إقطاعية

الإقطاعية (بالإنجليزية: Feudalism) هو نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي له تعريفات عديدة ظهر في أوروبا خلال العصور المظلمة وشبه القارة الهندية وشبه الجزيرة العربية واليابان وإثيوبيا ومناطق أخرى من العالم في فترات مختلفة من التاريخ من مصر القديمة إلى الحضارات القديمة في أمريكا الجنوبية. لا يوجد تعريف عالمي متفق عليه بشأن هذا المصطلح. هناك تعريفات عديدة وتعريفات مضادة للنظريات السابقة ولكن بالمعنى الضيق، فإن المصطلح ارتبط في الغالب بأوروبا في العصور المظلمة من القرن التاسع وحتى القرن الخامس عشر وأول إستخداماته كان في القرن السابع عشر، غالباً ضمن حملات سياسية دعائية.

الإقْطاع مصطلح عام يُستخـدم لوصـف النظام السياسي والعسكري الذي كان سائدًا في غربي أوروبا خلال القرون الوسطى. ففي ذلك العصر، لم تكن هنالك حكومة مركزية قوية، كما كان الأمن ضعيفًا. ولكن النظام الإقطاعي كان يسـد الحاجـة الأساسيـة للعدالة والحماية.

وكثيرًا ما يخلط الناس بين الإقطاع و نظام الإقطاع الزراعي. فقد كان الإقطاع الزراعي نظامًا لتنظيم العمالة الزراعية، ويشير إلى العلاقة الاقتصادية بين السيد الذي يملك الأرض الزراعية والفلاحين الذين يستأجرون منه الأرض انظر: الإقطاع الأوروبي. وعلى الجانب الآخر، فإن الإقطاع كان في جوهره نظامًا سياسيًا وعسكريًا، وكان كل من السيد وأفراد رعيته، الذين يعرفون باسم المُقْطَعين من الأرستقراطيين. وكان السيد يمنح الأرض للمُقطِعين مقابل قيامهم بخدمات عسكرية. وكان السيد والمقطعون يلتزمون فيما بينهم برباط من المراسيم والعهود على أن يخلص كل طرف للآخر، ويوفي بالتزاماته. أما الفلاحون، فلم يكن لهم دور في مثل هذه الترتيبات.

نشأ النظام الإقطاعي ليفي بحاجات عصره. ففي القرن الخامس الميلادي غزت القبائل الجرمانية أراضي الإمبراطورية الرومانية الغربية، وقامت بتقسيمها إلى ممالك عديدة. وكانت هذه الشعوب الجرمانية ـ كانوا يسمّون البرابرة ـ لا تَدين بالولاء إلا لزعماء قبائلها أو أسرها. وهكذا زالت الحكومات المركزية والمحلية القوية التي أنشأها الرومان. وبالإضافة لذلك، حلّت العادات البربرية مكان القوانين الرومانية. وقد أدت هذه التغيرات والغزوات اللاحقة إلى حالة من الفوضى العامة والحروب المستمرة في السنوات التي تلت غزو البرابرة للإمبراطورية الرومانية الغربية. وقد ساعد النظام الإقطاعي في إقامة النظام في أوروبا في ظل هذه الأوضاع.

بدأ النظام الإقطاعي في الظهور في القرن الثامن الميلادي. وفي غضون القرن الثاني عشر الميلادي، انتشر النظام الإقطاعي من فرنسا إلى إنجلترا وأسبانيا وبقية الأجزاء الأخرى للعالم المسيحي. وأنشأ الصليبيون دولهم في الشرق الأدنى على أُسس النظام الإقطاعي. وقد بلغ النظام الإقطاعي قمته بين القرنين التاسع والثالث عشر الميلاديين، ولكنه أصبح نظامًا باليًا في القرن الخامس عشر الميلادي.

التعريفات وعلم الاجتماع

الفيودالية: تنظيم اقتصادي واجتماعي وسياسي ظهر بأوروبا خلال العصور الوسطى وتميز باختلاف مفهوم الدولة والمواطنة وانتشار مجموعة من التقاليد والأعراف وأساليب العيش التي حكمت العلاقات بين السيد الإقطاعي والأقنان المرتبطين بالأرض.

