والأخرى كان ترتيبها التاسع علي دفعتها والأولي علي الدبلومة وتسعي للحصول علي الماجستير.
ورغم تمتعهن بقدر بسيط من الجمال الا انهن قاربوا سن الثلاثين بلا زواج. ثرت "حنان" علي شخص مناسب يعمل معها في نفس الكلية وحاولت ان تتقرب منه وتلفت انتباه الا انها فوجئت بانه يطلب الزواج من زميلتها الاصغر منها سنا لانه شخص جاوز 35 عاما ويريدالتمتع بشبابه.
ولأن الزمن يجري من بين أيديهما فقد حرص المخرج على أن يضع تفاصيل لخوفهما من ضياع الأيام؛ إذ نرى "حنان" كلما توفر لها مال تشتري قميص نوم، وتكتب عليه تاريخ العام منذ أن تخطت العشرين، وتحلم بأن ترتدي هذا القميص.
وهكذا تتراكم القمصان داخل الدولاب كأنها شاهد إثبات على ضياع السنوات.. حلم الأمومة أيضاً يؤرقها.. إحساسها بأنها ربما ليست جذابة بما يكفي، ولهذا تذهب إلى طبيبة تسألها عن إمكان تكبير ثديها الذي تحرص على أن تضع داخله مادة صناعية لكي يبدو أكبر حجماً، وتسأل الطبيبة عن إمكان تكبير الثدي فتخبرها بأن حجمه متوافق بالنسبة لعمرها مثلما يتوافق الأمر مع ظهور بعض الشعيرات البيضاء في رأسها!
"حنان" تبدو أكثر إيجابية في محاولاتها للحصول على عريس، لهذا تذهب إلى مكتب للتزويج، وتقدم مواصفاتها في العريس المطلوب، ودائماً ما تقدم تنازلاً كلما مرت الأيام لتتوافق مع حالتها فهي لا تخدع نفسها، وتحث ابنة عمها على أن تحذو نفس الاتجاه، وتدفعها للذهاب إلى أماكن اعتصام واحتجاج الأطباء، فتنضم صبا للمعارضة فتكتشف زميلها القديم "رامي وحيد" أحد زعماء المعارضة. وتبدأ بوادر قصة حب لكنها تكتشف أنه عميل للأجهزة الأمنية، فتتركه قبل أن تبوح إليه بمشاعرها، ويأتي العريس الثاني الذي أدى دوره "طارق لطفي"، وتوافق "داليا" على أن تعيش معه في تلك المنطقة النائية التي استزرعها بعد أن حصل على قرض من الدولة لكنه يجد نفسه أمام حكم محكمة إما الدفع أو الحبس، فلا يجد أمامه سوى الهرب إلى خارج حدود الوطن.
على الجانب الآخر تسعى "حنان" -أكثر من مرة- للحصول على عريس، وعندما يأتي إليها عن طريق مكتب الزواج، ويؤدي دوره الفنان الأردني "إياد نصار" نكتشف أنه شخصية مريضة نفسياً؛ إذ لديه شك في كل النساء، ويطلب من "حنان" أن تذهب إلى طبيبة نساء حتى يتأكد من أنها لا تزال عذراء، وبعد أن توافق مرغمة على هذا الشرط القاسي -الذي يحمل قدراً لا ينكر من الازدراء، ويكتشف بالفعل أنها عذراء- يعترف لها في النهاية بأنه لا يستطيع الزواج، وبأنه ليست لديه ثقة في أي امرأة!
ينتهي الأمر بأن تذهب الفتاتان إلى مطار القاهرة لأن هناك عريسا محتملا في طريقه إلى قطر، وليس لديه إلا بضع ساعات يقضيها بالمطار ليختار واحدة، الخاطبة التي تؤدي دورها "سميرة عبد العزيز" تصطحب معها أيضاً اثنتين أخرىتين. بينما كل من "حنان" و"داليا" تنتظران، ونرى لقطة ثابتة على وجهيهما في نهاية الفيلم، وصوت أزيز طائرة في الجو كأنه حلم قادم للسفر خارج حدود الوطن!
