بانوبتيكون

بانوبتيكون أو برج المراقبة (بالإنجليزية: Panopticon) وتعني «مراقبة (opticon) الكل (Pan)» هو نوع من السجون قام بتصميمه الفيلسوف الإنكليزي والمنظر الاجتماعي جيريمي بنثام في عام 1791. مفهوم التصميم هو السماح بمراقب واحد مراقبة جميع السجناء دون أن يكون المسجونين قادرين على معرفة ما إذا كانوا مراقبين أم لا. وصف بنثام بانوبتيكون على أنه «طريقة جديدة للحصول على قوة العقل على العقل». في وقت لاحق ألهمت فكرة البانوبتيكون - كرمز للقوة غير المرئية - المفكرين والفلاسفة أمثال ميشيل فوكو، نعوم تشومسكي، زيغمونت بومان وأعمال الكاتب البريطاني جورج أورويل.

كان جيرمى بنتام أول من استخدم هذا المصطلح فى عام 1791 لوصف فكرته عن "غرفة التفتيش" التى تستخدم لأغراض الإشراف والمراقبة فى المؤسسات المعامة كالسجون، و الملاجئ، وإصلاحيات الأحداث. وكانت هذه الغرفة فى الأصل عبارة عن مبنى دائرى مكون من غرف صغيرة منفصلة مفتوحة، وتحيط هذه الغرف الدائرية ببرج المراقبة المركزى. وبفضل ذلك يتسنى مراقبة كل من المراقب والنزيل فى نفس الوقت وبشكل مستمر.

مراقبة مركزية

وبالإشارة إلى المخطط المرفق البانوبتكون هو بناية اسطوانية، يتوسطها فناء وفيه برج بنوافذ ذات فتحات واسعة تطل على غرف موجودة في البناية. عرض كل غرفة منها يساوي عرض البناية، ولها نافذتان واحدة داخلية تطل على البرج الموجود في الفناء، والاخرى خارجية تسمح بدخول ضوء الشمس. وبهذه الطريقة يكفي أن يكون هناك فردا واحدا في البرج لكي يراقب جميع الاشخاص الموجودين في الغرف. وبهذا المعنى السجن يصبح نموذجا رمزيا لجميع مؤسسات الضبط في القرن التاسع عشر من مصانع ومدارس وثكنات ومستشفيات- التي وظيفتها الأساسية هي إنتاج أفراد خنوعين وطيعين. وبالمثل وبنفس المعنى الرمزي للبانوبتكون، المراقبة الاجتماعية الحديثة، حتى وان لم تظل حبيسة المؤسسات وأسوارها، فهي تراقب المجتمع ككل، لا بل انها تجعل المجتمع هو رقيب لذاته.

علاقات القوة

ميشيل فوكو اتخذ في مقالته، المراقبة والمعاقبة، ال panopticon كنموذج وشكل للسلطة في المجتمع المعاصر. لأن بنية ال panopticon تحاكي شكل السلطة التي لم تعد تهبط على المجتمع من الأعلى، ولكنها تخترقه من الداخل بواسطة سلسلة من علاقات قوى متعددة. التي تراقِب بشكل خفي ولا تراقَب.

ناقش ميشيل فوكو هذه الفكرة بإسهاب فى كتابه النظام والعقوبة (الصادر عام ١٩٧٥) وفيه وصف برج المراقبة بأنه أداة من أدوات القوة بسبب نطاق الرؤية الذى يتيحه للمراقب. وذهب فوكو إلى أن ممارسة القوة تتحقق أوتوماتيكياً لأن النزيل يشعر دائماً أنه تحت المراقبة المستمرة. ومن النتائج التى تترتب على الإحساس بالمراقبة المستمرة أن يقع الأفراد فى شرك علاقة قوة تتسم بالطابع اللاشخصى. ونجد أن ذلك الوضع ينزع الطابع الفردى عن علاقة القوة ذاتها، فى الوقت الذى يضفى فيه طابعاً فردياً على أولئك الخاضعين لها. وقد اعتبر فوكو تلك الظاهرة تطوراً جوهرياً وتعبيراً مجازياً عن ظواهر المراقبة المضطردة، والتدرج الهرمى، والاتضباط، والتصنيف التى يعرفها المجتمع الحديث، والتى يصبح الأفراد بمقتضاها أكثر تنظيما وأكثر ضبطا بواسطة مؤسسات لا شخصية. ويلاحظ أن فكرة فوكو عن برج المراقبة وتفسيره لها كانت فائقة الأهمية بعيدة التأثير فى النظريات الحديثة لمفهوم النظرة المحدقة.