يذهب بعض المؤرخين إلى أن الإقطاع هو مصطلح فنى محدد لا ينطبق إلا على النظم الأوربية الغربية فى العصور الوسطى. أما البعض الآخر (ومعهم غالبية علماء الاجتماع)، فقد صاغوا الظاهرة على المستوى التصورى بطريقة مجردة، بوصفها أسلوبا للتنظيم السياسى. ومن ثم فهى ظاهرة يمكن أن توجد فى أماكن وأزمنة أخرى (مثل اليابان أثناء عصر توكوجاوا Tokugawa),

ولقد ظهر المصطلح فى انجلترا إبان القرن السابع عشر كطريقة للحديث عن أسلوب الملكية الذى كان آخذا فى الاختفاء بسرعة آنذاك. واستخدم الباحثون فى القانون فى القرن الثامن عشر والتاسع عشر المصطلح استخداما واسع النطاق، ومن هذا الطريق دخل المصطلح إلى القاموس اللغوى لمؤسسى علم الاجتماع. وبالرغم من أن رواد علم الاجتماع قد استخدموا المصطلح ليشير إلى نمط المجتمع الذى انبثقت منه الرأسمالية فى أوربا الغربية، إلا أن أحدا منهم لم يقدم صياغة لمفهوم متطور كامل عن الإقطاع. ومع ذلك، وكما يتضح فيما بعد، فمن الممكن توليد صياغات مؤثرة لهذا المفهوم من الكتابات التاريخية لكل من كارل ماركس وماكس فيير.

وقد ثارت - وماتزال - خلافات حول الطريقة التى يمكن أن يصاغ بها مفهوم الاقطاع. فكل الصياغات النظرية للمفهوم فى علم الاجتماع تتخذ طابعا عاما. ولكن أهم التعريفات المحددة (ذات الطابع التخصيصى)، ما توصل إليه المؤرخ الفرنسى مارك بلوش فى كتابة المجتمع الإقطاعى (١٩٦١). ويستحق تفسير بلوش أن نوليه بعض الانتباه لا بسبب كونه موثرا فى حد ذاته، ولكن لأن المقابلة بينه وبين المفاهيم السوسيولوجية البديلة يلخص جانبا من أوجه الخلاف الأساسية حول صياغة المفهوم فى العلوم الاجتماعية.

وتنطلق المقدمة المنهجية لبلوش من أن كل مجتمع له طابع خاص، ويجب أن يفهم فى ضوء خصائصه. (ولم يعترف إلابحذر شديد أن شيئاًما يشبه الإقطاع قد وجد خارج سياق أوربا الغربية -مشيرا بذلك إلى اليابان).

و لقدكان عمله عملا إمبيريقيا وإنسانياً بالأساس بالمعنى الذى يستخدم به لوى ألتوسير هذه المصطلحات. وتظهر نتائج هذه المقدمات النظرية فى صياغتة للعلافة الرئيسية التى يتأسس عليها الإقطاع (وهى علاقة العبودية). ولقد عرف علاقة الإقطاع فى إطار دراسة مفصلة لحالة فرنسا خلال العصور الوسطى على أنها "نموذج المحارب"، أو أنها عقد لتبادل الفائدة يدخل فيه بشكل إرادى "فردان فى حالة مواجهة". ومن هذه العلاقة تنبثق كل خصائص المجتمعات الإقطاعية: انتقال العلاقة الإقطاعية بالميراث؛ والعطايا (منح الأسياد الأرض لمقطعيهم؛ وتفتت السلطة، ووجود نمط من الفلاحة يقوم على جمع الضرائب والتنظيم الذاتى. وكان من المحتم أن يؤدى التنظيم المؤسسى للعلاقة الإقطاعية على هذا النحو (وكما يذهب بلوش) إلى بداية إفساد النقاء الذى كان يميز الصورة الأولية للالتزام، وبداية التحلل التدريجى لأسلوب الحياة الذى كان يتشكل حولها.

ولاشك أن علم الاجتماع، بحكم تعريفه، لايصح أن يتصدى لدراسة الظواهر الاجتماعية انطلاقا من فرضية أن كل مجتمع يجب أن يعتبر مستقلا عن سائر المجتمعات ومتميزا عنها كل التميز. وقد كان هذا بالتأكيد هو الحال فى التراث المتعلق بالإقطاع فى غرب أوربا (إن لم يكن فى اليابان). على العكس من ذلك فإن الميزة الرئيسية المتضمنة فى التفسير السوسيولوجى الواسع النطاق هى أنه يقوم على فرضية المقارنة، وأن مايميز التفسيرات عن بعضها البعض هى الاعتماد أوعدم الاعتمادعلى المقارنة التى تتم قبل أو بعد صياغة المفاهيم التى تقوم عليها؛ بمعنى اعتمادها على صياغات إمبيريقية أو واقعية على التوالى.

