القرن 18

القرن الثامن عشر هو الفترة الزمنية الممتدة من اليوم الأول لعام 1701 إلى اليوم الأخير من عام 1800 حسب التقويم الميلادي.

خلال هذا القرن تَتوّج عصر التنوير بقيام الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية فيما بعد. ازداد العلم والفلسفة بشكل بارز. حلم الفلاسفة بعصر أكثر إشراقا. تحول هذا الحلم إلى واقع مع الثورة الفرنسية، على الرغم من التعرض للخطر في وقت لاحق في عهد الإرهاب (1793–1794) من قبل ماكسمليان روبسبير. في البداية، العديد من الممالك في أوروبا اعتنقت أهداف حركة التنوير الفلسفية، ولكن مع الثورة الفرنسية كانوا يخشون فقدان قوتهم وشكلوا تحالفات واسعة للثورة المضادة.

أحداث

أهم إنجازات تكنولوجيا القرن اشامن عشر

المحرك البخاري والحديد والمواد الكيماوية

تعود بداية الثورة الصناعية إلى عام ١٧٠٥ عندما قام العالم الإنجليزي توماس نيوكومن باستخدام إحدى مضخات الماء التي تدار بقوة البخار - التي اخترعها توماس سافري منذ عشر سنوات مضت - لتشغيل المكبس والذراع بدلاً من رفع الماء. على أية حال، ظل ذلك المحرك غير عملي نظراً لاستهلاكه كميات كبيرة من الفحم الذي يتم حرقه للحصول على البخار؛ في أثناء كل دورة يتم غمر الأسطوانة الساخنة في الماء البارد لتكثيف البخار الذي يؤدي إلى وجود فراغ جزئي في الأسطوانة. ويؤدي ذلك الفراغ، في وجود ضغط لهواء الخارجي، إلى دفع المكبس.

استطاع جيمس وات التوصل إلى حل للتغلب على هذه المشكلة؛ حيث قام بتكثيف البخار بشكل منفصل للحفاظ على الأسطوانة ساخنة. وفي عام ١٧٦٥ ، قدم جيس وات التصميم المبدئي لذلك المحرك. أما التصميم الأخير الذي قدمه بعد ذلك فقد تمكن من خلاله التغلب على حركة المحرك الأمامية والخلفية وتحويلها إلى حركة دائرية سلسة. وفي عام ١٧٧٦، قام بتصنيع المحرك البخاري بالاشتراك مع أحد رجال الصناعة ماثيو بولتون في بيرمنجهام. وبذلك، تم تزويد الصناعة بمصدر وفير من الطاقة يمكن الاعتماد عليه ليحل محل قوة الرياح والماء أو القوة البدنية للإنسان أو قوة الخيول.

بعد ذلك، تم اختراع العديد من الماكينات التي تحتاج إلى مثل هذا النوع من الطاقة. وقد أدى ذلك إلى تطور العديد من الصناعات مثل صناعة النسيج التي قامت بتطوير آلات أكثر جودة وسرعة لغزل الكتان والقطن والأقمشة الصوفية. ومن الآلات التي تم تطويرها المكوك السريع عام ١٧٣٣ ودولاب الغزل عام ١٧٦٤ ومول الغزل عام ١٧٧٩ والنول عام ١٧٨٥. . وبدأت الثورة الصناعية تجني ثمارها في بريطانيا أولاً، ثم بعد ذلك في جميع الدول التي تبنت صناعة الغزل والنسيج.

في مزارع القطن الأمريكية، عمل محلج القطن الذي اخترعه الأمريكي إيلي ويتني (١٧٩٣) على زيادة إنتاج القطن عن طريق زيادته لسرعة فصل الألياف عن البذور، وقد أدى ذلك إلى تقدير الأشخاص الذين يستطيعون زرع القطن بشكل أفضل. كما تم تعزيز الإنتاج الزراعي في أوروبا، الذي يعتمد عليه معظم السكان، عن طريق اتباع نظام دورة المحاصيل التي يتم تكرارها كل أربع سنوات مع تحسين طرق تربية الأغنام.