ابطال الفيلم
- زينة
- صبا مبارك
- أحمد وفيق
- طارق لطفي (ضيف شرف)
- رامى سمير وحيد (ضيف شرف)
- نهال عنبر
- إياد نصار (ضيف شرف)
- عمر حسن يوسف
- أحمد وفيق
- رانيا شاهين
- جيهان سلامة
فريق العمل
- تأليف : محمد أمين
- تصوير: إيهاب محمد على (مدير التصوير)
جلال الزكي (مدير تصوير)
- التوزيع: الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائى (توزيع داخلي وخارجي)
إسعاد يونس (موزع)
- الإنتاج: إسعاد يونس (منتج)
عماد مراد (المنتج الفني)
الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائى (إنتاج)
- الديكور: سامح الخولي (Art Director)
- كاستينج: حمدي أبو اليسر (منفذ كاستينج)
- مونتاج: مها رشدى (مونتاج)
- موسيقى: رعد خلف (موسيقي تصويرية)
- الصوت: أحمد سليمان (مهندس صوت)
علاء الكاشف (مهندس صوت)
- إخراج: محمد أمين
الجوائز
- حصل الفيلم علي جائزة جمعية نقاد السينما المصريين لعام 2010 [٢]
- المركز الثاني كأفضل فيلم من مهرجان الإسكندرية السينمائي [٣]
- حصلت الفنانة الشابة صبا مبارك على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم كما حصل محمد أمين على جائزة أفضل سيناريست عن فيلم "بنتين من مصر" في الدورة التاسعة والخمسون لـ"مهرجان المركز الكاثوليكى المصري للسينما"[٤]
رأي النقاد
الناقد الفني : طارق الشناوي [٥]
«بنتين من مصر».. عنوسة مجتمع وليست عنوسة بنتين
اراد المخرج أن يحوله إلى وثيقة سياسية عن الحالة التي بلغها المواطن المصري. انا أتابع الكاتب والمخرج محمد أمين المقل جدا في أفلامه، إلا أنه في نهاية الأمر يصنع دائما حالة خاصة تشعرك أن لديه هما يريد التعبير عنه ووجهة نظر تشغله وتؤرقه يسعى لكي يخلق لها معادلا سينمائيا. أول لقاء لمحمد أمين عبر شريط السينما جاء من خلال فيلمه الذي حمل اسم «فيلم ثقافي» عام 2000 وهو أحد الأفلام قليلة التكلفة، فلقد استعان منتج الفيلم سامي العدل وقتها بثلاثة من الوجوه الجديدة هم أحمد رزق، وأحمد عيد، وفتحي عبد الوهاب. وتعبير «فيلم ثقافي» مقصود به الفيلم الجنسي وهي تسمية متعارف عليها بين الشباب في مصر
كان الفيلم يناقش الكبت الجنسي عند الشباب وطرق التعبير المختلفة التي يلجأون إليها في التحايل على المجتمع لمشاهدة هذا الفيلم. ثم يصمت محمد أمين خمس سنوات ليقدم لنا فيلمه الثاني «ليلة سقوط بغداد» 2005 وبالطبع السيناريو يدين غزو أميركا للعراق ويسأل ماذا لو قررت أميركا أن تضرب القاهرة وهكذا انتقل برؤية فانتازية لمناقشة قضية الأمن القومي.
ثم انتقل هذا العام إلى فيلمه الثالث كاتبا ومخرجا أيضا لـ«بنتين من مصر» الذي يناقش قضية العنوسة لنرى حالة سينمائية ترتكن إلى قيمة اجتماعية وفكرية وأيضا سياسية وإن غاب عنها في كثير من المشاهد القيم السينمائية الجمالية وأعني بها تفاصيل التعبير. لم يخضع محمد أمين لتلك التركيبة التقليدية التي ارتبطت بالعانس في السينما العربية وهي المرأة القبيحة التي تسعى للحصول بأي ثمن على عريس بعد أن فاتها القطار واشتهرت بأداء هذا الدور الراحلتان زينات صدقي وسناء يونس، وسار على الدرب كل من عائشة الكيلاني ونشوى مصطفى في أداء نفس الدور بنفس مقومات امرأة يخاصمها الجمال تبحث عن عريس. ولكن محمد أمين أراد أن يقدم في السيناريو عمقا آخر يحلل القضية ولا يسخر منها. يدخل إلى منطقة أكثر وعورة يبحث عن الأبعاد الثقافية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمشكلة التي تحول دون إقامة حياة زوجية لعدد كبير من الشباب في مصر. حرص المخرج