إرادية

الإرادية أو النزعة الاختيارية الإرادية (بالإنجليزية: Voluntarism) في الفلسفة هو اتجاه مثالي ذاتي الأساس، يعتبر الإرادة الأساس الأولي للكون، ويضعها في مقابل القوانين الموضوعية للطبيعة والمجتمع، وينكر توقف إرادة الإنسان على البيئة.

وهو مصطلح تتم عادة المقابلة بينه وبين الحتمية، وتشير النزعة الاختيارية إلى الادعاء القائل بأن الأفراد فاعلون لأفعالهم، وأن لديهم شيئاً من السيطرة على ما يفعلونه. ويتعارض التحالف ما بين النزعة الاختيارية الإرادية والفعل مع التأكيد على الحتمية المقترن بالبناء. وبقبولها لعدم قابلية السلوك الإنسانى للتنبؤ، تجعل النزعة الاختيارية من التحليل السوسيولوجى أمراً أكثر صعوبة، على الرغم من أنه يصبح أكثر إثارة. وتضع نظريات النزعة الإرادية قضايا اتخاذ القرار، والغرض والاختيار على رأس أولويات التحليل السوسيولوجى. وقد طور تالكوت بارسونز فى مؤلفه المعنون: بناء الفعل الاجتماعى (الصادر عام 1937) نظرية اختيارية فى الفعل، وهى توسم بهذه الصفة لأنها تنطوى على عناصر معيارية، ومقولات ذاتية، واختيارات متعلقة بالوسائل والغايات والجهد.

وتثير النزعة الاختيارية فى العلوم الاجتماعية القضية الفلسفية الخاصة بحرية الإرادة: وعلى وجه التحديد الاعتقاد بأن الاختيار يعنى الحرية، بمعنى أن الأفراد أحرار فى أن يرغبوا فيما يرغبون فيه. ويدرك معظم علماء الاجتماع - بما فى ذلك ذوو الميول الاختيارية - أن الأفراد لا يمكنهم أن يفعلوا عكس ما يفعلون فعلاً، إلا فى حدود معينة (وهى حدود قد تكون ذات طابع ثقافى أو سيكولوجى). وينطوى ذلك على القول بوجود رواسب حتمية، على الرغم من أن الفعل الاجتماعى لا يختزل عادة إلى متغيرات فيزيقية أو بيولوجية.

التاريخ

أدخل هذا المصطلح عالم النفس الألماني فرديناند تونيز والفيلسوف الألماني فريدرش باولزن Friedrich Paulsen. وقد اتخذ هذا الاتجاه شكله كنظرية فلسفية في القرن التاسع عشر في مؤلفات شوبنهاور، وإن كانت عناصرها موجودة لدى كانط، وقد تأثر فون هارتمان Eduard von Hartmann ونيتشه تأثراً كبيراً بهذه العقيدة التي هي واحدة من مصادر الإيديولوجية الفاشية وسمة مميزة لها.

وفي روسيا كانت الإرادية مميزة للشعبويين، وفي القرن التاسع عشر والقرن العشرين اكتسبت الإرادية موطئ قدم لها في علم النفس، وترفض الماركسية الإرادية.

تعريفات

هناك تعريفات أخرى للإرادية حسب مجال الاختصاص: ففي علم النفس، تعرّف الإرادية على أنها نظرية نفسية تذهب إلى أن الإرادة هي العامل النفساني الأول، وتعتمد عليه الدوافع والرغبات، بالإضافة إلى الأفعال بما يصاحبها من انفعالات.

أما أخلاقياً فهي نظرية قائلة بأن الإرادة الإنسانية هي محور الأخلاق والسلوك، وأنها تعلو المعايير الأخلاقية الكبرى كالضمير أو العقل، فهي تذهب إلى أن الاختيار الإرادي خو الذي يحدد الخير، وبهذا قال هيوم، وتوسع فيه كانط.

يعتبر مذهب الإرادية لاهوتياً أن الإرادة منبع لكل دين، وذهب القديس أوغسطين إلى أن الله هو الإرادة المطلقة المستقلة عن العقل.