المناهج الكمية فى مقابل الكيفية

المناهج الكيفية فى مقابل الكمية (بالإنجليزية: Qualitative vs. Quantitative Debate) قضية فى علم المناهج فى علم الاجتماع تنطوى على الحجج المؤيدة والمعارضة للتمييز الأساسى بين الدراسات الكيفية والكمية. وينبع هذا الحوار من التمييز الفاصل بين علوم الاجتماع التى تستند إلى نظريات معرفية مختلفة. وينظر إلى المناهج الكمية التى تقترن عادة بنظرية المعرفة الوضعية بصفة عامة باعتبارها تشير إلى جمع وتحليل البيانات الرقمية. أما المناهج الكيفية التى تقترن فى العادة بالإبستمولوجيا التفسيرية، فتميل إلى أن تستخدم للإشارة إلى أشكال جمع وتحليل الييانات التى تعتمد على المفهم، مع التأكيد على المعانى. وقد اكتسب الحوار أهمية متزايدة فى السبعينيات كرد فعل للأولوية التى خلعت على المنهجية العلمية أو الوضعية قى أغلب الكتب الدراسية فى علم الاجتماع. فقد أشارت هذه الأعمال فى الأجزاء الخاصة بالأساليب الكيفية أو "الرخوة" - هذا إذا جاء ذكرها فى مثل هذه الكتب أصلا - عادة إلى هذه الأساليب باعتبارها ذات أهمية لتقديم بديهيات أو أفكار حدسية يمكن أن تساعد فى صياغة الفروض، التى يمكن أن تختبر بشكل أكثر رصانة باستخدام البيانات الكمية أو "الصارمة"، وقد أفضى الاهتمام المتعاظم بالاتجاهات الفينومينولوجية فى السبعينيات إلى شكوك فى جدوى تبنى نموذج العلم الطبيعى فى بحوث العلوم الاجتماعية.

وكانت قد جرت محاولة مبكرة لتقريب وجهات النظر فى مقال نشره مايكل مان (فى دورية "علم الاجتماع"، عام ١٩٨١) ذهب فيه إلى أن كافة البحوث السوسيولوجية يمكن تصنيفها وإدراجها ضمن ذات الإطار المرجعى الواسع للمنطق الاجتماعى". غير أنه منذ ذلك الحين دار الحوار بصفة أساسية بين أولئك الذين يعتقدون أن النظريات المعرفية الكامنة وراء الأنماط المختلفة من البيانات تتسم بالتنوع الشديد إلى الحد الذى يجعل أية محاولة للجمع أو التوفيق بينهما مستحيلة، و أولئك الذين حاولوا تصميم أطر مرجعية للتحليل لشتمل على كلا المنوعين من البيانات. وتقف استراتيجية نورمان دينزن المعروفة باسم استخدام ثلاث أدوات بحثية شاهدا على ذلك. وقد ذهب الباحثون الممارسون مؤخراً إلى القول بان التمييز بين نمطى البيانات يعد أقل وضوحاً بكثير مما يدعيه الحوار النظرى كما أشير أيضا إلى أن المنهجيات المختلفة ليست مرتبطة بالضرورة بمواقف إبستمولوجية بعينها، وأن هناك زيادة فى عدد أساليب التحليل التى تستعصى على التصنيف فى إطار التتميطة الثنائية البسيطة.

ويتوازى هذا الحوار جزئياً - وجزئياً فقط - مع التمييز بين الدراسة السوسيولوجية للوحدات الكبرى وسوسيولوجيا الجماعات الصغيرة. حيث يتبنى بعض الباحثين موقفاً يدعى بوجود فارق جوهرى بين ملاحظة وتحليل صور الانتظام والاقتران على المستوى المكبر للبناءات الاجتماعية و النظم والبيانات المجمعة وملاحظة أو تحليل التفاعلات أو العمليات العلية على المستوى المصغر للفاعلين الإنساتيين. ويميل أول الاتجاهين إلى المبيانات الكمية فى حين ينحو الثانى نحو تشجيع الفهم التفسيرى.

وقد أعاد جارى كينج وزملاؤه فى مداخلة حديثة وهامة ومطولة (فى مؤلفهم بعنوان: تصميم البحث الاجتماعى: الاستدلال العلمى فى البحوث الكيفية، الصادر عام ١٩٩٤) بالتفصيل الملاحظات التى طورها مان، مشيرين إلى أنه على الرغم من أن هناك "أساليب" للبحث الاجتماعى العلمى، فإن هناك منطقاً واحداً للاستدلال العلمى. ولذلك، فليس هناك فرق بين منطق البحث الكمى الجيد ومنطق البحث الكيفى الجيد.