الموسيقى في الحضارة الهندية القديمة

تختلف الموسيقى الهندية عن الصينية واليابانية رغم وجودهم في جنوب شرق القارة الآسيوية اختلافاً بيناً للبيئة وطبيعة السكان والدين والعادات والتقاليد وعلى الرغم من ذلك فإن الموسيقى الهندية تشارك الممالك القديمة صفاتها فالموسيقى ترتبط بالدين ارتباطاً وثيقاً وربما أكثر من الأمم الأخرى إذ يعتقدون أن الموسيقى هبة من الآلهة مباشرة ولها في ذلك أساطير قديمة بمعبودهم ساراسفاتي هو الذي منحهم آلهة (إلفينا) وهي في اعتقادهم أكثر الآلات في العالم جمالاً وسحراً وكذلك فإن معبدوهم (ناريدا) هو المسيطر على الموسيقى والمشرف على فنونها وان أسطورة هندية قديمة تمثله وهو يعزف على آلة إلفينا وقد وهب (براهما) شعبه الهندي الموهوب في الموسيقى طائفة من الأغاني المقدسة التي تتصل مباشرة بالعبادة والتي ترجع ألحانها إلى عصر قديم جداً وهذه الألحان الإلهية هي التي يطلقون عليها اسم راجا أي اللون, وهي تقابل ما نعرفه نحن بالمقامات. فالهند تعتقد أن الراجات هي ألحان إلهية لها سحر فوق طاقة البشر وتأثير تتغلب به حتى على قواه الطبيعية فمنها ما يحدث نزول المطر ويحدث كسوف الشمس, وكما كان لآلهة إزوريس في مصر فرقة خاصة به من أمهر الموسيقيين النابغين في الموسيقى. كذلك أحاط الهنود معبودهم (أندرا) بطائفة من عباقرة وأمهر العازفين اللذين يطلقون عليهم (جراند هارفا) ومهرة الراقصات ويسمونهم (الهاراسا). وقد بلغت الراجا في عهد معبودهم (كرنشا) 1600 راجا أي مقام , وقد اختصرت تلك الراجات فيما بعد 960 ثم إلى 36 ثم إلى23 راجا وقد جاءت مسميات إلى 36 راجا في كثير من الكتب الهندية القديمة كما كان ارتباط الرقص بالدين والموسيقى وثيقاً فهناك طائفة من (الغير الحسان) يقدمن أنفسهن لخدمة الآلهة بالرقص في المعابد, وهن يتفرغن تماماً لطهارة نفوسهن ويقبلن على دراسة الموسيقى والرقص دراسة جيدة لإرضاء الآلهة وعلى صدر كل منهم صورة للآلهة.وقد ورد أساطير عديدة حكايات عن ذلك كما يوجد كتاب مقدس وقد سمي (ناريان) يشمل قواعد الموسيقى نظماً ومجموعة من الأغاني ثم جزءً من الآلات الوترية وعن الرقص غير مجموعة متعددة من أغانيهم المقدسة مسطرة في كتبهم القديمة عرفت أولا السلم الموسيقي الخماسي ثم تحول بعد ذلك إلى سلم سباعي يماثل السلم الدياتوني شائع استعماله الآن وأسمائه بالهندية :-

(سا – رى – جا – ما – با – دا – ني ).

تساوي (دو – ري – مي – فا – صول – لا – سي).

تتكرر هذه النغمات ثلاث مرات. إلا أن الهنود ينفردون عن العالم بتقسيم الديوان الواحد إلى 22 بعداً صغيراً (الموسيقى العربية بها في الديوان الواحد 24 بعداً), والمسافات التي بين النغمات السبع الأساسية ثلاث أنواع هي :-

1)    كبيرة : تنقسم إلى أربعة أبعاد صغيرة.

2)    متوسطة: تنقسم إلى ثلاثة أبعاد صغيرة.

3)    صغيرة: تنقسم إلى بعدين صغيرين.

وواضح أن الموسيقى الهندية في نظام مقاماتها وتقسيم أبعاد ديوانها قريبة من الموسيقى العربية وهي مثلها موسيقى لحنية أهم عناصرها اللحن والإيقاع.

الآلات الموسيقية

الآلات الموسيقية الهندية قليلة منها ما يرجع إلى أصل هندي بحت فغالبيتها آلات أجنبية انتقلت من الممالك المجاورة لها أو التي غزت الهند مثل فارس وآشور سنة1200ق.م كما تغلب عليها في العصور الأولى بعد الميلاد المغول ثم العرب. وقد ظهرت أثر ذلك آلاتهم الموسيقية أما الآلة الموسيقية الهندية البحتة هي آلة إلفينا المقدسة وهي الآلة الأوسع انتشاراً كما أنها الآلة المفضلة للطبقة الراقية. صندوقها المصوت عبارة عن قصبة جوفاء طولها ثلاث أقدام مركب عليها سبعة أوتار معدنية مثبتة على سبعة مفاتيح وعليها دساتين لمواضع العنق ويمكن عزف أوكتافين عليها , ويستعمل العازف وهو جالس بضمها إلى جسمه مائلة فيدفع صدره بين نهايتها وهما صندوقيها المصوتين كما توجد آلة (الماجودي) وتشبه الطنبور العربي, ومن آلاتهم الوترية ذات القوس آلة (سيراندا) وهي آلة أوتار من الحرير وقوسها بسيط أما آلات النفخ والآلات الإيقاعية فهي في الهند كثيرة ومتعددة لا تخرج في مجموعتها عن الشائع استعماله في الممالك الأخرى القديمة.