المعرفة البادهة
المعرفة الفطرية أو البادهة (بالإنجليزية: Commonsense Knowledge) يشير هذا المصطلح - وبما لا يدعو للدهشة - إلى المعرفة الروتينية التى نكتسبها من حياتنا اليومية، وما نمارسه خلالها من أنشطة. وقد تبنت المداخل السوسيولوجية المختلفة اتجاهات متباينة إزاء المعرفة الفطرية. ولكن هذا المفهوم يمثل حجر الزاوية فى قينومينولوجيا الفريد شوتز، حيث يستخدم للإشارة إلى ذلك الكم المتراكم من المعرفة المسلم بها والتى نعتمد عليها فى أفعالنا، والتى لا تكون - فى الظروف الطبيعية - محلاً للتساؤل. وهذه هى الفكرة الأساسية التى اعتمد عليها بيتر برجر وتوماس لاكمان فى نظريتهما العامة عن المجتمع، (التى نجدها فى كتابهما: البناء الاجتماعى للواقع، الصادر عام 1967). أما بالنسبة لعلماء الإثنوميثودولوجيا، فإن المعرفة الفطرية (أو ما درج على تسميته المعرفة الضمنية) هى إنجاز متواصل يعتمد الأفراد فيه على قواعد ضمنية تحدد "كيفية التصرف" فى كل موقف، مما يؤدى إلى خلق إحساس بالتنظيم، والترابط المنطقى. كذلك تبنى أنتونى جيدنز تلك الفكرة فى نظريته عن الصياغة البنائية (وذلك فى كتابه، تكوين المجتمع، الصادر عام 1984). وفى رأى علماء التفاعلية الرمزية، وغيرهم من علماء الاجتماع التأويلى أن تحليل المعرفة الفطرية مازال أقل دقة وتحديدا، ولكن الاهتمام الأساسى لعلم الاجتماع يجب أن ينصب على تفسير تصورات التاس عن العالم الاجتماعى، وان التحليل السوسيولوجى يجب أن يرتكز على هذه التصورات وينطلق منها.
غير أن هناك بعض علماء الاجتماع الذين يعدون المعرفة الفطرية مختلفة - إن لم تكن مناقضة - لطبيعة عملية الفهم فى علم الاجتماع. ويرى دوركايم أنه يجب على علم الاجتماع أن يتحرر من الإدراكات الفطرية (الأحكام المسبقة)، لكى يتسنى الوصول إلى معرفة علمية عن العالم الاجتماعى. أما بالنسبة للماركسيين فإن المعرفة الفطرية فى معظمها معرفة إيديولوجية، أو أنها تكاد تكون عاجزة عن فهم العالم. ويلاحظ على المداخل السابقة أنها تؤكد على الطبيعة العلمية لعلم الاجتماع، فى حين يشدد الماركسيون على أهمية الحزب الثورى فى تنظيم وقيادة الطبقة العاملة.