الأسود العنسي


الأسود العنسي هو عبهلة بن كعب بن عوف العنسي، وعنس بطن من مذحج، من بلد يقال لها كهف حنان، وكان يلقب (بذي الخمار) لأنه كان معتما متخمرًا أبدًا.

كان الأسود مشعوذًا يريهم الأعاجيب، وكان أول ادعائه النبوة عندمـا بلغه مرض محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام بعد عودته من حجة الوداع وهو غير مرض وفاته فعندما بلغه ذلك ادعى النبوة، واتبعته مذحج، وكانت ردته أول ردة في الإسلام على عهد النبي. وقد قيل إن مدة ملكه منذ ظهر إلى أن قتل ثلاثة أشهر، ويقال أربعة أشهر.


قتله فيروز الديلمي وهو أحد التابعين الذين وفدو إلى المدينة على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما ارسل اليه يستنفره للجهاد وقتل الاسود العنسي الكذاب أخبر عنه المصطفى اصحابه وهو بالمدينة فقال لهم : قتل الليلة الاسود العنسي الكذاب، قتله العبد الصالح فيروز

كان كل من الأسود العنسي ومسيلمة الكذاب متربصين، فلما ذاعت أخبار مرض النبي صلى الله عليه وسلم في شبه الجزيرة، ظل مسيلمة علىتربصه، 

وجاهر الأسود العنسي بدعوته التي كان يدعو لها بالفعل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يلجأ للصدام المسلح مع المسلمين، فلما وصلت للأسود العنسي أخبار مرض النبي صلى الله عليه وسلم أعلن العصيان المسلح، وخرج من بلده، وتسمى 'كهف حنان' في سبعمائة مقاتل، ثم استولى على نجران، ثم توجه إلى صنعاء، فقتل شهبر بن باذام ومن معه من الأبناء [وهم أبناء الفرس الذين أسلموا]، ثم استولى على حضرموت، وانتشرت فتنته كالحريق، ودانت له اليمن بأسرها.

- الأخبار تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، فيرسل للمسلمين في اليمن بالتصدي للأسود العنسي ومقاتلته، ووافق وصول رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بعض الناقمين على الأسود، وكانوا ثلاثة؛ هم: فيروز الديلمي، وقيس بن مشكوح، وداذويه الفارسي؛ ففرحوا برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وتواثقوا على قتله. في هذه الأثناء كان للأسود شيطان يأتيه بالأخبار، فأطلعه على سر الثلاثة، فاستدعى أحدهم وهو قيس، ولكن قيسًا استطاع أن يقنعه بعدم إضمار شر له، فلما خرج لأصحابه وأخبرهم بالخبر جاءتهم رسالة من أمراء اليمن يوافقونهم على قتال الأسود، فازدادت ثقتهم وأصروا على قتاله. - كان شيطان الأسود العنسي ينقل له الأخبار أولاً بأول، فكان على حذر شديد وحراسة كبيرة، وكانت عملية قتله تحتاج إلى مساعدة داخلية من بيت الأسود نفسه، وكانت هذه المساعدة متمثلة في 'إزاد' امرأة الأسود التي اغتصبها من زوجها شهر بن باذم بعد قتله، وكانت من المؤمنات الصالحات، فتعاهدت معهم على قتل الأسود العنسي. - كان فيروز ابن عم 'إزاد'، فأدخلته عندها لينقب جدار البيت من الداخل ليسهل نقبه من الخارج إذا أرادوا الدخول لبيت الأسود وقتله، ولكن الأسود يدخل عليها فجأة، ويمسك بفيروز ليقتله، فصاحت 'إزاد' وبكت، فتركه الأسود وفر فيروز خارجًا، وقد عزم على قتله في نفس الليلة. - وفي الليلة الموعودة شقت 'إزاد' الأسود الخمر وأطعمته الرمان حتى غرق في النوم من السكر، ودخل الرجال الثلاثة من جدار البيت، ولما هموا بقتله قام شيطان الأسود وأجلسه وهو نائم، وتكلم على لسانه ليرهب الثلاثة، ولكنهم يهجمون عليه، ويقوم فيروز بقطع رأسه بعد أن دق عنقه، فخار الأسود كأشد خوار ثور سمع قط، فلما سمع الحراس الصوت أقبلوا مسرعين، فقالت 'إزاد' لهم: 'إن النبي يوحى إليه!' فرجعوا. وكان الثلاثة قد اتفقوا مع المسلمين على علامة معينة إذا سمعوها يهجموا مباشرة على القصر ويقاتلوا رجال الأسود، فلما طلع الصبع قام قيس، فأذن قائلاً: 'أشهد أن محمد رسول الله وأن عبهلة ـ اسم الأسود ـ كذاب'؛ فهجم المسلمون، ودارت حرب طاحنة، فألقى قيس رأس الأسود على المتقاتلين فانهزم رجال الأسود، وركبهم المسلمون، وانتهت بذلك فتنة الأسود العنسي، ولم تستمر سوى ثلاثة أشهر. أرسلوا بالخبر للنبي صلى الله عليه وسلم، فوصل الخبر في آخر ربيع أول بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الخبر قد ول من السماء للنبي عليه الصلاة والسلام، فقال: 'قُتل العنسي البارحة؛ قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين' قيل: من؟، قال: 'فيروز، فاز فيروز'. المراجع: 1 ـ البداية والنهاية 6/306. 2 ـ خليفة بن خياط 1/117. 3 ـ شذرات الذهب 1/150. 4 ـ المنتظم 4/19. 5 ـ الكامل 2/202. 6 ـ الصبر في خبر من غبر 1/59.