فعندما يكون نمط الصياغة إمبيريقيا، كما هو الحال فى أعمال المشاركين فى مجموعة من البحوث أشرف على تحريرهاجوزيف شتراير ورشتون كولبورن (بعنوان الإقطاع فى التاريخ، ١٩٥٦، تتم المقارنة بين أكبر عدد من الحالات الممكنة للنظم الاقطاعية، ويتم من خلالها استخلاص الخصائص المشتركة وصياغتها فى صورة تعميم. ومن الملفت للنظر أن التعميم فى هذه الحالة يكون فى مضمونه وأهدافه كذلك الذى توصل إليه بلوش (فيما عدا أن يكون مغلفا بالرومانسية) وبنسحب نفس القول على فهم الديناميات الداخلية للنسق.

ولا يعانى النمط المثالى الذى صاغه ماكس فيبر عن الإقطاع من هذا الضعف لأنه لم يكن تعميما إمبيريقيا مباشراً. وبالرغم من أن هذا النمط المثالى ليست له صياغة واضحة، إلا أنه يمكن اشتقاقه -بسهولة نسبية- من المناقشات حول العلاقات الاجتماعية الاقتصادية التى توجد فى كتابى ماكس فيبر الاقتصاد والمجتمع (١٩٢٢) والتاريخ الاقتصادى العام (١٩٢٣). وبلغة فير فبن الحطاع يمثل حالة من حالات التنظيم المؤسسى للكاريزما فى سياق النمط التقليدى من السيطرة (السياسية). ويؤدى هذا الوضع إلى أن تنظيم القوة بطريقة وراثية يعضدها نظام لمنح الإقطاعات، ويقوم على نظام للاستغلال يجبرفيه الأقنان (وهم الفلاحون غير الأحرار) على دفع أشكال من الإيجار (فى شكل عمل أو فى شكل نقدى أو عينى) لأسيادهم فى مقابل الحصول على حق الانتفاع بالأرض. وطبقا لما ذهب إليه فيبر فإن آخر هذه الخصائص، أى الخلافات حول الإيجار، هى التى منحت النظام ديناميته الداخلية.

وهناك بعض الشواهد النصية التى توحى بأن فيبر قد اشتق مفهومه عن الريع الإقطاعى من المفهوم الذى صاغه ماركس، حيث أخضعه لطريقته الواقعية فى صياغة المفهوم. فهناك بالمتأكيد أوجه تشابه قوية بين المفهومين، وفى المنطق العقلى الذى استخدم لتبريرها. فقد حاول كلا المفكرين (ماركس وفيبر) أن يشرحا لماذا أخذ الاستغلال شكل الريع الذى يمتص بسبب تفوق السادة الإقطاعيين فى القوة، ومن خلال القول بأن هؤاء السادة لم يكن أمامهم بديل آخر، لو أصبحوا خارج عملية الانتاج. ومع ذلك فقد ذهب بارى هندس وبو هيرست فى كتابهما أنماط الإنتاج السابقة على الرأسمالية الصادر عام ١٩٧٥ إلا أنه كان يتعين على ماركس أن يراجع هذا الرأى، فى ضوء التقدم الذى أحرزه فى إعادة تعريف مفهومه العام عن نمط الإنتاج فى كتاب رأس المال. ولقد دافعا عن هذا الموقف بالقول بان بعض السادة الإقطاعيين كانوا يلعبون يالفعل دورا هاماً فى العملية الانتاجية. وعلى هذا الأساس ذهب هندس وهيرست إلى القول بأن الأهمية التى أضفاها ماركس وآخرون على القهر السياسى كمكون جوهرى فى النظام الاقطاعى يجب رفضها، باعتبار ها علامة على الضعف النظرى، ويجب أن تستبدل بها وجهة نظر تؤكد على تحديد المعلاقات الاقتصادية التى سمحت للسادة بالاستئثار بفائض إنتاج الأقنان.

