الغزو الفارسي اليوناني الأول



الغزو الفارسي اليوناني اليونان القديمة .معروف أن اليونان لم تكن بلدا موحدا بمعنى الكلمة بل كانت دويلات مدن متناحرة ومتنافرة تصل لحد الحروب فيما بينها ولقد كان هناك سببان رئيسان لإجبار هذه الدويلات على التوحد كبلد ذو قومية واحدة أولها الخطر الفارسي الكبير ومحاولته فتح الطريق عبرغزو اليونان نحو أوروبا ثاني هذه الأسباب هو العمل البطولي الذي قام ليونيداس أحد ملوك اسبرطة فقد مثل صموده حتى الرمق الأخير رمزا وإلهاما للشعوب اليونانية نحو الاتحاد ونبذ صراعاتها جانبا

قالب:بذرة تاريخ عن كل من فارس و اليونان

لقد استمر تاريخ الحروب اليونانية الفارسية من عام 499 إلى 448 قبل الميلاد وقد بدأت بوادر النزاع حين نجح سايروس العظيم كسرى فارس كما كان يطلق عليه في احتلال مملكة ميديس عام 554 ق.م. وكون بذلك امبراطورية ضخمة تمتد من افغانستان وايران وأجزاء من الهند شرقا ومصر وليبيا غربا إلى الممالك التي كانت تتواجد شرق بحر إيجة وهي تمثل بوابة طبيعية لأوروبا التي يحلم بفتحها كل حاكم فارسي أو ساساني من أهم الممالك في شرق بحر إيجة مملكة أيونيا ومملكة ليديا كما نلاحظ بالخريطة حيث قامت ثورة في أيونيا مضادة للفرس ولحكامهم المتعاونون بعد تدمير المتمردين لمدينة سارديس وحرقها عن بكرة أبيها وقد ساعدهم بذلك دويلة أثينا ويقر كبار علماء التاريخ بأن هذا العمل كان يعتبر خطأ تاريخيا استراتيجيا لأنهم أيقظوا المارد الفارسي عليهم وتحرشوا به فقرر داريوس كسرى الفرس مهاجمة أثينا عقابا على فعلتهم تلك إلى جانب أن ذلك شكل ذريعة مناسبة لغزو اليونانفوقعت أولى المعارك الكبرى في هذه الحروب معركة أثينا.

قالب:معركة ماراثون وقعت بالتالي معركة ماراثون الشهيرة حين أرسل كسرى فارس درايوس الأول حملة بحرية ضد أثينا قدر تعدادها بثلاثين ألف مقاتل مقابل 8 آلاف يوناني فعمل القادة اليونيين خطة لإغراء االفرس للقتال بهذه المنطقة الضيقة وبالفعل هزم الفرس بعد ابتلاعهم الطعم وحاولوا الهروب لسفنهم مرة أخرى إلا أن المدافعين قرروا المخاطرة وسحق ما تبقى من فلولهم وتبرز شهرة هذه المعركة حين أرسل اليونان رسولا لإبلاغ أثينا بالنصر وقطع المسافة البالغة 26 ميلا بكل سرعة وحين وصل أخذ يبشرهم نايكي نايكي أي النصر ولكنه لفظ أنفاسه الأخيرة ومات وبناء على هذه الواقعة أقيمت رياضة الماراثون ولا زالت تمارس ليومنا هذا بالألومبياد وألعاب القوى

قالب:التمهيد لمعركة ثيرموبيلاي البوابات الساخنة أو معركة ال300 اسبرطي

قرر أحشويرس الأول Xerxes I تحريك جيش ضخم لم ير مثله من قبل قط وقد اختلف المؤرخون حول تعداد هذا الجيش بالضبط فمنهم من قدره بالملايين ولكن معظمهم استقر على أن عدده كان حوالي 300 ألف جندي واختلف المؤرخون كذلك على السبب الرئيس لهذه الحملة الضخمة فمنهم من يقول أنه لغزو أوروبا عموما ولكن الأرجح هو رغبته بالانتقام من أثينا لمساندتها التمرد في أيونيا وهزيمتها لأبيه الكسرى داريوس في معركة ماراثون قبل هذه الواقعة بعشر سنوات تقول الروايات أن ملوك الفرس يتم تدريبهم شتى أنواع العلوم والمعارف في صغرهم وأحشويرس هو الذي أطلق عليه أسد مفترس

