الشنانة
الشنانة بلدة قديمة قدم التاريخ تعبر عن أصالتها وعراقتها تاريخيا واجتماعيا وحضاريا بآثارها الشامخة شموخ الجبال. وهي تقع جنوب غربي الرس على بعد 10كلم التابعة لمنطقة القصيم في المملكة العربية السعودية. وقد ورد اسم الشنانة في المعارك التي حدثت بين العساكر المصريين وبين أهالي نجد ابتداء من حروب الدرعية في الدولة السعودية الأولى وما بعدها ثم بحوادث المنازلات التي حدثت بين الملك عبد العزيز وابن رشيد آخرها معركة الشنانة التاريخية في 18 رجب عام 1322 هـ. والشنانة كانت في حدود عام 1180 هـ بئراً لآل غيلان من شمر ترده الأعراب ،وعندما قدم خليفة بن منيع البريدي من المشارفة من الوهبة وهو جد أسرة الخليفة المعروفة في نجد، منتقلاً من أشيقر و سكن عنيزة ثم الرس و إستقر بالشنانة بعد أن تملكها.
برج الشنانة هو الصرح الأثري الذي بقي شامخا بكل عزة وأَنَفه رغم تعاقب السنون عليه ورغم ما يلقاه من أيدي العابثين، فقد بقي رمزا من رموز البطولة والفداء يحكي قصة البطولة التي أبداها أهل الشنانة وقوة بأسهم في التصدي للعدوان وكان شاهدا على شجاعتهم وتضحيتهم بنفوسهم الغالية في الدفاع عن بلدتهم يحدوهم الأمل في العيش الرغيد والحياة الهانئة، فلقد كان شاهداً على كثير من المعارك التي حدثت حوله في جميع مراحل الدولة السعودية من الأولى إلى عهد الملك عبد العزيز.
فلقد ناصر أهالي الشنانة صقر الجزيرة الملك عبد العزيز وانتصروا لدينهم وهزموا المعتدي عبد العزيز بن رشيد الذي حارب قيام دولة الحق والإيمان والعدل. و كان لهذا البرج (المرقب) توأم له شيد قبله بسنة في الرس التي كانت محصنة ضد الهجمات بحصنٍ منيع، لكن مرقب الرس إختفى عن الوجود بعد كثير من الهجمات التي كانت على بلدة الرس وبقي مرقب الشنانة وحيداً ليروي لنا تاريخاً مجيداً لأهالي الرس ويذكرنا بشهدائهم رحمة الله عليهم جميعاً.
وهذا البرج الشاهق الذي بناه رجل من البكيرية يدعى (فريح) بمساعدة و بنفقة رجال من أسرة السلومي وشيد في حدود عام 1111هـ. (وقد إختلف المؤرخون في تحديد أي عام تم بناءه فقد سبق أن ذكر فهد الرشيد في كتابه الرس بين ماضيها وحاضرها : ان مرقب الرس بني عام 1232هـ وبعده بعام تم تشييد برج الشنانة) (و الكاتب الدكتور خليفة المسعود يذكر في كتابه الشنانة ودورها التاريخي خلال مراحل الحكم السعودي أنه تم تشييده عام 1250هـ).
(إن عمارة السلومي للشنانة كانت بعد سنة 1200 هـ أي بعد شرائها، ويُروى بأن الذي بنى منازلها وبرجها هو البناء فريح التميمي من أهل البكيرية بأمر من أبناء خليفة ..ولاشك بأن بناءه كان بعد شراء خليفة لها، أي بعد التاريخ المذكور، وهذا قد يؤكد الجدل الذي يدور حول تاريخ عمارة برج الشنانة، وأنا ليس لدي شك بأن بناء البرج كان بعد عام 1200 هـ بقليل .. مع العلم بأن فريح بنى بعده مرقب الرس في عام 1232 هـ أي بعد حرب إبراهيم باشا كما يروي ذلك الكاتب الشيخ محمد بن إبراهيم الخربوش في وثيقة بخطه(8).
