إيفان بافلوف

إيفان بتروفيتش بافلوف (بالروسية: Иван Петрович Павлов) ـ (14 سبتمبر 1849- 27 فبراير 1936) هو عالم وظائف أعضاء روسي، حصل على جائزة نوبل في الطب في عام 1904 لأبحاثه المتعلقة بالجهاز الهضمي، ومن أشهر أعماله نظرية الاستجابة الشرطية التي تفسر بها التعلم.

نشأته ودراسته الدينية

ولد بافلوف في ريازان (التي تقع حاليًا بالمنطقة الاتحادية المركزية في روسيا) في 26 سبتمبر 1849، وكان الأكبر بين أحد عشر ابنًا لوالده «بيتر دميترييفيتش بافلوف» (1823 ـ 1899)، الذي كان قساً لإحدى القرى.

تعلم إيفان بافلوف القراءة في السابعة من عمره، إلا أنه لم يلتحق بالمدرسة بشكل رسمي إلا في سن الحادية عشرة؛ بسبب تعرضه لإصابات جسيمة من جراء سقوطه من سور مرتفع على رصيف حجري.

أنهى بافلوف الابن تعليمه الأولي في مدرسة الكنيسة في ريازان، ثم التحق بمعهد اللاهوت بها، إلا أنه ترك المعهد سنة 1870 ليلتحق بجامعة سانت بطرسبورغ.

انتقاله لدراسة العلوم

أبدى بافلوف منذ طفولته تفوقًا عقليًا وطاقة غير عادية أطلق عليها هو «غريزة البحث»، وهجر دراسته الدينية متأثرًا بالأفكار التقدمية التي كان ينشرها كل من دميتري بيساريف ـ أبرز نقاد الأدب الروس في ستينيات القرن التاسع عشر ـ وإيفان سيتشينوف (أبي الفسيولوجيا الروسية)، ليكرس حياته للعلم، فالتحق سنة 1870 بقسم الفيزياء والرياضيات بجامعة سان بطرسبرغ الحكومية تمهيدًا لدراسة العلوم الطبيعية.

في عامه الجامعي الرابع فاز بحثه الأول عن الفسيولوجيا العصبية للبنكرياس بجائزة جامعية رفيعة. وفي سنة 1875 أنهى بافلوف دراسته بتفوق كبير في مجال العلوم الطبيعية، لكنه كان مدفوعاً بشغف كبير بعلم وظائف الأعضاء، فالتحق بالأكاديمية الطبية الجراحية ‏‏، حيث حصل على درجة الدكتوراه سنة 1878، ثم حصل على ميدالية ذهبية سنة 1879 تقديراً لتفوقه. وبعد امتحان تنافسي نجح بافلوف في الفوز بزمالة في الأكاديمية، وهو ما مكنه (بالإضافة إلى منصبه كمدير لمختبر علم وظائف الأعضاء بعيادة الطبيب الروسي الشهير سيرغي بوتكين ‏‏) من مواصلة أعماله البحثية. وفي سنة 1883 قدم بافلوف أطروحته للدكتوراه، وكانت عن أعصاب القلب.

كان أستاذاً ورئيس قسم الفيزيولوجيا بالأكاديمية الطبية العسكرية ‏‏ حتّى عام 1924 وعضواً في أكاديميّة العلوم ابتداء من سنة 1907، وهو مؤسّس الدّراسات التجريبيّة الموضوعيّة للنشاط العصبي الأعلى (أي السلوك) عند الحيوانات والإنسان، مستخدماً منهج المنعكسات الشرطيّة واللاّشرطيّة.

طوّر تعاليم سيتشينوف (مؤسّس علم النفس المادّي في روسيا)عن الطبيعة الانعكاسيّة للنشاط العقلي وقد تمكّن بافلوف بمنهج الانعكاسات الشرطيّة من اكتشاف القوانين والآليات الأساسيّة لنشاط الدّماغ. وأدّت دراسة بافلوف لفيزيولوجيا عمليّة الهضم إلى فكرته القائلة بأنّ منهج الانعكاسات الشرطيّة يمكن أن يستخدم لبحث السلوك والنشاط العقلي للحيوانات. وقد أفادت ظاهرة «إفراز اللّعاب نفسيّاً»، والعديد من الأبحاث التجريبيّة كأساس للنتيجة التي توصّل إليها عن الوظيفة الإشاريّة للنشاط النفسي ولتوضيح تعاليمه عن النظامين الإشاريين. ويوفّر مذهب بافلوف ككلّ الأساس العلمي الطبيعي لعلم النفس المادّي.