وذلك بمكان ضيق ونجح بقتله فهو يتمتع بشجاعة كبيرة ولكن رغبة الانتقام لفشل والده الكسرى داريوس استحوذت عليه وكانت سببا في عدم نجاحه وخيبته الكبرى وقد يستغرب البعض كيف نجح هذاالجيش الضخم بعبور هذه االممرات الضيقة نحو اليونان الجواب يكمن بالعقول المصرية وتجاربها الناجحة حيث استعان المهندسون الفرس بهذه الأفكار المصرية وصمموا انجازا عجيبا يجعل من الممكن عبور هذا الجيش الضخم من المضيق البحري في هيلزبونت الفاصل ما بين تركيا وأوروبا وذلك بجعل السفن البحرية أرضية كاملة للعبور أو جسور فعلية بتجميع ما يقرب من 700 سفينة وربطها مع بعض مع تثبيتها بإلقاء صواريها الثقيلة بقاع البحر لتكون جسرا متينا يعبر عليه جميع الأثقال والأوزان


فكان مجرد عبور الجيش الفارسي نحو شمال اليونان انجازا كبيراوهذا ما صعق أثينا والدويلات الأخرى ذلك أن الخطر هذه المرة أصبح محدقا جدا وعلى أعتاب أبوابهم لقد نجح الفرس في زرع بذور الشقاق بينن هذه الدويلات اليونانية فلو لاحظنا الخريطة الأولى سنجد أنه منقسمين ما بين متحالف مع الفرس كمقدوني اللون الأصفر ومحايد اللون الرصاصي والمستعدين لمواجهة الفرس أثينا واسبرطة جنوبا اللون الأزرق وهما الطرفان اللذين يتوجه نحوهما التهديد مباشرة

على الرغم من تحالفهما المفاجئ هذا ضد الخطر الداهم إلا أن لهذين الدويلتين تاريخا طويلا من الصراع والاستحواذ ولكنهم قرروا نسيان خلافاتهما وتوجيه جهودهم نحو الغزو المحتمل تختلف أثينا عن اسبرطة أنها مدينة منفتحة وذات حضارة وثقافة عكس الثانية التي يعرف سمات الانغلاق وعدم المرونة والقسوة وهو مجتمع حربي بالدرجة الأولى وهذا أمر صحيح ويتم تدريبهم منذ الصغر على القتل والبطش حيث يتدرب شبابهم ومنهم ليونيداس بالذات على قتل العبيد خلسة مع الحذر من انكشاف أمرهم فإذا انكشف أحدهم بهذه الفعلة النكراء يعاقب أشد أنواع العقاب فهم يجيدون إلى جانب القتال فن الفر والهروب وعدم الانكشاف عموما لقد برع اليونان في استخدام استراتيجية حربية متقنة ألا وهي استخدام الأرض والتضاريس التي تمنحهم يدا عليا في أية معركة يخوضونها على أراضيهم حتى لو كانوا لا يتمتعون بكثرة عددية مقابل أي جيش يواجههم وهذا الأمر تحقق في معركة ماراثون وكذلك في معركة سالاميس البحرية إلى جانب معركة البوابات الساخنة ثيرموبيلاي ويعود السبب في عدم انهزامهم بسهولة أيضا إلى حسن اجادتهم لاستخدام تسليحهم وعتادهم