في الوقت نفسه، تطورت بعض الصناعات الأخرى مثل صناعة الفخار التي بدأت بتقليد الخزف الصيني وصناعة الزجاج والورق. كما تطورت بالطبع صناعة الحديد الذي يستخدم في صناعة المحركات والماكينات الأخرى. وقد أدى استخدام فحم الكوك في ماكينات الصهر بدلاً من الفحم النباي إلى رخص سعر الحديد وتحسين جودته. كما أدى استخدام الحديد المطاوع وفولاذ البواتق إلى زيادة الجودة بشكل أكبر. وبذلك، استطاع رائد صناعة الحديد جون ويلكنسون إنتاج أسطوانات المحركات البخارية بشكل أكثر جودة وبالتالي أكثر أمائا ودقة، كما استطاع إنتاج مواسير للمدافع بشكل أفضل مما سبق.

طالما راود جون ويلكنسون الحلم ببناء السفن المصنوعة من الحديد. وبلا شك، قد تعددت استخدامات الحديد في ذلك الوقت حيث تم بناء أول كوبري من الحديد فقط عام ١٧٧٩ في إنجلترا. كما ظهر في الوقت نفسه أسمنت الجير الهيدرولي الذي يكتسب المزيد من الصلابة تحت الماء. ويعد هذا الأسمنت من الاختراعات العظيمة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. وقد استخدمه العالم جون سميتون، الذي قام باختراعه، في بناء المنارة الثالثة بجزيرة إديستن التي تطل على ساحل إنجلترا والتي تم استكمال بنائها عام ١٧٥٩.

علاوة على ذلك، تم الربط بين الأنهار لنقل المواد الخام والمنتجات الصناعية ثم تفرعت تلك الأنهار بعد ذلك لتشكل شبكة من القنوات التي تستخدم لنقل البضائع والمنتجات. وبدأ استخدام الأنهار في النقل أولاً في إنجلترا عام ١٧٥٩. ثم ساد استخدام سبل النقل البحرية بعد ذلك في جميع أنحاء العالم حتى تم اختراع السكك الحديدية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر. لكن، حتى ذلك الحين ظلت وسائل النقل والمواصلات تعتمد على الخيول والعربات على الرغم من بناء المهندس الفرنسي كلاود شاب شبكة لاستقبال الإشارات على قمم التلال مكونة من عدة محطات للملوحة الميكانيكية تبعد كل منها عن الأخرى بحوالي ٠ ٢ كيلو مترا. وتستطيع تلك المحطات نقل الرسائل من باريس إلى مارسيليا خلال ٠ ٢ دقيقة. وقد استمر الوضع كذلك حتى ظهر التلغراف الإليكتروني في صورته البدائية عام ١٨٥٠.

تطلب ذلك التطور الصناعي المزيد من المواد الكيمياية مثل حمض الكبريتيك وكربونات الصوديوم التي تم اكتشافها عام ١٧٩١ والكلور الذي يستخدم في عملية التبييض وقد تم اكتشافه عام ١٧٧٤. وقد أدى ذلك إلى اختراع سبل جديدة للحصول على تلك المواد الكيميائية. في عام ١٧٩٢، استخدم وليم موردوخ غاز الفحم الحجري في الإضاءة والتسخين.

أدى ذلك التطور الهائل في السلع الصناعية مثل الملابس والورق والفخار والأواني الزجاجية والنحاس المطلي بالفضة والحديد المطلي بالقصدير إلى رفع مستوى معيشة الأفراد، على الأقل الأثرياء منهم. ومن الاكتشافات الجديدة الأخرى التي ظهرت في القرن الثامن عشر الأوراق النقدية والشيكات، بالإضافة إلى توفير خدمة البريد بصورة منتظمة. كما تم اختراع المياه الغازية والمرحاض والمنطاد الذي يمتلئ بالهواء الساخن والباراشوت أو المظلات التي يهواها المغامرون.

أوضاع العالم في الفترة من 1751 إلى 1800

في عام ١٧٧٦ ، اتحدت القوات البريطانية التي كانت توجد على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية وأعلنت استقلالها عن الوطن الأم. وعلى الرغم من ذلك استغرق الأمر خمسة أعوام الأخرى من الحروب للحصول على ذلك الاستقلال. وفي الشمال، كانت هناك بعض المعارك التي دارت في الماضي بين بريطانيا وفرنسا في محاولة من بريطانيا لفرض سيطرتها على ما يعرف الآن باسم كندا. وكان ذلك الصراع وقودا للحرب التي استمرت سبع سنوات بين العديد من الدول الأوروبية؛ سعيا وراء فرض سيطرة كل منها على كندا والاستيلاء على مواردها. وكالمعتاد كان الفوز من نصيب بروسيا التي تقع في وسط ألمانيا الحالية.

