العزل المجتمعي للطوائف السياسية
العزل المجتمعي للطوائف السياسية أو البناء السياسي الدعامي (المبنى على دعائم) (بالإنجليزية: Pillarization وبالهولندية verzuiling) هو الفصل السياسي والطائفي للمجتمع. وكانت هذه المجتمعات (ولا زالت في بعض المناطق) «عمودياً» مقسمة إلى عدة قطاعات أو «ركائز» (zuilen، المفرد: zuil) وفقاً للأديان أو العقائد المختلفة. أفضل الأمثلة المعروفة عن هذا هي الأمثلة الهولندية والبلجيكية. ولكل ركيزة أو طائفة مؤسساتها الاجتماعية الخاصة بها كالمدارس والمستشفيات والصحف والإذاعات والأحزاب السياسية والنقابات المهنية وحتى المدافن.
عرفت هولندا ثلاث أنواع من هذا الكتل وهي: الركيزة الكاثوليكية والركيزة البروتستانتية وركيزة الإشتراكيين الإجتماعيين. ويمكن تشبيه هذا النظام بما هو قائم بين الطوائف في لبنان وإيرلندا الشمالية واسكتلندا وكوريا الجنوبية.
بعد منتصف الستينيات بدأ هذا النظام بالانقراض بسبب بسبب تزايد الرخاء على مستوى الأفراد وتراجع الحاجة إلى مؤسسات الكتلة الطائفية وبسبب نمو الفكر العلماني وسط المجتمع.
نبذة
هذا المصطلح ترجمة للكلمة الهولندية المقابلة (Verzuiling) التي استخدمها لأول مرة عالم السياسة كرويت لوصف الطبيعة الخاصة المميزة للبناء الاجتماعى وللنظم السياسية فى هولندا، وإن كان قد أصبح يستخدم للدلالة على نظم فى بلاد أخرى (كاستخدامه للدلالة على طبيعة النظام فى بلجيكا على سبيل المثال). فقد ظل المجتمع الهولندى طوال الجزء الأعظم من القرن العشرين منقسما إلى أربع كتل أو جماعات مصالح رئيسية ذات أسس طبقية أو انتماءات دينية، ولكنها تنتشر فى كل المجتمع، وهى: الكاثوليك، والبروتستانت، والاشتراكيون، و الليبراليون. وقد "تشكلت حول تلك الكتل - تقريباً - كافة المنظمات والانتماءات الجماعية ذات الطبيعة السياسية والاجتماعية". (انظر: ليبخارت، "سياسات التوفيق"، الصادر عام 1968).
ونجد أن كلا من الكتلتين الدينيتين تضم قطاعات من الطبقة العمالية و الطبقة الوسطى، على حين تتقسم القوى العلمانية على أسس طبقية (الاشتراكيون المتتمون للطبقة العاملة، والليبراليون المنتمون إلى الطبقة الوسطى/ العليا). وتوجد أحزاب سياسية خاصة بتمثيل كل كتلة ( فنجد حزبين يمثلان البروتستانت)، وتتسم الممارسات السياسية بطابع المساومات والتوفيق بين المصالح المختلفة. ونلاحظ أن الكثير من المؤسسات الاجتماعية الأخرى تتشكل بنفس النهج، من هذا مثلاً: النقابات، ووسائل الاتصال الجماهيرى، و الجمعيات التطوعية، ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، والمؤسسات التربوية. كما تأثرت بنفس القدر أنماط تكوين جماعات الصفوة و الأصدقاء، وعلاقات الزواج، و التعيين فى الوظائف، وغيرها من العلاقات الاجتماعية.
وقد اهتم علماء السياسة بمعرفة كيف تؤدى المواءمات المتبادلة، والإيديولوجيات المشتركة (كالنزعة القومية مثلاً)، والتركيب الطبقى المتنوع لبعض الكتل إلى السماح للمؤسسات الديموقراطية بالبقاء والاستمرار فى مثل هذا المجتمع المجزأ. ومع ذلك فقد بدأ منذ الستينيات تآكل الفروق المدينية، وتمت عمليات اندماج بين الأحزاب الدينية. وقد أدى ازدياد عملية التحول العلمانى للمجتمع وظهور مجالات اهتمام اجتماعية وسياسية جديدة إلى الاتفاق على أن هذا البناء السياسى الدعامى أصبح قليل الأهمية فى الوقت الراهن.