على أن يقدم تفاصيل تعيشها الفتاتان لتقديم الإحساس بالزمن المسروق وهذا الرعب القائم من ضياع الفرصة حيث إن كل يوم يمضي يخصم من جمالهما ويزيد خوفهما.. كان نصيب «زينة» من هذه التفاصيل الدرامية في السيناريو أكثر من «صبا» مثلا نكتشف أن «زينة» تحرص كل عام على شراء قميص نوم بدأت عام 2002 بمجرد أن تجاوزت العشرين. وحلمها الدائم بأنها ترتدي القميص ليلة الدخلة. نعم هي تكذب على نفسها ولكن ليس أمامها حل آخر.. دائما «زينة» لها دور إيجابي في هذا الاتجاه وهي تسعى للحصول على عريس فهي لا تنتظر قدوم العريس ليطرق بابها وتعلم أنه لن يأتي بسهولة ونرى أكثر من محاولة مثل ذهابها إلى مكتب التزويج وتقديم مواصفاتها لعل وعسى أن يأتي ابن الحلال. بينما نرى تنازلها الدائم عن كل شروطها تدريجيا، ومع مضي الزمن صارت مثل البضاعة المعروضة بلا ثمن. لا شقة ولا اشتراط في العمر ولا شبكة ولا فرح، هي فقط تبحث عن حماية أدبية ثم نرى العريس الذي يأتي، أدى دوره الفنان الأردني إياد نصار، تكتشف أن لديه توجسا من عذرية الفتاة التي يريد الارتباط بها ولهذا يطلب أن يطمئن أولا على غشاء بكارتها قبل أن يرتبط بها، ورغم ذلك فإنه بعد أن يتأكد من عذريتها يهرب لأنه يخشى النساء وليس فقط يخاف من فقدانهن البكارة قبل الزواج لديه هاجس دائم ضد النساء. على المقابل فإن صبا مبارك تسعى أيضا بتعضيد من «زينة» لكي تذهب إلى نقابة الأطباء للاشتراك في مظاهرات واحتجاجات ضد الدولة، لكن ليس لديها أي وعي سياسي ولا موقف، ولكن لماذا لا تتسع دائرتها لعل وعسى يأتي العريس وتكتشف أن الرجل الذي تعلقت به أدى دوره رامي وحيد عميل للدولة. فهو يزعم نضاله في صفوف المعارضة لكنه يعمل مع الأجهزة الأمنية ويشي بزملائه ولا تستطيع أن تكمل معه الطريق ولا يستطيع السيناريو أن يقول مباشرة إنه ضد الحزب الوطني، فقط ينعته قائلا إنه حزب الدولة أو الحكومة.. يبدو أن الرقابة في مصر تمنع مهاجمة الحزب الوطني. العريس الثاني طارق لطفي يستصلح أرضا بعد أن أخذ قرضا من الدولة ويتحمل المشقة في تسميدها وزراعتها ثم يجد نفسه مطالبا من الدولة بالدفع أو الحبس. الفيلم بين الحين والآخر يقدم الضغط السياسي الذي يعيشه الناس أحيانا بلقطات سريعة من خلال مواقف للأبطال يتحدثون عن تأخرهم في الميعاد بسبب المظاهرات الاحتجاجية التي أصبحت طابعا مميزا في الشارع المصري. أراد أيضا المخرج أن يحيل الفيلم إلى وثيقة سياسية على التردي وما حدث للمواطن المصري من هذيان. وهكذا قدم في مشهد طويل غرق العبارة التي راح ضحيتها نحو 1300 مواطن مصري. أسهب المخرج كثيرا في هذه المشاهد وكلما اقتربت النهاية فإن على المخرج أن يكثف الحدث وهذا هو ما فشل فيه تماما محمد أمين حيث إنه قدم الحكايات الجانبية بتفاصيل تفسد إيقاع الفيلم. وتأتي النهاية ساخرة وأيضا عميقة حيث إن سميرة عبد العزيز التي تعمل موظفة في الكلية وتمارس مهنة الخاطبة يقع اختيارها على شاب مصري مهاجر في قطر وليس أمامه إلا ساعات قليلة يقضيها في المطار قبل أن تقلع طائرته مرة أخرى إلى الدوحة وتذهب إليه بأربع فتيات بينما بطلتا الفيلم تنتظران أن تنتهي لقاءاته مع الفتيات الأخرىات وتقترب الكاميرا من وجهي «زينة» و«صبا مبارك» في لقطة ثابتة. حرص المخرج على أن يظل الدافع الجنسي في العلاقة بين المرأة والرجل واحتياج المرأة لتلك العلاقة هو آخر الاهتمامات وذلك من خلال إطار أخلاقي صارم فرضه الكاتب على نفسه. فهو حريص على التأكيد بأن الرغبة في تكوين أسرة ووجود رجل هو الحافز المسيطر فقط.
