إسقاط التكاليف
إسقاط التكاليف أو تعطيل الفرائض أو نزعة التناقض وباللاتينية «أنتينوميزم» (antinomism, antinomianism) هي الاعتقاد بأن عقيدة الشخص أو انتماءاته الدينية تعفيه من الالتزام بالقواعد القانونية أو الأخلاقية للمجتمع بصفة عامة (ومن ثم معارضة المعايير). أصل المصطلح من اللغة اليونانية «أنتي» وتعني «ضد»، «ونوموس» وتعني: قانون، ولا يجب الخلط بين هذا الاصطلاح وبين مصطلح «أنوميا» الذي يعود إلى نفس الجذر ولكنه ينتمي إلى مجال الفلسفة وعلم المنطق.
هذا المصطلح أوجده مارتن لوثر في حقبة الإصلاح البروتستانتي يريد به لا ضرورة تقتضي بالقيام بالفرائض (الواجبات) الدينيّة التي تنصّ عليها التوراة، لأنّه حسب البشارة المسيحية فإنّ الإيمان وحده هو ما يحتاجه الإنسان كي ينال الخلاص.
في العصور القديمة
كانت هناك فرق يهودية في مصر خلال الفترة الهيلينية اعتقدت بتأثير من الفلسفة اليونانية أنه ينبغي تفسير التوراة بشكل رمزي، أي بالتأويل، وهو ما يعني أن الفهم الحرفي البسيط لأوامر ونواهي التوراة (بما في ذلك الفرائض الدينية) لا قيمة له بل ما يتوجب الالتفات إليه هو ما وراء هذه الفرائض من مقاصد وأهداف، أي معرفة بواطن هذه الفرائض. نعرف عن هذه الفرق من خلال مؤلفات فيلون الإسكندري الذي حاربها ونعت أصحاب هذه الحركات باسم «أبناء قايين».
إسقاط التكاليف في المسيحية
وسمت نزعة إسقاط التكاليف عدداً من الفرق الدينية على مدار التاريخ المسيحى. ويلاحظ على وجه الخصوص أن بعض الفرق البروتستانتية المتطرفة فى القرنين السادس عشر والسابع عشر التى نشرت مذهب كالفن حول القضاء والقدر بهذا الأسلوب، قد ذهبت إلى الادعاء بان أولئك الذين يحوزون يقيناً داخلياً هم من بين المختارين (المخلصين) ليس لديهم القدرة على ارتكاب الخطيئة، ومن ثم فإنهم قد تخلصوا من الالتزام بالحدود المفروضة على السلوك الشائع المتعارف عليه. أما الأمثلة الأكثر معاصرة فتشتمل على مجتمع الأونيدا Oneida Community، فى القرن التاسع عشر، وجماعة أبناء الله Children of God فى أيامنا هذه. وترتبط نزعة التناقض عادة بالمممارسات الجنسية والزواجية غير المحافظة وغير الشائعة، مثل الزواج التعددى (عند الأويندا) أو النشاط الجنسى خارج نطاق العلاقة الزوجية (جماعة أبناء الله). وتبرر هذه الجماعة هذا السلوك بأنه يؤدى إلى خلاص أشخاص آخرين.
إسقاط التكاليف في الثقافة الإسلامية
عرف الفكر الإسلامي هذا المصطلح في التراث الفلسفي والمؤلفات الدينية، وأخذت به بعض الحركات الصوفية والباطنية التي أولت الفرائض الدينية في الإسلام كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد تأويلًا رمزيًّا وذهبت إلى أنّ هذه الفرائض لا معنى لها أو أنّها لا تعني بالضرورة ما يقوم به عامة المسلمون من حركات وطقوس، فهذه ظواهر لا معنى لها، وأن باطن هذه العبادات الدينية أمر أعمق من ذلك.