نموذج المراكز والأطراف
نموذج المراكز والأطراف (بالإنجليزية: Center - Periphery Model) أو نموذج النواة والأطراف (بالإنجليزية: Core - Periphery Model) يمثل مصطلح نموذج المراكز والأطراف أو (القلب والأطراف) نوعا من الاستعارة المكانية التى تصف وتحاول أن تفسر العلاقة البنائية بين المراكز المتقدمة أو المتروبوليتانية والأطراف الأقل نموا، إما فى داخل بلد ما أو (وهو الأمر الأكثر شيوعا) بتطبيقه على العلاقة بين المجتمعات الرأسمالية والمجتمعات النامية. ويشيع الاستخدام الأول فى الجغرافيا السياسية، وعلم الاجتماع السياسى، ودراسات أسواق العمل.
أما فى علم الاجتماع، فإن نماذج المراكز والأطراف غالبا ما تستخدم فى دراسات التخلف الاقتصادي، والتبعية، وتميل هذه النماذج إلى الاستناد إلى التراث الماركسى فى التحليل. ويفترض نموذج المراكز والأطراف فى هذا الإطار أن النظام العالمى للإنتاج والتوزيع هو وحدة التحليل. كما يفترض أيضا أن التخلف ليس مصطلحا وصفيا بسيطا يشير إلى اقتصاد تقليدى متاخر، ولكنه مفهوم له جذوره المتأصلة فى النظرية العامة للإمبريالية.
والتخلف، - طبقا لنموذج المركزوالأطراف - ليس نتاجا للتقاليد، ولكنه ينشاً كجزء من العملية الضرورية لتطور الرأسمالية فى دول المركز الرأسمالية، وعملية إعادة إنتاجها المتواصلة على الصعيد المعالمى. وتفترض النظرية وجود قلب مركزى من الدول الرأسمالية، تتحكم فى اقتصادها قوى السوق، وأن هناك تكويناً عضوياً معقداً لرأس المال، وأن مستوى الأجور يتسم بالارتفاع النسبى. أما فى دول الأطراف، من ناحية أخرى، فإن المتكوين العضوى لرأس المال يتسم بالتدنى، وأن أجر العمل لا يكفى لتغطية تكلفة إعادة إنتاج قوة العمل. والواقع أن تكلفة إعادة إنتاج قوة العمل يتم دعمها من قبل الاقتصادات غير الرأسمالية، وبخاصة إنتاج الكفاف الريفى. وبناء عليه، فإن الإنتاج والتوزيع فى اقتصادات الأطراف لا يخضعان إلى حد بعيد لقوى السوق بل هما نثاج لعلاقات غير اقتصادية مثل القرابة، وعلاقات الولى والتابع.
وهكذا فإن نموذج المراكز والأطراف يذهب إلى أن الاقتصاد العالمى يتسم بوجود علاقات بنائية بين اقتصادات الممراكز التى تتتزع المفائض الاقتصادى من بلدان الأطراف الخاضعة باستخدام القوة العسكرية والسياسية والمتجارة. وتعد الفروق بين مستويات الأجور فىكل من المراكز والأطراف أحد العوامل الرئيسية التى تجعل من توطين جزء أو كل العمليات الإنتاجية فى المناطق المتخلفة أمراً مربحاً للمشروعات الرأسمالية. ويعتمد انتزاع الربح على ذلك المجزء من عملية إعادة إنتاج قوة العمل الذى لا يقع عبء تغطية تكلفته على الأجور، أى ذلك الذى يتحمله القطاع غير الرأسمالى.
وهكذا، فإن أنصار نموذج المراكز والأطراف، يذهبون إلى أن كون الرأسمالية تبدو ظاهرياًوكأنها تطور المجتمعات التقليدية والمتاخرة من خلال توطين مشروعاتها فى المناطق المتخلفة إنما يخفى فى الواقع العلاقة البنائية التى ينمو من خلالها رأس المال وينتعش على حساب الاقتصادات غير الرأسمالية ( أو التخلف المتنامى).
وقد أفضى نموذج المراكز والأطراف إلى نشاة حوارين أساسيين. يتعلق الأول بتطوير نظرية فى أنماط الإنتاج تحاول أن تطور صياغة مفاهيمية للأشكال الاقتصادية المختلفة فى ضوء العلاقة بين الإنتاج والتوزيع فى كل نمط إنتاجى. أما الحوار الثانى فيحاول التوصل إلى الروابط الدقيقة بين مناطق بعينها فى الممراكز و الأطراف من خلال تمفصل أنماط الإنتاج المختلفة. وقد يبدو أن كل حوار من هذين الحوارين ذو طابع نظرى مبالغ فيه، أو على الأقل بلا أهمية عملية كبيرة. فضلا عن ذلك، قإن نموذج المراكز والأطراف ذو علاقة وثيقة بأشكال متعددة من نظريات النظام العالمي، (انظر على سبيل المثال، مؤلف فرانك، بعنوان التراكم التابع، الصادر عام ١٩٧٨ (٤٨٢). وكتاب سمير أمين، التطور اللامتكافى، الصادر عام ١٩٧٦