نسبة الأرجحية

(بالتحويل من نسبة الفرق)

نسبة الأرجحية (بالإنجليزية: Odds ratio) (اختصارًا OR) هي مقياس لحجم التأثير، يصف قوة الارتباط أو عدم الاستقلال بين قيمتين ثنائيتين. وتستخدم كقيمة إحصائية وصفية، وتلعب دوراً مهماً في تحليل الانحدار اللوجستي. وتفيد نسبة الأرجحية في تقييم اختطار حصيلة معينة (مثلاً، مرض ما) عند وجود عامل معين (مثلاً، التعرض لمرض). هي نسبة أرجحية وقوع حدث ما في المجموعة التجريبية إلى أرجحية وقوع نفس الحدث في مجموعة الشاهد. وبذلك فإن نسبة أرجحية تساوي 1 تعني عدم وجود فارق بين مجموعتي المقارنة. أما إذا كانت نسبة الأرجحية أقل من 1 فتدل على فعالية التداخل التجريبي في إنقاص خطر الإصابة بالمرض المدروس. هذا، وتقترب قيمة نسبة الأرجحية كثيراً من قيمة الخطر النسبي عندما يكون معدل الحدث صغيراً.

نسبة الأرجحية هي النسبة بين فرقين. فإذا ما كانت هناك، على سبيل المثال، عملية تجريبية (pe) وعملية مقننة (ps)، فإن نسبة الارجحية تعرف على أنها pe(1-ps)/ps(1-pe). وعلى غير شاكلة مقاييس الاقتران الأخرى، تمثل القيمة 0 ، 1 الغياب الكامل للعلاقة، فى حين أن الانحراف عنها - سلباً أو إيجاباً - يشير إلى ازدياد فى العلاقة. وقد استخدمت نسبة الأرجحية فى علم الاجتماع على نطاق واسع وبخاصة فى دراسات الحراك الاجتماعى، حيث أن عدم حساسيتها للتغيرات فى المجاميع الفرعية لجداول بيانات الحراك يفترض أنها قد مكنت محللى الطبقات من التمييز بين المعدلات النسبية والمطلقة للحراك. ولعل الخصائص والعمليات الرياضية لحساب نسبة الأرجحية تعد هى الأكثر يسراً على الفهم فى هذا السياق الموضوعي.

وتمثل نسبة الأرجحية الأساس لمجموعة من الأساليب الإحصائية مثل التحليل المتعدد المتغيرات للبيانات ذات المتغيرات الفئوية بما فى ذلك النماذج اللوغاريتمية الخطية والانحدار الدلالى الرمزى والتى تستخدم استخداما واسعا فى علم الاجتماع حيثما يكون الباحثون مهتمين بنمذجة الاحتمالات النسبية أو الفرص، كما هى الحال على سبيل المثال، فى دراسة الصحة والمرض، ومخرجات سوق العمل، والمسلوك الانتخابى.

مثال على الحراك الاجتماعي

فعلى سبيل المثال، وبالنظر إلى الموقف الافتراضي الوارد فى الجدول التالي، نجد لدينا جداول للحراك البسيط فى مجتمعين، يمكن للرجال فيهما أن يشهدوا حراكاً من الانتماء إلى أصول من الطبقة العاملة أو من الطبقة الوسطى إلى الانتماء (أى الارتقاء) إلى مصاف الطبقة الوسطى أو الاتحدار إلى الطبقة العاملة. وفى المجتمع (أ)، حافظ ثلاثة أرباع الرجال الذين ينتمون بأصولهم إلى الطبقة الوسطى على أوضاعهم الطبقية، فى حين عرف الربع الباقى حراكاً إلى أسفل. وبالمثل، فإن ثلاتة أرباع أولئك الذين ولدوا فى أسر تتتمى إلى الطبقة العاملة، ظلوا على أوضاعهم كأعضاء فى الطبقة العاملة، فى حين نجح الربع فى إنجاز حراك إلى أعلى. فإذا ما قمنا باحتساب نسبة الأرجحية فى حدوث حراك باستخدام المعادلة المذكورة - أى فرص شخص ما مولود فى الطبقة الوسطى فى أن يحافظ على وضعه الطبقى، بدلاً من أن ينتهى به المآل فى الطبقة العاملة، بالمقارنة مع الفرص المتاحة لشخص ولد قى الطبقة العاملة فى تحقيق الحراك إلى مواضع الطبقة الوسطى بدلاً من أن يظل منتمياً إلى الطبقة العاملة (أو بكلمات أخرى، نسبة الأول إلى الثانى)، فإن الحسابات الرياضية البسيطة تظهر أنها فى هذه الحالة بالتحديد تساوى 9 تقريباً. أى أن المنافسة قى الحفاظ على الانتماء إلى الطبقة الوسطى وتجنب المآل فى الطبقة العاملة تشير إلى أن فرص الشخص الذى يبدأ حياته منتمياً إلى الطبقة الوسطى أكبر بتسع مرات من فرص الشخص الذى ينتمى إلى الطبقة العاملة أصلاً فى الصعود إلى الطيقة الوسطى. ومن ثم تعتبر نسبة الأرجحية هذه بمثابة مقياس لفرص الحراك غير المتكافئة للأفراد ذوى الأصول الطبقية المتباينة.


