تفاوت اجتماعي

التفاوت الاجتماعي أو عدم المساواة الاجتماعية أو اللامساواة الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Inequality) هو التوزيع غير المتساوى للمكاسب أو الفرص على مختلف الأفراد داخل جماعة ما أو عدة جماعات داخل المجتمع. ويشير إلى الحالة الاجتماعية والاقتصادية، في سياق المنافسة والصراع، والتي لا ترتبط بالضرورة مع الملكية الخاصة أو المستعارة للسلع والموارد والمكافآت. وهو وضع اجتماعي تظهر فيه الامتيازات التي تتمتع بها مجموعات محددة دونًا عن غيرها، حيث ينعدم تكافؤ الفرص.

فإذا كانت المساواة تتحدد فى ضوء المساواة القانونية، أو المساواة فى الفرص، أو المساواة فى توزيع الناتج، عندئذ تصبح اللامساواة خصيصة ملازمة للوضع الإنسانى. ويعتمد شكل المساواة الاجتماعية أو عدمها ومضمونها إلى حد كبير على النظام الاجتماعي القائم. وقد شهد التاريخ، من هذه الناحية، تراجعًا من مرحلة المشاعية البدائية إلى مرحلة العبودية . إلا أن مسار التاريخ عاد وتطور فانتقل من مرحلة الإقطاع والاشتراكية. وعلى الرغم من وجود مساواة بين المواطننين إزاء القانون في الدول الرأسمالية بشكل عام، إلا أن المساواة الاقتصادية غير متوافرة بسبب عدم المساواة في توزيع الملكية الفردية بالإضافة إلى وجود دخول لا علاقة لها بالعمل، وافتقار برامج الرفاه الاجتماعية إلى الفعالية.

ويطلق تمييزًا على عملية إعطاء معاملات مختلفة لأشخاص بينهم تفاوت اجتماعي. ويمكن لهذا التمييز أن يكون سلبيًا أو إيجابيًا، بحسب النفع أو الضرر الذي سيلحق بمجموعة معينة. وتثير عملية التفاوت في الدخل الفوارق في الدخل بين الأفراد، في دول مختلفة من العالم. وفي البلد ذاته، يتم قياس عدم المساواة بين الأفراد الأغنياء والفقراء. ويرتبط التفاوت الاقتصادي ارتباطًا وثيقًا ومباشرًا مع توزيع الدخل الناشيء من رأس المال أو الدخل المكتسب على حد سواء.

نظرة عامة

يتواجد التفاوت الاجتماعي في كل المجتمعات تقريبا. ويتحدد شكل التفاوت الاجتماعي وفق طيف من العوامل الهيكلية، مثل الموقع الجغرافي، أو وضع المواطنة، وكثيرا ما ترتكز على الخطاب الثقافي والهويات التي تحدد، على سبيل المثال، ما إذا كان الفقراء مستحقين أو غير مستحقين. يقل التفاوت الاجتماعي في المجتمعات البسيطة التي يملك أفرادها القليل من الأدوار الاجتماعية. ففي المجتمعات القبلية، مثلا، يحصل القائد أو شيخ القبيلة على بعض الامتيازات، ويستخدم بعض الأدوات، أو يرتدي ما يدل على تميزه عن الآخرين، لكن حياة شيخ القبيلة اليومية لا تختلف كثيرا عن الحياة اليومية لأي فرد آخر في القبيلة. يُعرِّف الأنثروبولوجيون مثل هذه الثقافات عالية المساواتية بالمتمركزة على القرابة، وهو ما يجعلهم يقدرون التناغم الاجتماعي على الثروة أو المكانة. تتعارض هذه الثقافات مع الأخرى المادية التي يقدر أفرادها المكانة والثروة بشكل أكبر، ويشيع فيها التنافس والصراع. قد تعمل الثقافات المتمركزة على القرابة على منع التراتبيات الاجتماعية من التطور لاعتقادهم بأنها قد تؤدي إلى الصراع والزعزعة. في يومنا هذا، يعيش معظمنا في مجتمعات أكثر تعقيدا من تلك المجتمعات البسيطة. وبزيادة التعقيد الاجتماعي، يميل التفاوت إلى الازدياد وبصحبته زيادة الفجوة بين الأكثر فقرا وأغنى أفراد المجتمع.

يمكن تصنيف التفاوت الاجتماعي وفقا للمجتمعات المساواتية، المجتمعات التراتبية، والمجتمعات الطبقية. المجتمعات المساواتية هي تلك التي تدعو إلى المساواة الاجتماعية من خلال تساوي الفرص والحقوق، ومن ثم فهي تمنع التمييز. ولا يتم النظر فيها إلى أصحاب المهارات المتميزة على أنهم أعلى من البقية. كما أن القادة لا يملكون القوة بل النفوذ. تنطوي عادات ومعتقدات المجتمع المساواتي على التشارك والتقاسم بشكل متساو. وبتعبير أبسط، ليس هناك طبقات.