الطبقة الإقطاعية

هي طبقة كبار ملاكي الأراضي، ارتبط الفلاحون بالعمل في أراضي النبلاء وكبار الملاكين ضمن أعمال القنانة (العبودية) تطورت لاحقا بأعمال سخرة جماعية لكل من يسكن من الفلاحين ضمن إطار ممتلكات هذا الإقطاعي أو ذاك، يلتزم الفلاح بالدفاع عن المالك الذي يعيش الفلاح ضمن ممتلكاته فضلا عن التزامه بضريبة سنوية تكاد تجهز عن كل ماينتجه الفلاحون طوال العام، أقامت الكنيسة تحالفا مع الإقطاعيين لأنها أيضا كانت تجني عوائدها من الجميع سواء كان ذلك على شكل عشور (عشر الدخل) يدفع لها من رعاياها أو على شكل صكوك غفران لمن يدفع الثمن وصكوك حرمان لمن يعترض على سلطتها الروحية، شكل هروب الفلاحين المتزايد من القرى إلى المدن البؤر الجديدة من العمال وتحالفت البرجوازية في بداياتها عندما كانت صغيرة مع العمال ضد الإقطاع والكنيسة فيما يعرف بعصر التنوير المدعم بمفكرين وفلاسفة طالبوا بفصل الدين عن الدولة، سرعان ما إنقلبت البرجوازية على مؤيديها لتظهر بشكلها الحديث من أرباب عمل وملاكي مصانع عملت على تشغيل الأطفال والنساء بشكل مكثف كأيدي عاملة رخيصة، عملت الحركات الإصلاحية الاشتراكية والماركسية الراديكالية على حصول مكاسب عمالية ولكن بطرق مختلفة من حيث القناعات النظرية، تمثلت هذه المطالب بحق العمال بتمثيلهم داخل نقابات وبتحديد ساعات العمل والحصول على بدل عمل إضافي وحق العامل بالحصول على عطلة أسبوعية وإجازة سنوية، استطاعت المسيرة العمالية في العالم من تحقيق هذه المكتسبات.

المجتمع الأوربي في عصر الإقطاع

نشأ النظام الإقطاعي بعد معركة حدثت في القرن الرابع سنة 378م هي معركة أدريانوبل بين الجرمان والإمبراطورية الرومانية، حيث قُتل فالنز الإمبراطور الروماني في الغرب وذُبح 45 ألف جندي روماني وقيل 785 ألف جندي، وسيطر الجرمان علي مقاليد الغرب الأوربي، واحتل الوندال أفريقيا وجنوب إسبانيا، والفرنجة غـالة، والسكسون بريطانيا، والقوط الشرقيين في إيطاليا، والقوط الغربيين في إسبانيا والأندلس. ولكن النتائج الأبعد للمعارك الفاصلة ونتائجها البعيدة تغير الزمن فأدريا نوبل غيرت حركة التاريخ، فأصبحت القوة في العصور الوسطي قوة الخيالة الفرسان، ذلك أن الجرمان كانوا فرسان والرومان مشاة، فالفرسان هم الأمراء أصحاب القوة الضاربة فأصبح لهم السلطان والنفوذ والملك لا يكون جيشه بدونهم. أما الجرمان قبل أدريا نوبل فقد عرفوا الزراعة البسيطة، والإمبراطورية الرومانية مَدنية تقوم علي التجارة، والعملة الاقتصادية الرومانية هي العملة الرئيسية، والجرمان فلاحون والزراعة أصبحت عصب الحياة الاقتصادية في العصر الوسيط فسكن الجرمان القرية فأصبحت عصب الحياة فهم لا يستطيعوا السكني في المدينة فتركوها وسكنوا القرية، والأمراء كانوا يملكون الأرض فأصبحوا ذو قوة اقتصادية وعسكرية في نفس الوقت، فالفلاحين هزموا المدنيين وهذا تحول حضاري وليس معركة عادية.

وفي القرن التاسع كان هناك ملك هو ملك إنجلترا الفريد العظيم قال: «الله خلق العالم علي شكل مثلث، ضلع يحكم وضلع يصلي وضلع يخدم الضلعين الآخرين». والضلعين الذي يحكم ويصلي لهما السيادة وهما الضلعان القائمان، أما الضلع الأفقي فهو الذي يخدم الآخرين، فالقائم له السيادة والأدنى هو العامة، فالذي يحكم هم الأمراء والذي يصلي هم رجال الدين والكنيسة والذي يخدم هم الفلاحون، والواضح هنا أن الملك لم يذكره الفريد في هذا المثلث ولكنه كان علي عرش المثلث ولكن السلطة كلها للأمراء ورجال الدين.