لنقارن الآن بيانات المجتمع (ب) هنا أيضا يظل ثلاتة أرباع الذين ولدوا فى طبقة ما على حالهم، فى حين أن الربع هو الذى يتعرض لخبرة الحراك الاجتماعى. ومع ذلك، ينبغى أن نلاحظ أن الطبقة العاملة هنا أكبر نسبياً بكثير فى المجتمع (ب)، الذى شهد أيضاً تحولات فى البناء الطبقي من جيل إلى جيل كما تشهد على ذلك المجاميع الفرعية للجدول: فالطبقة الوسطى تشكل ٣٣% (3000/1000) من كل الأصول الطبقية، فى حين أنها تشكل حوالى 42% من جملة المصير الطبقى. فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار معدل تدفق ذوى الأصول التى تنتمى إلى الطبقة العاملة إلى الطبقة الوسطى، بالمقارنة بتلك التى يمكن العثور عليها فى المجتمع (أ)، لا تضح لنا أن المجتمع (ب) أقل انغلاقا من المجتمع (أ). فحوالى 40% (500 من بين 1250)من أعضاء الطبقة الوسطى فى هذا المجتمع ذوو أصول تنتمى إلى الطبقة العاملة. وينطبق هذا على 25% (250 من بين 1000) فقط من أولئك الذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى فى المجتمع (أ). وتشير هذه النظرة المباشرة لمعدلات التدفق المطلق وحده أيضاً إلى أن المجتمع (ب) أكثر انفتاحاً. فضلا عن ذلك، فإن الطبقة العاملة أكبر مرتين فى هذا المجتمع، كما أن أعداداً أكبر تشهد حراكاً إلى أعلى. إلا أنه يتبين - كما تدلنا الأرقام - أن فرص الحراك للطبقة العاملة بالمقارنة بتلك الخاصة بأولئك الذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى هى فى الواقع واحدة فى كلا المجتمعين (نسبة الأرجحية فى كلا المجتمعين 9 تقريباً). هذا التناقض الظاهرى هو مجرد نتاج لفشل معدلات التدفق المطلق فى أن تأخذ بعين الاعتبار الفروق البنائية فى حجم الطبقات فى المجتمعين موضع المقارنة.

و لذلك تتيح لنا نسبة الأرجحية فى سياق دراسات الحراك أن ندرك الفرص المقارنة للحراك - بغض النظر عن الكيفية التى قد تتباين بها البنى الطبقية عبر المجتمعات (أو عبر الزمان، أو بين الجماعات الإثنية المختلفة، أو بين النوعين) فقط بسبب العمليات البنائية التى غيرت من الحجم النسبى للطبقات. بكلمات أخرى، تيسر نسبة الأرجحية عقد تفرقة واضحة بين المعدلات المطلقة (أو الكلية الملاحظة) للحراك، والفرص النسبية للحراك (أو السيولة الاجتماعية). وتعد هذه نقطة هامة فيما يتعلق بالأطروحات الخاصة بالمساواة فى الفرص والتى تعتبر مفهوماً مقارناً فى الأساس، نظرا لأنها تشير إلى الفرص المتكافئة بدلاً من الفرص المطلقة للحراك من أى طبقة بعينها. و لذلك، فإذا ما خلقت التغيرات فى الطبقات مساحة أكبر عند القمة، كما حدث على سبيل المثال فى المجتمع (ب)، فإن اهتمامنا ينصب على فرص صعود شخص ما من الطبقة العاملة إلى القمة، مقارنة بفرص شخص من الطبقة الوسطى فى البقاء بهذه الطبقة. ولذلك، يذهب معظم الباحثين إلى أنه من الضرورى أن نتبنى منظورا مقارنا (ومن ثم أسلوب نسبة الأرجحية) لكى نعالج قضايا مثل تلك التى يثيرها مفهوم نظام الجدارة.