بادس
باديس مدينة مغربية قديمة جديدة، تقع في الريف شمال المغرب
تاريخ بادس
كان يومئذ على سواحل حوض الريف مدن عامرة، منها مدينة بادس، مدينة بوسكور، مدينة المزمة، مدينة النكور، مدينة غساسة، مدينة مليلية.
يقول المؤرخ الشريف الادريسي السبتي ((بادس مدينة متحضرة فيها اسواق وصناعات، ويلجأ إليها اهل الريف لقضاء حوائجهم)).
كانت بادس مركز استقرار للأدباء ورجال الفقه ومختلف حقول المعرفة البشرية المتداولة في ذلك الزمان. وكانت تضم حوالي 320 دارا وجامعا أعظما كملتقى للعلماء الوافدين من الأندلس وفاس وسبتة، ثم مساجد أخرى، إلى جانب القلاع ورباطات للمجاهدين.
بادس والأندلس
بادس كان لها شأن عظيم في تاريخ ريف (شمال المغرب) خلال العصر الوسيط، كانت صلة الوصل بين عدوتي الأندلس والمغرب بحكم موقعها الجغرافي المنيع الذي جعل منها مرفأ لتصدير واستيراد السلع، ومعبرا للمجاهدين وللحضارة الشرقية نحو الأندلس خاصة. علاقة بادس بالأندلس كانت وثيقة.
التحية التي ارسلتها الاندلس تحمل الاشواق إليها، فهذه قصيدة الرنانة التي تعد من روائع الشاعر لسان الدين ابن الخطيب فقد قال في مدينة بادس :
عسى خطرة بالركب يإحدى العيس * على الهضبة الشماء من قصر بادس لنظفر من ذاك الزلال بعلة * وننعم في تلك الظلال بتعريس حسبت بها ركبي فوقا وانما * عقدت على قلبي لها عقد تحبيس لقد رسخت أي الجوى في حوانجى * كما رسخ الانجيل في قلب قسيس بميدان جفنى للسهاد كتيبة * تغير على سرح الكرى في كراديس
....
ويا قلب لاتلق السلاح فربما * تعذر في الدهر اطراد القاييس قصيدة طويلة....
فالقصيدة تعبير صادق لما كانت عليه المدينة من عز واكبار في أعين الاندلسيين ،فهضبتها شماء -أي منيعة - وعزيزة، وتحصنت برجال اشداء حاملي الاقلام والسيوف والصلاح والإصلاح.
بادس والتجارة العالمية
كانت لبادس علاقات تجارية مع مدن عالمية كثيرة، من الاندلس غربا إلى آسيا شرقا في هذا الصدد :
يقول المؤرخ ليون الإفريقي في كتابة وصف إفريقيا : ومن عادة سفن البندقية ان تأتي إلى بادس مرة أو مرتين في السنة حاملة بضائعها، فتتجر فيها بالمبادلة والبيع نقدا، بالإضاقة إلى أنها تنقل البضائع وحتى الركاب المسلمين أنفسم من هذا الميناء إلى تونس، وإلى البندقية والإسكندرية وبيروت.
البرغواطيون ببادس
- - -
تغلب العرب على بادس وتخريبها
ففي حدود عام 635 هجرية تغلب العرب على بلاد الريف، واستولوا من جملة مااستولوا عليه مدينة بادس، وكان الاهالي يخافون منهم ويختفون عن انظارهم.
فقد حدث العالم عبد الحق بن إسماعيل البادسي أن اهالي بادس اختفوا عن أنظار العرب، حينما احتلوا مدينة بادس. وذكر هذا أيضا الشيخ أبو الحسن المراكشي. وحدث عبد الله المعرى البادسي قال : " كانت العرب قد تغلبت على الريف عام 635 هجرية، فخفنا منهم فارتحل جميع أهل بادس باموالهم وأمتعتهم إلى الجزيرة التي في بادس وكنا نحرس الديار رجالا بالأسلحة لاغير، فاإذا جاءت العرب غدوة انبسطوا في الوادي وتقطع الناس من العدوتين عدوة الصف وعدوة الركينة، لايقدر من يدخل الوادي من أجل العرب.
