إضفاء الشرعية
إضفاء الشرعية (بالإنجليزية: Legitimation) يشير مصطلح إضفاء المشرعية لا إلى عملية تأسيس القوة فحسب، وإنما إلى أمر أكثر أهمية وهو منحها أساسا معنويا (أخلاقيا). والشرعية (أو السلطة الشرعية) هى ما يتم إسباغه على مثل هذا التوزيع المستقر للقوة عندما يعد صحيحا.
وتمثل مؤلفات ماكس فيبر أهمية محورية لفهم الجوانب المعقدة للعلاقة بين القوة والشرعية، ونجده يميز بين "القوة الفعلية" و "القوة الشرعية" كنمطين مثاليين. ويعنى المصطلح الأول الخضوع الذى يتم على أساس من المصالح، حيث يتضمن السيطرة على السلع والخدمات فى السوق خضوع الفرد طواعية لتلك القوة. أما مصطلح القوة الشرعية فيعنى أنه عند نقطة معينة تحتاج القوة الفعلية المجردة إلى تبرير نفسها، ومن ثم تعمل باستخدام عملية إضفاء الشرعية على خلق معنى الواجب والامتثال له، بصرف النظر عن الدوافع والمصالح الشفصده -
ويمكن أن يدعى الشرعية فى الواقع أصحاب القوة المستندة إلى أسس تقليدية، أو كاريزمية، أو قانونية رشيدة. وبالمثل يتم إضفاء الشرعية، ومن ثم السلطة الشرعية، على توزيع القوة القائم على أساس التقاليد، أو على أسس عاطفية معنوية ترتبط عادة بالكشف (الإلهام) - أو الكاريزما -، أو على أساس الإيمان العقلى القيمى أو أسس مطلقة بالإيمان بشرعية النظام. ويمثل مضمون التبرير المستخدم لاستمرار السيطرة (أى إضفاء الشرعية عليها)، يمثل الأساس الذى تنهض عليه الفروق فى الأبنية الإمبيريقية للسيطرة بوصفها تنظيمات بيروقراطية.
ويميز فيبر بين شرعية النظام وبين "صدق" ذلك النظام. فالنظام يصبح أكثر صدقا عندما يزداد احتمال توجيه الفعل بمقتضى الإيمان بوجود نظام شرعى. فالنظام يمكن أن يكون أقل صدقا أو أكثر صدقا، و ليس أقل شرعية أو أكثر شرعية.
وفى رأى فيبر أنه من الممكن تعريف المقوة الفعلية بأنها مصاحبة لنظام السوق، ومن ثم بنظام الطبقة، والقوة الشرعية بانها مصاحبة لنظام المكانة، ومن ثم بجماعات المكانة. وتمثل كل النظم مزيجاً من نمطى القوة، مع أنه من الواضح أن الطبقات التجارية، والطبقات المالكة، والطبقات الاجتماعية ترتبط بالحركة المتتابعة زمنيا تجاه إضفاء الشرعية على القوة الطبقية التى يدعمها نظام المكانة القائم. ويدل ظهور الفعل الذى يستهدى بالعادات، والتقاليد، و المواضعات الاجتماعية، والإلزام القانونى، وأخيرا تفسير الرموز الدينية، يدل على المراحل المتتابعة لعملية إضفاء الشرعية على قوة الحكام، ومن شأنها أن تؤدى فى نهاية الأمر إلى إيجاد نظام مستقر لتوزيع القوة. إلا أنه عندما تتوقف الجماهير عن التسليم "بأسطورة الممزايا الإيجابية"، ويصبح "الموقف المطبقى" واضحا بوصفه العامل المحدد لمصير الفرد، يمكن القول بان المشرعية المتجذرة فى نظام المكانة وما يصاحبه من العملية الإيديولوجية لإضفاء الشرعية قد تعرضت للانهيار أو التفكك، وانهار معها نظام المكانة نفسه. ولا يقدم فيبر وصفا أو تشخيصا للعوامل التى تعجل بوقوع أزمة شرعية، ر غم أن المفصل الخاص بشروط تكوين السلوك الطبقى الاجتماعى فى دراسته الشهيرة المعنونة الطبقة والمكانة والحزب" تلقى بعض الضوء على هذا السيناريو.
ويمكن اعتبار ايديولوجية المواطنة مثالا عصريا للأساس المتبع فى إضفاء الشرعية، حيث يؤدى توسيع الحقوق الرسمية المدنية، والسياسية، والاجتماعية إلى خلق نظام للمكانة لأوجه عدم المساواة الناجمة عن نظام المسوق فى مرحلة الرأسمالية المتاخرة. ومع ذلك فإن الضغوط التى تمارس لتوفير مضمون حقيقى لتلك الحقوق الرسمية (كالمساواة الفعلية للكافة أمام القانون، وحق التملك القعلى، والاستمتاع على قدم الممساواة بالحق فى التعبير، وكفالة سبل الممشاركة فى عناصر الرفاهية داخل ذلك المجتمع) من شأنها أن تعمل فى النهاية على التقليل من خطورة دور المواطنة فى اضفاء الشر عية.