ومما لا شك فيه؛ أن الأمراء كان عليهم حقوق إلزامية يقدمونها للملك هي: عندما تتزوج الابنة الكبرى للملك؛ يقدم الأمير هدية بمناسبة الزواج السعيد وقد تكون الهدية عبارة عن نقود، مجوهرات، أو أحجار كريمة. عندما يصل الابن الأكبر للملك لسن الفروسية (يصبح فارس)؛ يقام احتفالاً ضخماً ويقدم الأمراء هدية لهذه المناسبة.

أما رجال الكنيسة في الغرب الأوربي، ففي أول الأمر كانت الحياة بسيطة في ظل الوثنية ولكن في القرن الرابع الميلادي تحولت الإمبراطورية إلي المسيحية، وحرص الملوك علي إعطاء الأراضي أو ما عُرف بالأراضي الموقوفة للإنفاق علي المساكن والأمراء لصالح الكنيسة فأزداد ثراء الأخيرة وتحول الأساقفة إلي أمراء أكليروس فهو أمير رجل دين ولا يلبسون لباس رجال الدين. واستغل رجال الدين هذه الناحية لمصالحهم الخاصة ومنذ القرن (7م) حتى القرن (11، 12م) كانت هناك أمراض في المجتمع الأوربي يمكن أن نطلق عليها أمراض الكنيسة وهي:

  • أولاً؛ شراء الوظائف أي الرتب الكهنوتية في مقابل أن يُدفع مبلغ من المال للأمير أو الملك.
  • ثانياً؛ زواج رجال الدين، حيث كان الزواج ممنوعاً لأن الكنيسة هي عروس المسيح فرجل الدين حياته عذرية كاملة.

أما الفلاح في الأرض في العصر الوسيط؛ فكانت الأرض ملك السيد وارتقى القن درجة فأصبح القن يملك حياته ولا حريته. وقد كان الفلاح يتبع الأرض أينما ذهبت، بمعني أنه إذا بيعت الأرض تباع بمن عليها من الفلاحين، فالفلاح ليس له حق في الحياة سوى أن يخدم الأمير ويفلح الأرض. ويقول ويل ديورانت في كتابه (قصة الحضارة) «إذا جاء الشتاء دخل الفلاح وزوجته وأبنائه وبهائمه وضيوفه في الكوخ ليدفئ بعضهم بعض».

بدايات النظام الإقطاعي

نشأ النظام الإقطاعي عن أصلين أساسيين، أولهما علاقة الشرف التي كانت تربط بين العصابات الجرمانية المقاتلة التي كانت تجوب مساحات شاسعة في أوائل القرون الوسطى. فقد كان هناك عهد بالولاء بين قادة ومقاتلي هذه العصابات.كان المقاتلون يحاربون من أجل شرف قائدهم، ويُتوقع منهم أن يظلوا معه حتى الموت. وفي مقابل ذلك، كان القائد مسؤولاً عن رجاله، ويكافئهم بالمجوهرات والفَخار.

كان الأصل الأساسي الثاني لنشوء النظام الإقطاعي هو نظام حيازة الأرض؛ ففي ظل هذا النظام كان السيد الإقطاعي (اللورد) يمنح الأرض لشخص ما وفق شروط معينة، أو مقابل خدمات وليس مقابل إيجار أو قيمة مالية. وكان بعض مُلاك الأرض ينقلون ملكية أرضهم إلى السيد الإقطاعي مقابل حمايته لهم. وكان السيد يسمح للناس بالبقاء في أرضه كزرّاع مستأجرين. وهؤلاء الزراع المستأجرون هم الذين أصبحوا فيما بعد فلاحين في ظل الإقطاع الزراعي. وبالرغم من أنهم كانوا يفقدون استقلالهم بموجب هذا الترتيب، إلا أن الحصول على الحماية من قبل سيد إقطاعي محلي قوي،كان أمرًا أكثر أهمية بالنسبة لهم. وكان نظام حيازة الأرض قد بدأ العمل بموجبه مسبقًا في المقاطعات القديمة التي كانت تابعة للإمبراطورية الرومانية، عندما استقر فيها الغزاة الجرمانيون في القرن الخامس الميلادي.