بعد مرور ثلاثة عشر عاما، قامت الثورة الفرنسية. وبعد أعوام عديدة من العنف والإرهاب، اعتلى نابليون بونابرت عرش فرنسا؛ وقد أدرك نابليون بونابرت أهمية التطور العلمي والتكنولوجي. لذا، أولى اهتماما خاصا بالعلم وعمل على تطويره. لكن، استمرت الحروب بين فرنسا بقيادة نابليون بونابرت وبقية الدول الأوروبية حتى عام ١٨١٥. وخلال ذلك الصراع استخدمت فرنسا النظام المتري في الأوزان والمقاييس، وقد انتشر بعد ذلك في جميع الدول الأوروبية عبر الغزو الفرنسي لها باستثناء بريطانيا.

استمرت روسيا تحت قيادة الملكة العظيمة كاثرين التي كانت تهتم بالتحديث والتطوير العلمي من خلال إرسال بعثات طلابية للخارج لدراسة العلوم والتكنولوجيا. كما استمرت في توسيع إمبراطوريتها على حساب تركيا حيث احتلت القرم. وفي الوقت نفسه، بدأت النمسا في طرد الأتراك بعيدا عن جزر البلقان. كما اتحدت روسيا مع كل من النمسا وبروسيا في الغرب من أجل عزل بولندا التي كانت محلاً لميلاد عالم الفلك المشهور كوبرنيكس قبل ثلاثة قرون.

فنون وأفكار

وصلت حركة التنوير وما تنص عليه من مبادئ مثل المادية والتسامح والحكم الذاتي وحرية الفكر أوجها خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر. ففي عام ١٧٥١، ظهرت أول موسوعة للعلوم والفنون للكاتب الفرنسي دونيس ديدرو، والتي يلخص فيها المبادئ الأساسية لتلك الحركة. وقد ساهمت تلك المبادئ المثالية بشدة في الثورتين السياسيتين العظيمتين اللتين حدثتا خلال تلك الفترة وهما: الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية. وقد اتخذت حركة التنوير العلماء العظماء من أمثال جاليليو ونيوتن كنموذج للبحث الإنساني الذي يعتمد على الملاحظة والتجربة.

بالنسبة للموسيقى، كانت تلك الفترة هي أزهى عصور الموسيقى الكلاسيكية التي يمثلها الألمانيين جوزيف هادن وفولفجانج أماديوس موتسارت. كما ظهرت أنواع أخرى من الموسيقى ذات إيقاعات أكثر تعقيداً مثل السوناتة والمقطوعات الرباعية والسيمفونيات. كما حل الإيقاع الثابت للبيانو والخالي من العيوب محل البيانو القيثاري؛ مما أدى إلى ظهور أنواع جديدة من الموسيقى مثل الغناء على أنغام البيانو. وبالقرب من نهاية القرن الثامن عشر، ظهرت الموسيقى الدرامية بقيادة الموسيقار المعروف بتهوفن. وانتشرت بعد ذلك الموسيقى الرومانسية في القرن التاسع عشر.

كما شهدت الكتابة ازدهاراً كبيرا في هذا العصر وتنوعت أفكار المبدعين. فعلى سبيل المثال، قام الطبيب صامويل جونسون بجمع أول معجم للغة الإنجليزية.

كما ألف الكاتب الفرنسي فولتير روايته الشهيرة Candide التي يسخر فيها من مبادئ حركة التنوير التي يعتقد معتنقوها أنها تحتوي على أفضل المبادئ لكل عالم، والتي تبعتها بعد ذلك بفترة قصيرة كتابه A Treatise on Tolerance. كما نشر الكاتب الإنجليزي آدم سميث كتابه Inquiry into the Wealth of Nations. علاوة على ذلك، أصدر الكاتب الألماني إيمانويل كنت عمله الشهير باسم Critique of Pure Reason كما أصدر الشاعر الاسكتلندي روبرت بيرنز مجموعته الشعرية المختارة من بين مجموعة القصائد الاسكتلندية المعروفة. كما أصدر الشاعران الإنجليزيان صامويل تايلور ووليم ووردزوورث قصيدتيهما الغنائيين Tintern Abbey و The Rime of the Ancient Mariner بالتتابع.