وقد بني ليكون متراسا لهم وقت الحرب، فقد كانت الشنانة محصنة هي الأخرى بجوار بلدة الرس، وفي البرج سلالم توصل إلى أعلاه، وقد تعرض البرج لقصف مدفعي أثناء إحدى الحروب التي وقعت حوله، كما إن عوامل التعرية وبعض الأيدي الطائشة لها دور ثان في تخريبه فتهدم أكثره وبقي منه الآن حوالي (30) مترا بعد أن كان ارتفاعه كما قيل 45 متر، وقد قامت إدارة الآثار بوزارة المعارف عام 1399هـ بترميم البرج، ثم قاموا بترميمه مرة أخرى في الأعوام الأخيرة.
وهو مبنى من الطين المخلوط بالتبن حيث يتبع في بنائه طريقة عرق الطين والتي تقوم على فكرة وضع طبقة من الطين المخلوط ويترك حتى يجف ثم توضع طبقة أخرى وتستمر الطريقة حتى يكتمل البناء.ويوجد في كل دور فتحه لدخول الهواء ولمراقبة الحى الواحد ويستخدم في نهاية كل دور نقوش قديمة لتزيين المبنى من الخارج والداخل. وهو مخروطي الشكل كما يوجد بالقرب منه العديد من الابار المطوية بالحجارة من اسفل إلى أعلى ويرتاده الكثير من محبي الاثار من مناطق المملكة.
قال عنه الكاتب الرشيد (الرس ص125): (ويذكر أن الذي قام بنفقة البناء فهد السليمان بن خليفة وتولى بناءه مجموعة من الأهالي منهم محمد بن سالم بن ضويان) ومضى على البرج أكثر من قرنين من الزمان وهو يتحدى عوامل التعرية واعتداء البشر عليه، ويوجد في البرج كتابة تدل على بداية تشييده. و تبقى جهود وزارة المعارف مشكورة في مجال الاثار والمتاحف ممثلة في الوكالة المساعدة للآثار والمتاحف بالعمل على ترميم برج الشنانة وكذلك التسوير له.
قال محمد العبودي عن بلدة الشنانة في تاريخه : وهي قرية تاريخية قديمة من قرى الرس الهامة يدل على ذلك مرقبها الهائل الارتفاع وآبارها وبعض آثارها التي لا تزال باقية وهي شاهد على حضارة تلك البلدة وكان آخر عهدها بالعمران عندما نزلها عبد العزيز بن رشيد أبان منازلته للملك عبد العزيز بن سعود ومن معه إذ عمد إلى قطع نخيلها وأشجارها ودفن آبارها بغية تدميرها لأنها تعتبر قناة إمداد لجيش الملك عبد العزيز آل سعود ولكي يأكل جنوده وجيشه من ثمارها، وقد تركت البلدة القديمة منذ ذلك الوقت وأنشئت بعدها الشنانة الحالية جنوبا وهي تقع على الضفة الجنوبية لوادي الرمة على بعد 6 كم تقريبا وعلى مجرى وادي يسمى شعيب الشنانة يصب في وادي الرمة.
و الشنانة بلدة ذات موقع مميز وقد دخلتها جميع مرافق الحياة وشملتها الأيدي البناءة في التقدم والإصلاح أرضها طيبة وماؤها عذب وتشتهر بزراعة النخيل والرمان والتين والخوخ قبل فساد مائها.
- وقد ورد ذكرها في الشعر الفصيح يقول الأستاذ خالد بن فرج – – فيها :
ومضى ابن الرشيد نحو الشنانة جامعا في ربوعها عربانه مفرغا كل ماله في الكنانة وعلى الرس حيث ألقى جرانه سئم الكل قومه ومكانه إذ غدا الموت ينتقي فتيانه هاجموه على الشنانة فجــرا وأروه الفعال كرا وفــرا فنيو جميع الفنا هو وحاكمــه والجار بالجار شريك مع جاره