في القرن الثامن الميلادي، كان المسلمون قد دخلوا أسبانيا قادمين من إفريقيا، ووصلت إمبراطوريتهم الجديدة إلى حدود أوروبا الغربية. وبدأ الملوك والنبلاء ذوو الشأن في منح الإقطاعات إلى المقاتلين الأحرار والنبلاء مقابل خدماتهم العسكرية. وكانت هذه الإقطاعات تشمل الأرض، والمباني التي عليها، والفلاحين الذين يعيشون ويعملون فيها. وكان يطلق على المقاتلين الذين يتسلمون الإقطاعات اسم المقطَعين. وفي القرن التاسع الميلادي، صارت علاقة الشرف والولاء التي سادت بين الزعماء والمحاربين في العصابات الجرمانية المقاتلة، ترتبط أيضًا بنظام لحيازة الأرض وتقديم الخدمات في المقابل. وكانت نتيجة تزاوج هذين العاملين ما يعرف بالنظام الإقطاعي.

مبادئ النظام الإقطاعي

لم يكن بمقدور أحد سوى النبلاء أو المحاربين الأرستقراطيين أن يشاركوا في الممارسات الإقطاعية. ويقول أحد أمثال ذلك العصر ¸لا أرض بدون سيد، ولا سيد بدون أرض·. وكان الرجل يصبح مُقْطَعًا تابعًا للسيد الإقطاعي وفق مراسيم تُعرف باسم الولاء. فكان على الشخص الذي بصدد أن يصبح مُقْطَعًا أن يتعهد بأن يكون مواليًا للسيد، وأن يقاتل من أجله، وأن يصبح من رجاله. أما السيد فقد كان يتعهد بأن يعامل المُقْطَع بشرف. انظر: بيعة الإقطاعي.

بعد أداء مراسيم البيعة، كان المقطَع الجديد يُمنح حقوق استخدام إقطاعته. وكان ذلك يتم وفق مراسيم تقليد المنصب. وكان السيد يقوم في غالب الأمر أثناء هذه المراسيم بإعطاء المقطع كتلة من الطين، أو عصا، أو أي شيء آخر بمثابة رمز للإقطاعة.

كان المُقْطَع يتسلم حق استغلال أو حيازة للإقطاعة وليس ملكيتها. وكان يحتفظ بالإقطاعة مقابل الخدمات التي تعهد بها، ومتى ما احتفظ المقطع بإقطاعاته فإنه كان يأخذ ما تنتجه الأرض ـ وما ينتجه الفلاحون ـ ويجمع الضرائب، ويعقد جلسات المحكمة، ويباشر العمالة، ويدير شؤون أعمال الفلاحين. وعندما يموت المقطع، كان يتولى ابنه في العادة أمر الإقطاعة. وكان الابن يقوم بتقديم نفس الخدمات التي كان يقدمها والده.

وبحلول القرن الثاني عشر الميلادي، أصبح العُرْف أن يرث الإقطاعة الابن الأكبر للرجل. وأطلق على هذا العُرْف اسم حق البكورة. وقد عمل هذا العرف على ضمان أن لا يتم تقسيم الإقطاعة لعدة أبناء، وأن يتولى مسؤولية الخدمات المقدمة للسيد وريث واحد. انظر: حق البكورة.

في حالة وفاة المُقْطَع الذي ليس لديه ورثة، كانت الإقطاعة تعود إلى السيد، وبذلك كان يتسنى للسيد أن يمنح الإقطاعة لشخص آخر حسبما يراه. أما في حالة أن يكون وريث المقطع المتوفى طفلاً صغيرًا، فكان للسيد حق الوصاية، ويكون بذلك وصيًا على الطفل القاصر. وكان يجوز للسيد أن يعطي حق الوصاية لمُقْطَع آخر يحتفظ بالأرض وبأرباحها لنفسه إلى أن يبلغ الوريث القاصر سن الرشد. وفي كثير من الأحوال، كان يحق للسيد أن يختار شركاء الحياة الزوجية للأطفال القصَّر الذين تحت وصايته، ولبنات الأرامل المقطعين التابعين له. وإذا حدث أن ورثت امرأة إقطاعة ما، فكان على زوجها أن يؤدي مراسيم البيعة، ويصبح مقطعًا تابعًا للسيد. وكان يطلق على مثل هذه الحقوق التي كان يملكها السيد اسم الوقائع الإقطاعية، وكانت هذه الحقوق مصدرًا للقوة والربح للسيد الإقطاعي.