المجتمعات التراتبية تكون في الغالب مجتمعات زراعية تنقسم هرميا بدءا من القائد الذي يُرى على أنه صاحب المكانة في المجتمع. ففي هذا المجتمعات، يتجمع الناس وفقا للمكانة والهيبة وليس فقط بما يملكونه من قوة وموارد. ويكون القائد هو أكثر الأفراد نفوذا، متبوعا بعائلته وأقربائه، ويقل النفوذ بالابتعاد في القرابة عنه. أما المجتمعات الطبقية فهي التي تنقسم فيها طبقاتها العليا، الوسطى، الدنيا بشكل أفقي. وينطوي التصنيف في هذه المجتمعات على الثروة، القوة، والهيبة. وتتكون طبقتها العليا في معظمها من القادة وأكثر أفراد المجتمع نفوذا. يمكن للأفراد في هذا المجتمع أن ينتقلوا من طبقة لأخرى. كما تقبل المكانة الاجتماعية التوريث من جيل للذي يليه.

الآراء المختلفة

طرح قضية ما إذا كانت المساواة تمثل ملمحاً ملازماً للمجتمعات الحديثة، قد أثمر طائفة من الحوارات المستمرة بين الليبراليين والماركسيين، والوظيفيين، وغيرهم.

وإذا ما نظرنا إلى القوة بوصفها تتوزع وفقاً لأبعاد المكاسب المادية، وأن تفاوت فرص الحياة يتحدد بناء على وضع المكانة والسوق، والقدرة على التأثير السياسي، عندئذ تصبح اللامساواة فى رأى الليبراليين كفريدريش هايك على سبيل المثال، هى الثمن الذى يجب دفعه لقاء النمو الاقتصادى الدينامى المذى يميز الرأسمالية.

أما مجتمعات الاشتراكية الواقعية (وهى المجتمعات التى كانت تنطوى تحت الكتلة السوفيتية) التى تلتزم فكريا بالنزعة التاريخية للصراع الطبقى، فقد سعت إلى تخفيف، إن لم يكن إلغاء، أشكال اللامساواة هذه. إلا أنها خلقت فى الواقع أشكالا من اللامساواة خاصة بها، الأمر الذى أفضى إلى تدنى النمو الافتصادي والرفاهية الاجتماعية، وانهارت تبعاً لذلك تلك المجتمعات تحت وطأة السخط الاجتماعى.

ويبدو مع ذلك أن الأفكار التى قدمها الوظيفيون بخصوص اللامساواة قد كانت بمثابة تبرير لأسباب وجودها، لكنها لم تثبت (كما يدعى البعض) عموميتها و لاحتمية حدوثها. والواقع أن العديد من المذاهب الوظيفية تقدم الآن شكلا لمذهب المساواة لم يعد يقف أمامه ما ينطوى عليه من مضامين شيوعية. فلم يعد ثمة منافسة خفية بين النظم الاجتماعية الاقتصادية فى تحديد أجندة اللامساواة، لكن المنافسة تكمن فى البحث عن ماهية أشكال اللامساواة التى لها ما يبررها داخل هذه النظم ذاتها، وليست أشكال اللامساواة التى يتم مقارنتها ببدائل ذات أساس طوباوى (خيالى أو مثالى). فأشكال اللامساواة الراجعة إلى أوضاع وظروف الطبقات الاجتماعية فيما يتعلق يالتحصيل الدراسى، ومعدلات الإصابة بالأمراض، ومعدلات الوفيات، والحراك الاجتماعى على وجه العموم، سوف تواجه المشكلات المتعاظمة للطبقة الدنيا، واللامساواة بين الأجيال، واللامساواة الناتجة عن عولمة الرأسمالية، تلك المشكلات التى تعد جزءاً من التداعيات الاجتماعية "للسلام الذى سيحل على الجميع". وكما كانت تجمعات ما بعد الحرب الباردة سوف تصنف تراتبيا وفقا لمعيار الديموقراطية السياسية، كذلك نجد أن مقياس "نوعية الحياة" سوف يتم تطبيقه على المستوى الدولى والمحلى، كما سيتم إمعان النظر فى مجال وطبيعة اللامساواة.

ونلاحظ اليوم أن ظاهرة اللامساواة، من حيث وجودها، وأسبابها وتداعياتها، خاصة فى ارتباطها بالطبقة، والنوع، والإثنية، و الطابع المحلى، باتت تستأثر باهتمام واسع فى حقل علم الاجتماع.

انظر أيضاً