المدرسة المرادية
المدرسة المرادية هي إحدى مدارس مدينة تونس، وتعود إلى العهد المرادي، وهي من المعالم التاريخيّة للمدينة العتيقة. وتقع بسوق القماش، عدد 37 بمواجهة المدخل الغربي لجامع الزيتونة، وهي بذلك من أقرب المدارس إليه.
تأسيسها
بنيت المدرسة المرادية مكان قشلة أي ثكنة للجيش الإنكشاري، وقد وقع تهديـم هذه القشلة بعد انتفاضة قام بها جنودها، ولذلك سميت مدرسة التوبة [١]، إلا أنها اشتهرت بعد ذلك باسم المدرسة المرادية نسبة إلى اسم مؤسسها مراد باي الثاني، وهو ثالث بايات العائلة المرادية التي حكمت البلاد التونسية في القرن السابع عشر، وكان لمراد باي الثاني من وراء بنائها هدف سياسي، يتمثل أولا في معقابة الجنود وإبعادهم عن مركز السلطة بالقصبة، وثانيا في ربح قلوب السكان المحليين المتشبثين بالمذهب المالكي، ولذلك خصص هذه المدرسة لطلبة هذا المذهب [١] [٢]. ويعود تأسيس هذه المدرسة إلى عام 1084 هـ/1673 م، حسب ما يظهر من خلال نقيشة معلقة على يسار مدخلها. وهي أول مدرسة من نوعها يقع تأسيسها في العهد العثماني من قبل الدولة، بعد أن وقع الاكتفاء في البداية بترميم وإعادة تشغيل المدارس الموروثة من العهد الحفصي كالمدرسة الشماعية.
وصفها
تبلغ المساحة الجملية للمدرسة المرادية 460 م2، وهي مساحة هامة بالنظر إلى موقعها في قلب المدينة العتيقة. ويتم الدخول إليها عبر ردهة منعرجة مسقوفة بقباب نصف أسطوانية. وتؤدي هذه الرّدهة المنعرجة إلى ساحة مبلّطة بحجر كلسي، وتحيط بتلك الساحة أربعة أروقة مسقوفة بعوارض خشبية مدعومة بأقواس دائرية مرفوعة على أعمدة متوّجة على النمط الحفصي. ويفتح على أحد تلك الأروقة مسجد مستطيل الشكل، وعلى الجوانب الثلاثة الأخرى تفتح عشرون غرفة، كان يتقاسمها الطلبة [٣]. وتتمثل أهم أجزاء المدرسة فيما يلي:
- المسجد: ويتم الدخول إليه عبر باب مقوّس، ذي عقود ثنائية اللّون، مدمج في إطار من الرخام. وينقسم إلى فضاءين مغطيين بقباب مضلّعة وإلى ممرّين محدّدين بأعمدة تعلوها أقواس نصف دائرية، بينما زُيّن حائط القبلة بألواح خزفية، ذات زخارف زهرية وهندسية، صُنِعت في ورشات القلالين بتونس بإيطاليا.
- الطابق العلوي: يضمّ غرفًا مسقوفةً بقباب نصف أسطوانية، وقد كانت على الأرجح مستخدمةً لإيواء الطلبة. وتفتح أبواب هذه الغرف على أروقة مغطاة بسقوف مدعومة بسواكف مستندة على أعمدة.
مصاريفها
خصّص المراديون لهذه المدرسة عدّة أوقاف لتغطية مصاريفها المختلفة، وتتمثل أهم تلك الأوقاف في قيساريّة وفندق ومقهى بسوق الترك ودار للسكنى وثلاثة مخازن بالإضافة إلى عقارات أخرى مختلفة. ومن مداخيل تلك الأوقاف يتسلّم الطلبة مبلغا ماليا بناصريين يوميا، ويعين من بينهم إمام للمسجد يتقاضى كذلك ناصريين، ويعيّن للمدرسة أيضا مجوّد ونقيب ووكيل ويتقاضى كل واحد منهم أربعة نواصر، في حين يتقاضى المدرس 8 نواصر [٣]. كما أن جانبا من مداخيل أوقاف المدرسة، يخصص لبقية مصاريفها من ترميم وتبييض وإصلاح وغيرها.
تطور وظيفتها
كانت المدرسة المرادية مثلها مثل بقية المدارس، تقوم بوظيفة مزدوجة، لتعليم الطلبة ولإيوائهم بها. ثم تقلص دور هذه المدارس في القرن العشرين، ليقتصر على إسكان الطلبة الزيتونيين الذين كانوا يخرجون منها ليتلقوا دروسهم بجامع الزيتونة. وبعد الاستقلال وإلغاء التعليم الزيتوني، بقيت مغلقة مدة طويلة. ليقع التفكير في استغلالها من جديد في مطلع الثمانينات، بعد أن تولى وزارة الثقافة البشير بن سلامة، وهكذا وقع الشروع في ترميم العديد من المعالم الأثرية بالمدينة العتيقة، وكانت في مقدمتها المدرسة المرادية التي كانت أول معلم تاريخي وأثري يقع ترميمه من قبل الوزارة، وكان ذلك عام 1981 حسب مصادر جمعية صيانة مدينة تونس[٤] أو عامي 1982 و1983 حسب النقيشة المعلقة بمدخل المدرسة، وقد جاء بعد ذلك دور كل من المدرسة السليمانية والمدرسة العاشورية [٤]. ثم ألحقت المدرسة المرادية بالاتحاد الوطني للمرأة التونسية، حيث جعلتها نيابته الجهوية لتونس المدينة مركزا للتكوين المهني، مثلها في ذلك مثل المدرسة الشماعية والمدرسة الباشية [٥]، خلافا لمدارس أخرى خصصت للنشاط الثقافي والعلمي مثل المدرسة السليمانية.
مدارس مرادية أخرى
أطلق اسم المدرسة المرادية على مدرستين أخرىين أسسهما المراديون داخل البلاد، وهما :
- المدرسة المرادية بجربة، وتسمى أيضا المدرسة الجمنية نسبة إلى الشيخ إبراهيم الجمني.
- المدرسة المرادية بقابس لتدريس علوم الدين والقرآن الكريم [٦].
مراجع
- محمد بن الخوجة، تاريخ معالم التوحيد في القديم وفي الجديد، تحقيق الجيلاني بالحاج يحي وحمادي الساحلي، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1985.
- محمد الباجي بن مامي، مدارس مدينة تونس من العهد الحفصي إلى العهد الحسيني، المعهد الوطني للتراث تونس 2006.
- Ahmed Saadaoui, Tunis, ville ottomane, trois siècles d'urbanisme et d'architecture, CPU, Tunis 2001
وصلة خارجية
معرض صور
إشارات مرجعية
- ^ أ ب Medersa Mouradi
- ^ Sur les traces des Hafsides et des Husseïnites
- ^ أ ب Ahmed Saadaoui, Tunis, ville ottomane, trois siècles d'urbanisme et d'architecture', Centre de Publication Universitaire, Tunis 2001, pp. 104-105.
- ^ أ ب Liste des monuments et bâtiments à valeur historique restaurés par l’a.s.m.(1970-1990)
- ^ Action culturelle: Non, la médina n'est pas un désert artistique
- ^ مساجد لها تاريخ: جامع سيدي ادريس أقدم جامع في قابس
|