النزعة المضادة للحضرية

النزعة المضادة للحضرية (بالإنجليزية: Anti - Urbanism) تيار فكرى ونوع من الكتابة فى العلوم الاجتماعية التى تتخذ اتجاهاً نقدياً نحو المدينة كشكل اجتماعى. ويرجع تاريخ الاتجاهات السلبية من التحضر وأسطورة المجتمع الفلاحى فى الريف إلى ما قبل الثورة الصناعية. ومع ذلك - وكما لاحظ روبرت نيسبت - فإن ازدراء المدينة والخوف منها كقوة ثقافية واجتنابها نظراً للظروف السيكولوجية التى تحيط بها يرجع فى الحقيقة إلى القرن التاسع عشر. وعلى حين أن بعض الثوريين (مثل كارل ماركس وفريدريك إنجلز على وجه الخصوص) اعتبروا بعض جوانب التحضر قوى اجتماعية تقدمية، نجد أن التحضر قد طرح قضية الضبط الاجتماعي من جانب الليبراليين والمحافظين. وقد عكس علم الاجتماع الكلاسيكى هذه الاهتمامات. ففى رأى نيسبت، أن المدينة شكلت الإطار الذى صيغت فى ضوئه معظم الافتراضات السوسيولوجية المرتبطة بتفكك التنظيم الاجتماعى، والاغتراب، والعزلة العقلية، وهى كلها وصمات مرتبطة بفقدان المجتمع المحلى والانتماء (انظر كتابه: تراث علم الاجتماع، الصادر عام 1966).

و لقد مثل هذا الانهيار المفترض للمجتمعات المحلية فى المجتمعات الحضرية أطروحة لها حضورها القوى فى أعمال أوجيست كونت، وفريدريك لوبلاى، واميل دوركايم. ويمكن القول على نحو أكثر دقة، أن النزعة المضادة للحضرية أثرت فى تطور علم الاجتماع الربفى وعلم الاجتماع الحضرى: و لقد تم تطوير اقتراح فرديناند تونيز القائل بأن المدن هى البؤرة الأولية للعلاقات الاجتماعية التى تسود المجتمع (حيث تسود الذرائعية والروابط الرسمية)، تم تطويره على يدى جورج زيمل فى كتابه: المدينة و الحياة العقلية، الصادر عام 1903، وقد أثر عمله تآثيرا بالغا فى علماء مدرسة شيكاغو لعلم الاجتماع الحضرى.

ويرفض علم الاجتماع المعاصر - إلى حد كبير - تلك النزعة المضادة للحضرية. فمن المسلم به الأن بصفة عامة، أن نمو المدن والأشكال المتعددة للروابط الاجتماعية الرسمية التى تحدث فيها، تمثل إلى جانب ذلك نتاجاً لظهور المجتمع الصناعى الحديث. فالمدينة بعبارة أخرى، "مرآة . . . للتاريخ والبناء الطبقى والثقافة القائمة" (انظر مؤلف جلاس بعنوان: صيغ الحياة الحضرية، الصادر عام 1989).