أثير
الأثير (باليونانية:αἰθήρ)، في علم الفيزياء هي مادة، كان يُعتقد أنها تملأ كل الفضاء الكوني. وفي أواخر القرن السابع عشر اعتقد بعض علماء الفيزياء أن الضوء يسير في موجات، وعرفوا أن الضوء يمكن أن يسير خلال فراغات توجد صناعيًا، وخلال فراغ الفضاء الخارجي. ولكنهم لم يستطيعوا أن يفسروا كيف أن الضوء يمكنه أن يسير بدون وسط (مادة يسير خلالها). ولذلك فقد افترضوا وجود أثير حامل للضوء بوصفه مادة تختلف عن كل المواد الأخرى. وهو لا يمكن أن يُرى أو يُحَس أو يُوزن، ونجده في الفراغات والفضاء الخارجي وخلال كل مادة. واعتقد العلماء أن الأثير ثابت وأن الكرة الأرضية والأجسام الأخرى في الفضاء - تتحرك خلاله.
وفي عام 1864، اقترح الفيزيائي كلارك ماكسويل أن موجات الضوء كهرومغنطيسية، وتسير كاضطرابات للمجال الكهرومغنطيسي. ولذلك، فإنها لا تحتاج إلى وسط لتسير فيه. ولكن ماكسويل وفيزيائيين آخرين ظلوا يعتقدون بوجود الأثير.
وفي عام 1887، قام عالمان أمريكيان، هما ألبرت ميكلسون، وإدوارد مورلي بإجراء تجربة لقياس سرعة الكرة الأرضية بالنسبة للأثير. وقد أوضحت اكتشافاتهم أن الكرة الأرضية لا تتحرك خلال الأثير. ولكن الفيزيائي الهولندي هندريك لورنتز، شرح الكشف بافتراض أن الأثير يؤثر في المادة بطريقة معقدة. وفي عام 1905، نشر الفيزيائي الألماني المولد ألبرت أينشتاين، نظريته الخاصة في النسبية التي تُظهر كيف يسلك الضوء، وأنه لا يعتمد على وجود الأثير.
إسهامات ألبرت مايكلسون وآرثر مورلي في البحث عن الأثير
على مدى قرون، تخيل كثير من العلماء أن الفضاء الذي يبدو ظاهريا أنه خال يمتلئ بمادة غامضة يطلق عليها اسم "الأثير". أطلق الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت على هذه المادة اسم المادة الدقيقة وادعى أن الكواكب تدور في مداراتها بفعل دوامات كبيرة تحدث داخل هذه المادة (١٦٤٤). من ناحية أخرى، اعتقد آخرون أن الضوء يتكون ببساطة من سلسلة من الموجات الصغيرة في الأثير "المضىء" (أو الأثير ناقل الضوء). وما زال البعض يعتقد أن الأثير من الممكن أن يكون جزءاً من ''الحيز المكانى المطلق"؛ حيث يمكن قياس الحركة الحقيقية للأشياء وفق له، وذلك كما جاء على لسان إسحاق نيوتن (١٧١٦).
نظراً لاستخداماته العديدة الممكنة، فلا عجب لانتشار الفكرة بين الناس، إلا أنه منذ البداية، بدت هذه فكرة مخادعة. فقد بذل الفيزيائيون جهدا كبيراً للتوفيق بين الخصائص المتعددة التي من الضروري توفرها في الأثير. فيجب أن يكون الأثير صلب وشاسفا للغاية لكي يحمل الضوء في أقصى سرعة له. وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون شديد المرونة لكي لا يقلل من سرعة الكواكب التي تدور فيه.
من ناحية أخرى، تم إجراء الاختبار الحاسم في هذ الصدد عام ١٨٨٧. فقد حاول الفيزيائيان الأمريكيان ألبرت مايكلسون وآرثر مورلي اكتشاف الأثير عن طريق قياس سرعة الضوء في الاتجاهات المختلفة بدقة شديدة. فصرحا بأن الأثير يجب أن يتدفق من الأرض في أثناء دورانها حول الشمس، مثل التيار في النهر. كما يجب أن يشبه الضوء القارب في ذلك النهر؛ حيث ينتقل بسرعات مختلفة ضد أو مع أو عبر التيار.
في حقيقة الأمر، قام مايكلسون ومورلي بتتبع أشعة الضوء الداخلة والخارجة في اتجاهات موازية لحركة الأرض أو عمودية عليها. وقد قارنا بين أشعة الضوء المرتدة باستخدام "مقياس التداخل"، بحثا عن التغيرات البسيطة جذا في السرعة التي من الممكن أن تدل على وجود الأثير وعلى الرغم من القيام بمحاولات عديدة من هذا النوع، فإنهما لم يجدا أي تغييرات.
بدا أنه لا وجود للأثير، أو على الأقل لا يمكن اكتشافه، وربما يكون كلا المعنيين شيئا واحدا. فبطريقة أخرى، يجب أن تعطي دائما أية محاولة لقياس سرعة الضوء، في الفضاء مثلاً، النتيجة نفسها. وقد كانت سرعة الضوء ثابتة، بغض النظر عن كيفية تحرك مصدر الضوء أو المكشاف. وبناء على هذا الاكتشاف العظيم، أسس ألبرت آينشتاين نظريته النسبية الخاصة (١٩٠٤).
انظر أيضا
مشاريع شقيقة | هناك المزيد من الصور والملفات في ويكيميديا كومنز حول: أثير |
ملف:Crab Nebula.jpg | هذه بذرة مقالة عن علم الفلك تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها. |