كان السيد الإقطاعي يملك حقوقاً أخرى تعرف باسم الإتاوات. وعلى سبيل المثال، كان على جميع المقطعين التابعين أن يقدموا دفعة مالية خاصة عندما يتم تنصيب الابن الأكبر للسيد الإقطاعي فارسًا، وعندما يتم تزويج ابنته الكبرى. وإذا ما ألقي القبض على السيد وأخذ رهينة مقابل دفع فدية، فإن على المقطعين أن يدفعوا قيمة الفدية. ولكن وبالرغم مما ذكر، فإن الإتاوات، والحقوق الإقطاعية، كانت مقيَّدة. وعلى سبيل المثال، فإنه لم يكن بمقدور السيد أن يطلب شروطًا جديدة، أو أن يفرض ضرائب أعلى على المقطعين التابعين له. كما كان يفترض أن يأخذ السيد الإقطاعي مشورة المقطعين التابعين له قبل أن يتخذ أي قرارات كبرى، مثل قرار خوض الحرب من عدمه.

الفروسية في ظل الإقطاع

كانت الخدمة الأساسية التي يقدمها المقطع لسيده الإقطاعي هي الخدمة العسكرية. وخلال القرن الثامن الميلادي، كان يتوجب على المقطعين أن يوفروا عددًا معينًا من الفرسان لخدمة السيد لمدة من الأيام، وكانت هذه المدة أربعين يومًا في العادة. وكان الفرسان عبارة عن مقاتلين مدرعين على صهوات جياد الحرب. وكلما كانت الإقطاعة التي يتولاها المقطع أكبر، كان لزامًا عليه أن يُوفِّر عددًا أكبر من الفرسان.

وأصبح من التقاليد السائدة أن يقوم المقطع بتقسيم إقطاعته وأن يصبح الفرسان بدورهم مقطعين تابعين له. وعرفت هذه العملية باسم الإقطاع من الباطن. وفي القرن الثالث عشر الميلادي تطور هذا النظام إلى حد كبير، بحيث أصبح من الممكن أن تفصل بين أحد الفرسان في هذا الهرم الإقطاعي وبين البارون أو الملك، عدة طبقات من العلاقات الإقطاعية. وعند كل مستوى من تلك الطبقات كان النبيل سيدًا ومقطعًا في نفس الوقت.

العدالة في ظل النظام الإقطاعي

كانت النزاعات التي تنشأ بين المقطعين تُسوَّى في الجلسات التي يعقدها السيد، وكانت تضم جميع المقطعين. وهنالك العديد من التقاليد القانونية التي نشأت في المحاكم الإقطاعية، وأصبحت فيما بعد جزءًا من الأنظمة القانونية لبريطانيا وبلدان أخرى. وعلى سبيل المثال، كان السيد هو الذي يترأس جلسات المحاكم الإقطاعية، وفي أيامنا هذه، يترأس جلسات المحاكم أحد القضاة. وكان الحكم يصدر على المقطع من قبل المقطعين الآخرين من أنداده ¸المماثلين له في المكانة الاجتماعية·. واليوم، يتلقى المواطنون في الغرب الأحكام التي تصدر عن أندادهم من المحلّفين. وأما الأعراف والتقاليد القضائية الأخرى لعصر الإقطاع فقد اختفت. وأحد هذه التقاليد ما كان يُعرف باسم المحاكمة عن طريق المبارزة، حيث كان على المقطعين المتنازعين أن يدخلوا في مبارزة، وكان من ينتصر في هذه المبارزة يكون أيضًا هو الذي يكسب القضية. فقد كان من المعتقد أن الإله يعطي النصرللمقطع الشريف، أو الجانب الذي معه الحق. انظر: المحاكمة بالمبارزة.