أما في مجال العمارة والزخرفة، فقد ساد أسلوب الركوك الذي يتميز بأنه أكثر ذوقا وحيوية من أسلوب الباروكي الذي اشتق منه؛ عاكساً ذوق وحب الطبقة الأرستقراطية لفرنسا والبلاط الملكي الأوروبي فيما بعد للرفاهية. ويعد الرسام الفرنسي جان واتو أحد رواد هذا الفن. بينما ساد فن التصوير الزيتي في إنجلترا في ذلك الوقت. وقد وضع وأرسى كل من يشوع رينولدز وتوماس غاينزبورو قواعد هذا الفن. بينما استمر النحات وليم هوجارث في تصوير لانحطاط الذي انحدرت إليه الطبقات العليا، بالإضافة إلى تصوير المشاكل الاجتماعية التى يعانى منها الفقراء.

تطورعلم الكيمياء

على الرغم من تطور جميع العلوم في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، فإنه حدث على وجه التحديد تطور في علم الكيمياء بشكل غير مسبوق. ولعل ذلك يعزى إلى اكتشاف بعض الغازات المهمة لأول مرة، مثل: غاز ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين والهيدروجين والأكسجين والكلور. كما تم القضاء على نظرية العنصر الملتهب القديمة الخاطئة واستبعادها خام بعد قيام العالم العبقري أنطوان لافوازييه بابتكار لغة عبقرية جديدة ومنطقية لدراسة الكيمياء. وبعد الكثير من الجدل، اكتشف علماء الكيمياء أهمية دقة المقاييس في دراسة علم كيمياء وتطوره.

على أية حال، استمر الجدل حول ما إذا كان النبتونيوم هو العنصر الذي تتكون منه الصخور أو البلوتونيوم. وفي علم الأحياء، استمر الجدل حول أسلوب التطور في الحيوانات بعد الحمل؛ سواء أكان يعتمد على التخلق المتعاقب أم على الحيوانات الدقيقة. وفي الوقت نفسه، اتفق العلماء على أن الحفريات عبارة عن بقايا النباتات والحيوانات التي كانت تعيش في مكان ما على كوكب الأرض منذ مدة زمنية طويلة. وقد أدى ذلك إلى التعرف على لكثير من تاريخ كوكب الأرض.

على الجانب الآخر، كانت الكهرباء على قمة أولويات علماء الفيزياء. فقد استطاع لعلماء التوصل إلى أن البرق عبارة عن شرارة كهربائية ضخمة. كما تم التعرف على القانون الذي يحكم القوة بين الشحنات الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، اكتشف العلماء أن الكهرباء تلعب دوراً مهما في أجسام الحيوانات. وبنهاية القرن الثامن عشر، استطاع علماء الفيزياء توليد تيار كهربي متواصل.

علاوة على ذلك، تم بناء تليسكوبات فلكية كبيرة الحجم وأكثر كفاءة، مما أدى إلى اكتشاف المزيد من الكواكب. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء مشروعين دوليين كبيرين لرصد حركة كوكب الزهرة عند عبوره أمام الشمس. وقد أدى ذلك إلى تحديد حجم النظام الشمسي. وبعد ذلك، بدأت دراسة كوكب الأرض حيث بدأ العلماء في توقع النظريات حول نشأة الأرض والشمس. وقد استطاع أحد صانعي الساعات تحديد خطوط الطول في تلك الفترة. كما تم قياس شدة أحد الزلازل العنيفة الذي هز لشبونة في البرتغال. وتعد تلك الخطوة هي الأولى في علم الزلازل.

هذا، وقد أدت الإنجازات الهائلة للعالم كارل لينين إلى اكتشاف عدد كبير للغاية من النباتات والحيوانات. كما تم القضاء على نظرية نشأة الأشياء من العدم — بمعنى أن الجياة يمكن أن تنبثق تلقائيا من الأجسام غير الحية - ولكنها عاودت الظهور في القرن التاسع عشر إلى حد ما. وقد اكتشف العلماء كيف يقوم النبات بتنقية الهواء. ويشكل هذا الاكتشاف خطوة حيوية نحو فهم عملية التمثيل الضوئي.

علاوة على ذلك، تم طرح نظرية الجراثيم وعلاقتها بالأمراض للمرة الثانية، لكن تم رفضها مرة أخرى من الغالبية العظمى من العلماء. على الرغم من ذلك، اكتشفت وسيلة للوقاية من مرض الجدري. كما تم تفعيل الطب المهني عندما لوحظ لأول مرة أن العمال المسئولين عن تنظيف المداخن يعانون من نوع معين من السرطان.

الأدب

مجلوبة من «https://3arf.org/w/index.php?title=القرن_18&oldid=887506»