في جلسات العلاج الجماعي التي تعدها الطبيبة التي تؤدي دورها نهال عنبر نجد أن آخر ما تذكره الفتيات هو احتياجهم الجنسي اعتبرها المخرج مجرد تجربة ينبغي أن تمر بها المرأة وليست احتياجا طبيعيا. دائما الأمومة والرغبة في الحماية الاجتماعية هي أساس الاختيار. في الفيلم لا شك أننا نرى زينة في واحد من أجمل وأروع الأدوار بل وكأنه أول أدوارها. «زينة» التي قدمها المخرج داود عبد السيد في «أرض الخوف» في دور صغير وهي لم تتعد الخمسة عشر عاما بداخلها بالفعل ممثلة موهوبة، استطاع محمد أمين أن يلتقط الكثير من قدراتها الأدائية في المشاهد التي تحتاج إلى خفة ظل والمليئة أيضا بالشجن، انتقلت بإبداع وهي تقدم كل هذه النغمات الأدائية المتباينة. مثلا كيف تقدم معلومة للعريس المرتقب بأنها زوجة مطيعة، ثم وهي تنتقل من التسامح إلى العنف مع الطلبة في المكتبة كانت تتسامح في البداية عندما ترى لمسات أيدي الطلبة، ولكنها بعد أن تضاءل أملها في الزواج صارت عنيفة مع الطلبة إلى درجة أن تستدعي لهم الأمن لمجرد الشك. صبا مبارك الفنانة الأردنية أدت دورها بأسلوب جيد، ولكن الدور كان يحتاج إلى فنانة في مرحلة عمرية أصغر لأن ملامح صبا تجاوزت تلك المرحلة، إلا أنها في كل الأحوال أراها وجها من الممكن أن يحقق نجاحا أكبر في السينما المصرية. تفوق عنصر موسيقى رعد خلف وأيضا ديكور سامح الخولي.. كان الفيلم بحاجة إلى مونتاج على الورق في السيناريو ومونتاج بعد التصوير وفي الحالتين كان المخرج محمد أمين هو المسؤول عن تلك الحالة من الترهل التي أصابت الفيلم في النصف الثاني خاصة أننا كلما اقتربنا من النهاية احتجنا أكثر إلى التكثيف وهو ما فات محمد أمين. ولكن نظل أمام عمل فني بكل عيوبه يحمل نبض مبدعه وفكره وإحساسه، ويقترب من منطقة شائكة في حياة المرأة ولكنه ببراعة أحالها إلى منطقة شائكة في حياة الوطن
الناقد الفني ايهاب التركي[٦]
«بنتين من مصر» فيلم تجاوز مشكلة فتاتين تأخر بهما سن الزواج إلى قضية وطن.
لم يغرق فيلم (بنتين من مصر) في الهم الخاص بشخصياته ويقدمه معزولاً عن حالة الوطن، ذلك الوطن الذي تم وضعه علي بداية المنحدر كما تقول إحدي شخصيات الفيلم تعبيراً عن رداءة المناخ العام.. يبدو الوعي السياسي لمؤلف الفيلم ومخرجه «محمد أمين» حاضراً وهو يتناول مشكلة العنوسة بكل ما تحمله من شجن وألم.
يبدو الفيلم متشائماً وحاداً في نقمته، وينجح من خلال سيناريو يتسلل إلي المشاعر في أن يحول قضية الفتاتين داليا وحنان من قضية طبيبة وموظفة تأخر بهما سن الزواج إلي قضية وطن افتقد فيه الناس حقوقهم الإنسانية البسيطة، الزواج، العمل، حرية التعبير. براعة اختيار العنوان تؤكد ذلك، فقضية العنوسة قد توجد في بلاد أخرى عربية أو أفريقية أو آسيوية لكنها في مصر لها خصوصية ترتبط بظروف اجتماعية قاسية.
عنوان الفيلم باللغة الإنجليزية Egyptian Maidens أو (عذراوتان من مصر) الأقرب لموضوعه، فالبطلتان يشغلهما مصيرهما، هما عذراوتان ترفضان لأسباب دينية واجتماعية إقامة أي علاقات جنسية خارج نطاق الزواج رغم أن بعض زميلاتهما تفعلان ذلك بمبررات وتحت غطاء الزواج العرفي أو المسيار، وفي نفس الوقت شبح العنوسة يخيم علي حياتهما بعد فشلهما في الارتباط أكثر من مرة.
مشكلتهما جزء من خلل منظومة مجتمع علي وشك الغرق، بينما يصر مسئولوه علي أن تلك الرؤية المتشائمة ناجمة عن النظر فقط إلي النصف الفارغ من الكوب. تؤكد ميلودراما «محمد أمين» الحزينة أن الكوب فارغ، وأن المركب تغرق وأن التشاؤم هنا هو إدراك للواقع، يصور من خلال لقطة تتكرر قاع سفينة توشك علي الغرق أن هذا هو المصير الحتمي لحالة الإنكار والتجميل التي يمارسها البعض للواقع الكريه.
