الدراسة الاجتماعية للجنس

الدراسة الاجتماعية للجنس (بالإنجليزية: Sociological Studies of Sex) لم تكن دراسة الجنس تمثل اهتماما رئيسيا فى علم الاجتماع حتى وقت قريب. فلم يبدو أن أحدا من الأعلام الكبار فى علم الاجتماع قد أولى أى اهتمام لهذا الموضوع باعتباره ميدانا للتحليل أو التنظير. هذا فى الوقت الذى وجدنا فيه عددا من العلوم الأخرى - غير علم الاجتماع -تجعل من هذا الموضوع بؤرة اهتمامها. ومن أصحاب تلك العلوم استعار علماء الاجتماع بعض المواد العلمية ذات الصلة بالموضوع.

وهناك ثلاثة أصول تبدو ذات أهمية خاصة فى هذا السياق. أولها تراث علم البيولوجيا الطبية، والذى بلغ ذروته فى الجهود المعملية فى معامل الجنس عند جونسون وماستر. أما الأصل الثانى فيتمثل فى التحليل النفسى، حيث اشتملت بعض كتاباته على بعد سوسيولوجى، خاصة عند دراسة الروابط بين الدوافع الجنسية والكبت و النظام الاجتماعى. وهكذا نجد أعمال كل من فيلهلم رايش وهربرت ماركوز وتورمان براون - الذين يوصفون بشكل غير دقيق على أنهم الفرويديون اليساريون - تعتبر موضوع الجنس أساسيا فى قيام النظام الاجتماعى. أما الأصل أو المصدر الثالث فهو من المسح الاجتماعى المرتبط باسم كينزى. فهنا تم إجراء عدد من المسوح الواسعة النطاق لجمع معلومات عن السلوك الجنسى للناس، أو من يفعل ماذا، مع من، وأين، ومتى. وقد كان هذا المصدر ذا أهمية خاصة لعلم الاجتماع، حيث أمكن من خلال استخدام تقنيات المسح الاجتماعى تقدير حجم انتشار ومدى تواتر السلوكيات الجنسية بأنواعها المختلفة. كما تم فحص ارتباطاتها بالطبقة، والإقليم، والعمر، والنوع. وتطرقت تلك البحوث إلى دراسة أنماط التحول فى السلوك الجنسى خلال الجزء الأخير من القرن العشرين. وقد تمت مناقشة وتحليل هذه الأصول الثلاثة لدراسة الحياة الجنسية والسلوك الجنسى بطريقة ذكية فى كتاب بول روبنسون: تحديث الجنس، الصادر عام 1976، وكتاب جانيس إرفين: اضطرابات الرغبة، الصادر عام 1990.

وظل علم الاجتماع يعتمد فى أغلب الحالات على هذه الأصول غير السوسيولوجية حتى الستينيات، حيث بدأ علم الاجتماع نفسه تطوير نظرة وموقف خاص به من هذا الموضوع. ويمكن أن يجد القارى إسهاما رنيسيا فى هذا الإطار خلال كتابات جون جاجنون ووليام سيمون (السلوك الجنسى، الصادر عام 1973، وفى الدراسات المشابهة التى ساهمت فى ظهور منظور جديد فى تحليل الجنس، وهو المنظور الذى يوصف بأنه ذو نظرة تفسيرية بنائية للجنس. فقد كان كل من جاجنون وسيمون يعمل فى مؤسسة كينزى من منتصف الخمسينيات وحتى منتصف الستينيات، ولكنهما أصبحا من خلال مشاركتهما فى المسوح (وخاصة تلك التى أجريت على المتهمين بالإيذاء الجنسى، والممارسة الجنسية المثلية) أكثر إدراكا ورفضا للآراء البيولوجية والسلوكية، وتلك غير القائمة على أساس نظرى فى دراسة الجنس، وهى التوجهات التى كانت سائدة آنذاك فى الدراسة العلمية للجنس. وفى محاولة لبناء عناصر لنظرية سوسيولوجية فى تفسير السلوك الجنسي، ذهبا إلى أن علم البيولوجيا لم يعد أكثر أهمية في ميدان الجنس من أى فرع آخر، وأن فكرة الدوافع الجنسية القوية قد تكون مجرد أسطورة، وأن الجنس بالنسبة للبشر كان يتسم دائما بمدى واسع من صور التباين الاجتماعية الثقافية. وقد نادى كل من جاجنون وسيمون بالابتعاد عن اللغة المتأثرة بالمفاهيم البيولوجية، والاتجاه بدلا من ذلك إلى لغة تنظر إلى مسألة الجنس كمسألة رمزية قابلة للوصف.

انظر أيضاً