زوال النظام الإقطاعي

تضافرت عدة وقائع حدثت في أوروبا في القرن الثالث عشر الميلادي، لتقود في النهاية إلى تداعي النظام الإقطاعي. فقد أدت النهضة الاقتصادية إلى تداول مزيد من المال. ولمّا كان ممكنًا تشغيل الجنود بالأجر، فقد تضاءل عدد السادة الإقطاعيين الذين كانوا يعتمدون على المقطعين في توفير خدمات الفرسان.كما أدى اختراع البارود وأسلحة أخرى مثل القوس الطويل والمدافع إلى إضعاف سيادة الفرسان. فقد هزم جنود المشاة من المدن الفلمنكية الفرسان الفرنسيين في معركة كورتري عام 1302م. وانتصر رماة النبال الطويلة الإنجليز على سلاح الفرسان الفرنسي في المعارك التي دارت بينهم في كريسي عام 1346م، وفي أجينكورت عام 1415م. ولم تعد القلاع الحجرية التي كان يقيم فيها السادة الإقطاعيون قادرة على الصمود أمام المدافع. ونمت المدن وازدادت ثراءً، وتعاظمت أهميتها، وقلّت حاجة الحكام إلى الطبقة الأرستقراطية، وقام أفراد من الشعب تلقوا التدريب على الخدمة الحكومية، بشغل تلك الوظائف، التي كان يؤديها المقطعون في إقطاعاتهم.

الإقطاع في العالم الإسلامي

لم يركزوا على الأراضي في بداية الامر لكونهم مشغولين في الفتوحات الإسلامية والجهاد، وفيما مضى رفض خليفة المسلمين عمر بن الخطاب إقطاع ارض السواد لقادة الفتح وذلك لحفظ حق اصحاب الأراضي ومنع حدوث التنافس فيما بينهم مما يؤدي إلى ضعف المسلمين، ضعف النسيج الاجتماعي، وكذلك الخليفة علي بن ابي طالب نظام الإقطاع لانه يؤدي إلى التنافس والاطماع بين الاقطاعين ونهاية المطاف يؤدي إلى الانقسامات والترهلات داخل الدولة وضعفها، وفي عصر الأمويين توسعوا في الإقطاع ما عدا الخليفة عمر بن عبد العزيز في إعطاء اقطاعات بالمفهوم الإسلامي، والذي أدى إلى ملكية تامة للأرض مع دفع العشر. وتعزز هذا الاتجاه بعد قيام الدولة العباسية فقد أستغل العباسيون ضعف الامراء الأمويين لصالحهم ولقد أنشاؤا ديوانا خاصا للخلافة السابقة (الخلافة الأموية), التي كانت ممتدة على مساحات شاسعة من الانهار، والبحار، والثروات الغنية بالموارد ونجد هناك فرقا في الإقطاع في المفهوم الإسلامي والإقطاع الأوروبي ففي عهد الخلافة الإسلامية لم يكن الفلاح ملكا لصاحب الإقطاع، ولم يكونوا يقطعون معها إضافة إلى أن صاحب الإقطاع لم يكن يورثه.

الإقطاع العسكري المملوكي: في فترة حكم المماليك لمصر كانت أراضي مصر جميعها يتم إقطاعها للسلطان والامراء، وكان السلطان يشتري الأراضي واملاك من بيت مال المسلمين أو ماله الخاص، وتسمى هذه الاملاك بالأملاك الشريفة وهذا الملك الحر لم يسلم من الإقطاع، وتم تطوير نظام اقتصادي قوي ومتناهي في الدقة، حيث طوروه سلاطين المماليك، وكان للمقطع زمن المماليك له حق الاستغلال والارتقاق فالشخص إذا ورث عن ابيه يكون له مثل ما كان لابيه فلا يملك الرقبة، فالسلطان هو من كان يأمر بنقل الإقطاع من شخص إلى اخر وتغير الاقطاعين أو عزلهم أو مصادرة إلاقطاع.

فكان الطابع العسكري هو الطابع السائد على نظام الإقطاع بشكل عام مع اختلافته من وقت إلى اخر ومن دولة إلى أخرى، غلب على دولة السلاجقة نظام الإقطاع وتزامن معه نظام إقطاعي حربي صليبي في المشرق، فكانت الاقطاعات متمركزة بيد السلطان وهو من يتصرف بالارض والملك التي كانت تسمى ب (الاملاك الشريفة) اما الاملاك الغير شريفة كان السلطان يشتريها بماله الخاص، ويعطي إقطاعه بسدس مساحة الأرض التي يديرها ويحرص عليها ويحصد الأرض ولاكنه لا يملكها، وكان يعتبر أبناء السلاطين منن رجال السيف، وكان يعين أميرا، وحتى لو لم يعمل بشغل الأمير يمنح الأمير العلاوات والمرتبات المالية، وبعد ترتيب الامراء أمراء العسكر.

انظر أيضا

إقطاع