تتسلل مشاهد الفيلم بشخصياته الرقيقة إلي القلب فتحرك فيه الغضب والحنق وتوجعه، هذا الإحساس القوي بالقهر والعجز والاستسلام لدي شخصية حنان الفتاة التي تبحث عن عريس عن طريق مكتب زواج وكلما طال انتظارها تتصل بالمكتب لتحذف بعض شروطها وتقدم المزيد من التنازلات لتوسيع فرصة حصولها علي عريس، يحول «محمد أمين» مشهدًا مشهورًا في السينما المصرية للعروس التي تذهب مع عريسها للمطار في بداية رحلة شهر العسل إلي مشهد عكسي شديد القسوة والألم لفتاتين تجلسان في صالة انتظار المطار في انتظار عريس لا وقت لديه سوي 45 دقيقة سيقضيها في المطار قبل سفره معهما معاً ليختار من تعجبه، نظرات عيونهما التي تتابع طائرة تقلع الي السماء تنطق بالرجاء والأمل في الهروب من هذا الوطن الظالم.
«محمد أمين» المخرج أكثر نضجاً في فيلمه الثالث، وأكثر قدرة علي استغلال الصورة والتعبير بها، موسيقي «رعد خلف» كانت جزءًا من تأكيد حالة الفيلم الخاصة. التوازن الذي خلقه «محمد أمين» بين عمق الفكرة والبناء الدرامي السينمائي يظهر نضجه فنياً عن أفلامه السابقة (فيلم ثقافي) و(ليلة سقوط بغداد)، الحوار في الفيلم رغم إنه مكتوب بشكل جيد، فإن الإحساس بتلقين المؤلف للشخصيات كان واضحاً، أغلب الشخصيات تتكلم تقريباً بنفس اللغة والمفردات وبعضها تركيباته غير مألوفة مثل جملة «أنا انفعلت بيكي» التي تعني «أنا أعجبت بيكي».
إنجاز «محمد أمين» الأكبر في الفيلم هو إخراج تلك الطاقة التمثيلية من مجموعة أبطال الفيلم، لا تبدو «زينة» أو «صبا مبارك» الاختيار الأمثال من ناحية الشكل لتجسيد شخصية عانستين، ولكنهما اجتهدتا كثيراً لتجاوز تلك التفصيلية ونجحتا في تقمص مشاعر وأحاسيس كثيفة دون افتعال أو مبالغة، كانت قدرتهما علي التمثيل والتعبير تتطلب من السيناريو الاستغناء عن بعض جمل الحوار المكتوبة بشاعرية والاكتفاء بأداء الممثلين للتعبير عن تلك المشاعر كانت تعبيراتهما أكثر بلاغة من حوار ثرثرة العوانس في الجلسات الجماعية في مكتب الطبيبة النفسية «نهال عنبر».
تقدم «زينة» دور عمرها في هذا الفيلم، تؤكد بأدائها شديد الحساسية أنها تمتلك موهبة لم تنجح في توظيفها حتي الآن، بساطتها في التعبير وتلقائيتها كانت أكثر عوامل نجاحها في لمس مشاعر الفتاة التي تحلم بالزواج والأمومة. «صبا مبارك» تمتلك طاقة انفعالية تجيد توظيفها أغلب الوقت إلا من فلتات تميل فيها إلي المبالغة، هي فنانة أردنية لها أدوار متميزة سابقة وأهم إنجازاتها في (بنتين من مصر) إجادتها التعبير عن أحاسيس الفتاة المصرية بالإضافة إلي اللهجة المصرية. من الأدوار التي نجح الممثلون فيها إلي حد كبير «أحمد وفيق» في دور المدون الذي يعيش في عزلة عاطفية واجتماعية، و«طارق لطفي» الشاب الذي أفني شبابه في استصلاح أرض صحراوية ومهدد بالسجن نتيجة تعثره، قدم كلاهما مشاهد قليلة ولكن بصدق وتألق وإحساس يتجاوز حجم دوريهما علي الشاشة.
المصادر
- ^ أ ب ت http://www.elcinema.com/work/wk1211178/
- ^ http://www.dostor.org/art/news-and-variety/11/may/30/43696
- ^ http://www.egynews.net/wps/portal/news?params=100558
- ^ http://www.elfagr.org/DailyPortal_NewsDetails.aspx?secid=0&nwsId=6657
- ^ صحيفة الشرق الأوسط - يوليو 2010
- ^ صحيفة الدستور - يونيو 2010