إن هذه النصوص تدل على ان العرب في احتلالهم للريف كان بصفة المتغلب المتسلط، بحيث ان الاهالي ينفرون من وجوههم ولا يخالطونهم، كما أن العرب يعاملون الاهالي بالقسوة والقتل ،كان احتلالهم للبلاد شبه اكتساح لها، يقتلون وينهبون ثم يذهبون، ومن المعلوم ان ملوك بني مرين الأولين كانت لهم حروب مع عرب رياح في المغرب، فالامير عبد الحق ابن محيو المريني الذي أمر المرينيين الأولين عام 613 هجرية.فام بـحروب ضروس مع عرب رياح لقي حتفه بواقعة سبو، وقد طاف ولده عثمان الذي تولى من بعده امر المريينين على قبائل المغرب ،ووصل فيما وصل اليه قبائل بطيوة(قلعية حاليا) من الريف وقد انتصر المرينيون على العرب ،إلا انه رغم هذا الانتصار فانه لم يقض على عرب رياح ،فقد بقوا بقاء النار تحت الرماد، ففي عام 621 هجرية. غزاهم أيضا ببلاد الهبط وازغار واثخن فيهم، وهكذا استمر في العراك معهم إلى أن توفي سنة 638 هجرية.ومما ذكر، يُعلم ان استلاء العرب عبى بادس والريف كان ايام أبي سعيد عثمان بن عبد الله المريني ،لأن الاستلاء كان عام 635 هجرية.وهو في ذلك الوقت كان يقوم بالحرب في اطراف المغرب الشمالية ضد هؤلاء العرب ،وبما أن اهالي الريف كانوا يعتزون بأن الدولة المرينية الجديدة، كانت دولتهم لانها نشات بين أحضانهم، فالموقعة الأولى التي انتصر فيها المرينيون على الموحدين والتي تدعى وقعة المشعلة، كانت بوادي النكور، وكان معقلهم الذي درجوا فيه ومنه ترعرعوا حصن تزوطا (قرب الناظور) من شِعب بطيوة(قلعية حاليا)، فأن تسلط العرب عليهم بمثابة احتلال لبلاد موالية لاعدائهم المرينيين، فلذا كان اهل الريف يفرون من وجوههم ويحرسون ديارهم بالأسلحة، وكان العرب يفرضون على اهل الريف مغارم ووقعت بينهم حروب كثيرة بسبب تلك المغارم. فقد حدث عن ابي عقيل بن عبد الرزاق بن عبد الواحد بن الحاج إبراهيم بن عيسى بن الشيخ داود التمسماني، عن جده الحاج إبراهيم التمسماني (المولود عام 560هـ / والمتوفي 650 هـ) أن العرب الذين تغلبوا على الريف فرضوا مغرما على قبيلة أيت ورتد (وهي من قبيلة تمسمان) فمتنع أهالي القبيلة من أداء ذلك المغرم وتحصنوا بمعاقلهم بساحل البحر، فلما رأى العرب توتر الحالة بينهم وبين القبيلة، طلبوا من الحاج إبراهيم أن يتوسط بينهم وبين القبيلة، حتى يؤدوا المغارم المقروضة ،وقد الح عليه العرب إلحاحا بعدما امتنع فذهب إلى أهالي القبيلة وأبلغهم أمر العرب فامتنعوا ولم يجيبوه لشئ ثم انه لما رجع اُسر على ساحل البحر.
وهذه القصة نفسها كانت في التاريخ نفسه ،فإن العرب لما شردهم بنو مرين احتلوا الأماكن القاصية ،وكانت لهم مع اهالي الريف مناوشات وحروب ،ولم يتفقوا قط.
تخريب بادس
-
مراجع
- كتاب : مناقب الأولياء لـ أبو الحسن علي بن محمد المراكشي.
- كتاب : المقصد الشريف والمنزع اللطيف في التعريف بصلحاء الريف. للشيخ المؤرخ عبد الحق بن إسماعيل.
- كتاب : الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، للشيخ أبو العباس احمد بن خالد الناصرى.
- كتاب : وصف أفريقيا للمؤرخ الحسن الوزان الملقب بـ ليون الأفريقي.