قالب:معركة ثيرموبيلاي أو معركة الـ 300 اسبارطي

موقع ثيرموبيلاي ويعني البوابات االساخنة هو موقع استراتيجي للدفاع عن أثينا من حيث أنه ممر وادي ضيق بعرض لا يسمح سوى ل18 رجلا بالعبور وعلى يمينه حافة جبلية شاهقة مما يفسر العقلية العسكرية الفذةالتي يتمتع بها القادة اليونان هذه المعركة لها جانب آخر وهو المعركة البحرية الموازية حيث كان هناك اسطول بحري يوناني بقيادة ثيموستكليس القائد والسياسي الداهية الذي يعتبر بطلا حقيقيا في هذه الحرب المضنية وهو قد عاصر معركة ماراثون واقتنع بأن الفرس سيقررون الثأر لا محالة الاسطول اليوناني بقيادة ثيموستكليس الذي عرف مكامن قوة الاسطول الفارسي الضخم أجهض المخطط الفارسي الرامي إلى مفاجأة جيش ليونيداس ومهاجمتهم من الخلف و نجح بإلحاق هزيمة نكراء به في معركة سالاميس وذلك بتضييق الخناق على الاسطول الفارسي الضخم الذي قدر بألف سفينة مستفيدا من تضاريس مضيق أرتميسيوم وترتب عليها بوادر انهزام الفرس ثم فاجأ ثيموستكليس الاسطول الفارسي المتباعد بهجوم ليلي خاطف وهو وقت لم يعتاده أحد في حينها كهجوم وتكفلت العواصف والأعاصير في بحر إيجة في اغراق 200 سفينة فارسية أخرى


حين دخل الفرس بقيادة أحشويرس ممرر ثيرموبيلاي الذي لا يوجد طريق آخر غيره نحو أثينا كان يعلم أن هذا الممر يصعب القتال به وانتظر خروج جيش ليونيداس لأربعة أيام الذي تمسك بمكانه ولم يتحرك قيد أنملة فنفذ صبر أحشويرس باليوم الخامس وهجم وحدث ما حدث بالفيلم وبهذا الوقت بالذات أي بعد وصول أنباء هزيمة اسطوله البحري قرر الأخير الزج بوحداته الخاصة المسماة الخالدون وهي صفوة جيشه بثاني أيام معركة ثيرموبيلاي بعد اندحار اسطوله انكشف جناح اليونانيين بعد وشاية إيفيلايتيس الذي أصبح اسمه يعني باليونانية المعاصرة الكابوس وكان ليونايديس يعلم بأمر هذا الممر الذي كلف به ألف مقاتل من مدينة فوشيا القريبة ولكنهم تخلوا عن حماية موقعهم ظنا منهم أن الفرس سيهاجمون مدينتهم فسهل على الفرس القضاء على ما تبقى من الجيش اليوناني ولكن لا يعتقد أحد منا أن ليونيداس أصبح بطلا بسبب أنه بطل بحد ذاته أو بسببب رغبته الوطنية للدفاع عن وطنه حتى الرمق الأخير بل يكمن السبب الرئيس باقدامه على الصمود القاتل وابعاده باقي الجيش اليوناني عن أرض المعركة هو اعتقاده الديني المحض الذي صرحت العرافة له بهذا التنجيم الكارثي بحكم أنه نابع من مجتمع ذو اعتقاد ديني صارم إلا أن الأمر المخالف لم ينسحب جميع اليونانيين ال7 آلاف بعد انكشاف جناح ليونيداسبل ظل معه ألف مقاتل من ثيسبيا كما أن ال7 ألاف جندي المساندين للاسبرطيين لم يكونوا من الأركاديين فقط وهذا غير واقعي حيث أن عددهم لم يتجاوز 1120 جندي فهؤلاء ال7 ألاف هم خليط من الدويلات اليونانية المختلفة وحاول الاسبرطيين استردداد جثة قائدهم فكانت لهم السهام بالمرصاد وذبحوا جميعا ثم أمر أحشويرس بقطع رأس ليونيداس وتعليقه على قطعة خشبية وانسحب ثيمووستكليس بإسطوله لإعادة التجمع ثم استشاراليونان عرافتهم في مدينة ديلفي المقدسة وقرروا اخلاء مدينة أثينا من سكانها ثم دمر الفرس مدينة أثينا بناءا على أوامر أحشويرس وجعلوها حطاما انتقاما لموقفهم السابق إلا أنه وخلال مدة وجيزة تمكن الاسطول اليوناني بقيادة ثيموستكليس الذي عرف مكامن قوة الاسطول الفارسي الضخم نجح بلحق هزيمة نكراء به في معركة سالاميس وترتب عليها بوادر انهزام الفرس حيث كسرت شوكة الاسطول الفارسي وقضى على وجوده في بحر إيجة للأبد