إسهامات إيفان بافلوف في الارتباط الشرطي

بعد قيامه بقراءة كتاب The Origin of Species لداروين، تحول الطالب الروسي إيفان بافلوف من دراسة العلوم الدينية إلى دراسة العلوم الطبيعية (وظل نشيطا في هذا الشأن حتى توفي عن عمر يناهز ٨٧ عاما). أصبح من العلماء البارزين في عصره حتى حصل على جائزة نوبل عام ١٩٠٤ في الطب، ولكنه تورط في العديد من الصراعات مع الحكومات المستبدة داخل بلده، خاصة بمجرد تحول بلده إلى إحدى دول الاتحاد السوفيتي. فلم ينقذه من الاعتقال والاضطهاد سوى شهرته الواسعة التي حققها في مجال العلم.

اهتم بافلوف بالبحث الطبي؛ حيث كان مهتما بشكل خاص بعملية الهضم. وقد أظهرت أبحاثه التي أجريت على الكلاب أن المعدة تبدأ في العمل عندما تتم إثارتها بواسطة اللعاب الذي يفرز في الفم. ويبدو واضحا أن هناك اتصالاً يربط بين هذين العضوين من خلال الجهاز العصبي. وقد جعل بافلوف الكلاب تفرز لعابها عن طريق تقديم الطعام إليها، ولكنه سرعان ما اكتشف أنه هناك عوامل أخرى يمكن أن تفعل الشيء نفسه، والتي تتضمن حتى صوت خطوات قدمه عند دخوله الحجرة التي تعيش فيها هذه الكلاب. ومن أجل ذلك، قرر أن يبحث ما إذا ما كان هناك أصوات وتصرفات أخرى ستجعل الكلاب تفرز لعابها.

بينما تقوم بإجراء الكثير من التجارب عن شيء ما، لا تكن راضيا عن ظواهر الأمور. ولا تكن مسجلا فقط للحقائق، بل يجب عليك أن تحاول اختراق وسبر أغوار ما توصلت إليه من نتائج. إيفان بافلوف

كانت التجربة الأكثر شهرة عندما قام بقرع جرس يدوي عند تقديم الطعام للكلاب، فوجد الكلاب في الحال يسال لعابها، بمجرد سماع صوت الجرس دون انتظار ما إذا سيتم تقديم الطعام أو لا ولذلك فطريقة إثارة اللعاب التي لا يقدر الكلاب على التحكم فيها بسبب جوعها عند رؤية الطعام أصبحت الآن مشروطة، وأصبحت الكلاب تستجيب بطريقة تلقائية لمثيرات أخرى متنوعة. أثارت هذه التجربة العديد من الأسئلة التي بحث بافلوف لها عن إجابات بتجميع وقياس كمية اللعاب المفرز في ظروف متعددة.

بمجرد أن يتم العثور على هذه الطريقة المشروطة، كان السؤال القائم هو هل ستظل هذه الطريقة للأبد؟ ولكن الإجابة كانت لا. فقد اكتشف أن الطريقة يمكن القضاء عليها بمرور الوقت في حالة إهمالها وعدم رن الجرس في أثناء تقديم الطعام إلى الكلاب. وبالتالي، سرعان ما ستتوقف الكلاب عن سيلان لعابها عند سماع صوت الجرس. وبالرغم من ذلك، هناك إمكانية لاستعادة التأثير نفسه ألا وهو المثير الشرطي الذي يؤثر به صوت الجرس على الكلاب عند تقديم الطعام لها. ويمكن أن يحدث هذا تلقائيا بعد بضع ساعات.

رأى بافلوف أيضا أن أي شيء يصدر صوتا مثل الجرس من الممكن أن يكون له التأثير نفسه على الكلاب - مثل جرس التليفون. ومن ثم، فقد أصبح هذا مثيراً عاما، ولكن عندما يتم إرفاق صوت الجرس مع تقديم الطعام فقط وليس أي شيء آخر. تمكن بافلوف من تعليم الكلاب كيفية التمييز بين الأنواع المختلفة من الأصوات.

ساورت الشكوك العالم بافلوف في أن دراساته عن الكلاب التي تم نشرها في عام ١٩٠٣ لا تعني أي شيء على الإطلاق بالنسبة للناس، ولكنها قادت بالفعل إلى تطور المدرسة السلوكية النفسية. فأظهر العالم الأمريكي جون واتسون أن الارتباط الشرطي من الممكن أن يؤثر على بعض الانفعالات مثل مشاعر القلق والخوف المرضي. وتبدو الصورة أشد كآبة عندما نعلم أن منهج العالم بافلوف قد أسهم في تقديم أساليب غسيل المخ.

من مؤلّفاته

  • عشرون عاما من الدراسة الموضوعيّة للنشاط العصبي الأعلى عند الحيوان (1933).
  • محاضرات في عمل نصفي الكرة المخية (1927).